المركز السويدي للمعلومات
لدعم الهجرة واللجوء في اوروبا والسويد

تقرير : الشتاء والأسعار في سوريا لا يتحمله المواطن .. الألبسة الشتوية “غير معقولة” و”البالة” فوق القدرة

ليست الحروب وحدها تدمر الشعوب ، ولكن التدهور الاقتصادي وضعف الدخل وسوء الأحوال المعيشية أكثر ضرراُ على حياة المواطنين ، ، في سوريا واحدة من أكبر مأسي العالم ، رغم وجود دول أخرى كثيرة  تعاني ، إلا أن القضية السورية اتخذت أبعاد أخرى كونها بلدا انتقل من الاستقرار للفوضى والدمار خلال سنوات قليلة ، ليكون نصف سكانه بين نازح ومهجر في الداخل والخارج .





شعر طارق (47 عامًا) بالإحباط في أثناء تجوله بين محال الألبسة الشتوية الجديدة و”البالة -المستخدمة ” في أسواق مدينة حلب، فأسعارها تفوق دخله الشهري بأضعاف.

وأوضح طارق، وهو موظف في شركة “كهرباء حلب”،   أن راتبه الشهري لن يُمكّنه من شراء الملابس الشتوية لأي من أبنائه الخمسة، نظرًا إلى ارتفاع أسعارها “غير المعقول”.




وفي ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية الضرورية لكل عائلة، يرى طارق نفسه أمام اللجوء لاقتراض المال لشراء ملابس أولاده، أو تنظيم دور لهم بحيث يشتري في كل شهر ملابس فرد واحد من العائلة، ولكن لا يوجد احد يملك المال لكي يقترض منه طارق !…. لذلك هو ينتظر  ه أي حوالة مالية من أقربائه المقيمين خارج سوريا لإعانته على مستلزمات أولاده، على حد قوله ..حيث أنه يشعر بالإحراج لطلب المال من أقربائه وهم أولاد عمومته!.




بينما كانت أميمة (51 عامًا)  تعتمد خلال السنوات الماضية على شراء الملابس “المضروبة” (فيها أخطاء بسيطة لا تمنع استخدامها) من أصحاب المعامل وورشات تصنيع الألبسة، بأسعار تعادل نصف سعرها الحقيقي 
ولكن لجوء بعض أصحاب المعامل والورشات إلى بيع تلك الألبسة “المتضررة” في الأسواق، خلال السنة الحالية بسبب الأقبال الكبير عليها، جعلها ملابس (مضروبة) بأسعار مرتفعة قد تقارب أسعار الألبسة السليمة التي لا تقدر على شرائها ، لذلك قررت أميمة أن تحجم أيضًا عن هذا الخيار وتفكر في شراء ملابس البالة التي فوجئت بارتفاع أسعارها أيضاً!




وكخيار لا بديل عنه، أوضحت أميمة أنها لجأت إلى تسجيل أسماء عائلاتها لدى إحدى قوائم “الجمعيات الخيرية” التي تعمل على توزيع الألبسة الشتوية كل عام لمحتاجيها. .ز وقالت أن اضطر لقبول الصدقات ( أموال تمنح للفقراء) في الملابس والطعام والمال ..هذا هو الحال الذي وصلت إليه ولا بديل أخر !

 




و تشهد أسواق الألبسة ركودًا وحركة منخفضة من الزبائن، في ظل وصول أسعار الألبسة الشتوية إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يتجاوز سعر الجاكيت الشتوي الرجالي الواحد 150 ألف ليرة سورية.
واعتبر عبد الرحمن (55 عامًا)، صاحب ورشة لتصنيع الألبسة الجديدة في حي الجابرية بحلب، أن التراجع في إنتاج واستيراد الأقمشة هو السبب الرئيس لرفع أسعار الألبسة الشتوية الجديدة، وكذلك انخفاض إنتاجها.

 





أسعار “البالة” ليست أفضل
تشهد أسعار الألبسة المستعملة (البالة) ارتفاعًا عن أسعارها خلال السنوات الماضية، بحسب ما  .

كما تلاحق الدوريات المنتشرة على الطرقات الرئيسة لأسواق مدينة حلب أصحاب “بسطات” ومحال “البالة”، لمصادرة بضاعتهم بحجة “دخولها بشكل غير نظامي”، و”عدم مرورها عبر الجمارك”.

وائل (39 عامًا) صاحب محل لبيع ملابس “البالة” في حي صلاح الدين بحلب، قال لعنب بلدي، إن أسباب ارتفاع أسعار الملابس المستعملة تعود إلى ضمان التجار عدم خسارتهم تكاليف نقلها وإدخالها إلى الأسواق إذا تمت مصادرة أجزاء من الكميات.




وأوضح وائل أن الألبسة المستعملة تدخل بأكياس كبيرة إلى أسواق حلب، عن طريق “مهربين” يستوردونها عبر المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، بسعر عشرة يوروهات للكيلو الواحد.

وأضاف أن حملات الدوريات المنتشرة في الأسواق من الممكن أن تدخل محال “البالة” في أي لحظة، ما قد يسبب “خسارة كبيرة” للتاجر عند مصادرتها، متوقعًا أن تتوقف العديد من محال “البالة” عن العمل، إذا استمرت تلك الحملات بكثرة.

ويشهد المستوى العام للأسعار ارتفاعات متكررة شبه يومية تطال سلعًا ومواد أساسية وغذائية، تضاعف انعدام القدرة الشرائية للمواطنين في مناطق سيطرة النظام.




ويبلغ متوسط الرواتب الشهرية للموظفين في سوريا (في القطاع الخاص والعام) 149 ألف ليرة سورية (32 دولارًا)، بحسب موقع “Salaryexplorer”.

ويلجأ معظم السوريين إلى الاعتماد على أكثر من مصدر لمحاولة الموازنة بين الدخل والمصاريف، وأبرز تلك المصادر الحوالات المالية من مغتربين خارج سوريا، والاعتماد على أعمال ثانية، بينما تستغني عائلات عن أساسيات في حياتها لتخفض من معدل إنفاقها.