
فتاة سويدية تتعرض للاغتصاب وتتم معالجة الجريمة في “جلسة عرفية” على وسائل التواصل!
ظهرت إلى السطح قضية صادمة في شمال السويد أثارت جدلاً واسعاً حول تقاطع القانون السويدي مع التقاليد العرفية وهو نمط غير مرحب فيه في بلد مثل السويد ، وذلك بعد إعلان فتاة سويدية شابة من أقلية الرومر أنها تعرّضت الجماعي على يد ثلاثة رجال من معارف العائلة. لكن القضية لم تسلك المسار التقليدي المعتاد في السويد بتحقيق شرطة ومدعي عام !!، بل تحولت إلى محاكمة عرفية تُعرف باسم رومر كريس تستخدمها أقلية الرومر في حل الجرائم التي تحدث بينهما خارج نطاق القانون والدولة السويدية، وهذه المرة كانت القضية علنية على وسائل التواصل الاجتماعي .
القضية بدأت عندما نشر والد الفتاة، أنجلينا البالغة من العمر 19 عاماً، منشوراً على فيسبوك يدّعي فيه تعرض ابنته جماعي من قبل ثلاثة رجال من داخل مجتمع الرومر. وبدلاً من التوجه الفوري إلى الشرطة، لجأ الأب إلى عقد ما يُعرف بمحكمة “الكريس”، وهي محكمة عرفية تقليدية في ثقافة الرومر، جرت هذه المرة علناً عبر بث مباشر أمام آلاف المشاهدين. وفي أحد مراخل المخاكمة العرفية، ظهرت أنجلينافي بث مباشر على الفيسبوك وهي تبكي وتضع يديها على إنجيل مفتوح، تؤدي القسم بينما والدها يطلب منها أن تروي “الحقيقة أمام الله”، وأمها تهمس في الخلفية بأنها تعرضت فعلاً
.
ورغم المشهد المؤثر، انقسم مجتمع الرومر حول ما حدث. بعض أفراد الجالية، لا سيما عائلات الشبان المتهمين، نفوا وجود جريمة، وادعوا أن الفتاة مارست الجنس بموافقتها. وتم تداول مقطع مصور سابق لأنجلينا وهي ترقص وتضحك مع الشباب كدليل على أنها لم تكن ضحية إكراه.

ولكن المفأجاة الكبيرة أن القضاة في مايعرف جلسة المحاكمة العرفية “الكريس”، بعضهم لهم سوابق في قضايا عنف وشرف وله سجل جنائي لدة الشرطة السويدية، وقالو أنه ورغم سلوك الشبان الثلاثة كان منافياً للأعراف، لكنهم لم يصنفوه ، بل كمخالفة تستحق العقوبة الاجتماعية.

بعد تصاعد الضغط والتوتر، لجأ والد أنجلينا إلى خيار القانون والشرطة السويدية: حيث استمر في التهديد باللجوء إلى الشرطة في بث مباشر، ثم نفّذ ذلك فعلاً، ودعا ابنته للإبلاغ عن أحد المتهمين على الهواء مباشرة. الفتاة أبلغت عن شعورها بالتهديد وعدم الأمان، خاصة في مكان عملها. وبينما كانت الإجراءات القانونية السويدية تبدأ ببطء، أصدرت “محكمة الكريس” أحكامها الخاصة: نفي الشبان الثلاثة من الجالية لمدة عامين، وغرامة مالية تصل إلى 300 ألف كرون تُدفع لوالد الضحية، إضافة إلى 60 ألف كرون كتعويض لعائلات أخرى شعرت بـ”النجاسة الاجتماعية” جراء ما حدث.
ورغم هذه “الأحكام العرفية”، لم تحصل أنجلينا على تعاطف كامل من المجتمع الرومر ، بل أصبحت هدفاً لحملات من النبذ الاجتماعي. بل صرّح أحد قضاة الكريس أن فتاة تمسها ثلاثة رجال “لا يمكن أن تكون زوجة محترمة في المستقبل”. وفي مقابلة لاحقة، صرّحت أنجلينا بأنها وافقت على الظهور في البث من تلقاء نفسها، رغبة في إيصال معاناتها، لا طلباً للفضيحة. لكنها عبّرت عن ألمها من نتيجة التجربة، قائلة إن النظام العرفي لم يوفر لها إنصافاً حقيقياً، وإنها لو عادت بالزمن، لنصحت أي فتاة في موقف مشابه باللجوء إلى السلطات السويدية، وليس إلى “العدالة الاجتماعية” التي “لا تفهم وجع الضحايا”.
القضية أعادت طرح تساؤلات عميقة في السويد حول مدى سكوت السلطات السويدية على وجود منظومة قضائية عرفية موازية للقضاء السويد في الجرائم الكبيرة مثل ؟ خاصة عندما تتحول تلك الأعراف والمحاكمات العرفية إلى أدوات ضغط أو تكميم للضحايا بدلاً من حمايتهم بل وتتعامل بشكل مخالف للقيم السويدية؟ ويتحكم فيها أشخاص بسجل جنائي!!.
الجدير بالذكر أن الرومر، أو الروما، هم أقلية إثنية منتشرة في أوروبا منذ قرون، ويعيش عدد كبير منهم في السويد اليوم، ويشكلون مجتمعاً مغلقاً في كثير من الأحيان، يحتفظ بعاداته الخاصة ويواجه صعوبات في الاندماج الكامل في المجتمع السويدي.