
السويدية “جيني” فقدت ابنها في حادث وتقول: “لا أريد لعائلة أخرى أن تتألم مثلنا. وتقدم النصائح”
في السويد، خيّم الحزن على البلاد بعد وفاة سبعة شباب في حوادث سير خلال أسبوع واحد فقط.
إحدى من يعرفون هذا الألم جيدًا هي السويدية جيني هيدكفيست البالغة من العمر 52 عاماً، من مدينة هوديكسفال، والتي فقدت ابنها في حادث مأساوي.
“كان يوم عيد الأم… ولم يعد”
تتذكر جيني اليوم الذي تغيرت فيه حياتها بالكامل كما لو أنه حدث أمس. كان عيد الأم، وكانت تنتظر ابنها “فيليكس” ليأتي ويحتفل معها. لكن، في الساعة الثانية ظهرًا، بدلاً من ابنها، طرق بابها شرطيان…تقول جيني:
“انهرت على الأرض. شعرت كأنني أصبت بنوبة هلع. زحفت إلى غرفة الجلوس وقلت فقط: ’لا أريد، لا أريد، لا أريد…‘”.
في تلك الليلة كان ابنها، البالغ 16 عامًا، مع مجموعة من الأصدقاء، خرجوا في أول ليلة صيفية دافئة، وكانوا في رحلة “كروزر” (استعراض سيارات). لكن في الساعة الثالثة فجرًا، انقلبت السيارة في بلدة سورفورس خارج سوندسفال. توفي أربعة فتيان كانوا في المقعد الخلفي، من بينهم “فيليكس”. ولا أحد منهم كان يضع حزام الأمان.
حياتها توقفت… لكن رسالتها بدأت
بعد الحادث، دخلت جيني في حالة من الانهيار التام. لم تكن قادرة حتى على التفكير، وتقول إنها كانت تقضي الأيام مستلقية على الأريكة تحدّق في السقف، في دوامة من القلق والحزن.
تؤكد أنها كانت تتوقع دعمًا نفسيًا ورعاية من الجهات الرسمية، لكنها لم تتلقَّ شيئًا لا من السوسيال ولا من الرعاية انفسية ولا الشرطة .. إلا بعد أن طلبت بنفسها المساعدة من المركز الصحي بسبب قلقها الشديد على ندهور وضعها النفسي وتقول أن هذا تقصير كبير من الجهات الرسمية في تقديم الدعم لمن تعرضوا لكارثة عائلية!.”حتى التفكير في ’ماذا يجب ان أفعل وهل يجب أن اتناول الطعام اليوم؟‘ كان حملاً ثقيلاً لا أستطيع تحمله”، .

ورغم أن السائقة التي كانت تقود السيارة – شابة بعمر 19 – حُكم عليها بالسجن لمدة شهرين فقط، لم تشعر جيني بالكراهية تجاهها.واعتبرت أن اللامبالاة والإهمال وسوء الحظ هو السبب ،بل بالعكس، تعاطفت معها، خاصة أنها كانت مصابة إصابة خطيرة هي الأخرى.
تقول: “تخيلت لو كان ابني هو من يقود السيارة… ما كنت لأحتمل الألم”.
من الألم إلى التوعية: جيني تبدأ رحلتها لحماية المراهقين
مع مرور الوقت، ومع بقاء الحزن يرافقها دائمًا، بدأت جيني تحاول تحويل مأساتها إلى رسالة أمل وتحذير للآخرين. ماذا تفعل الآن؟
- أنشأت حسابًا على إنستغرام تشارك فيه تجربتها وتكتب عن السلامة المرورية.
- بدأت بإلقاء محاضرات توعوية في المدارس والفعاليات لتثقيف الشباب وأولياء الأمور.
- تخطط لكتابة كتاب عن قصتها، يتضمّن حقائق مرورية مهمة يمكن استخدامها في مدارس تعليم القيادة.
أهم النصائح التي تقدمها جيني:
- ارتدِ حزام الأمان دائمًا، حتى في المقعد الخلفي علم ابنائك ذلك ويجب أن يكون في السيارات إنذار يمنع استمرار القيادة إذا الحزام الخلفي لا يعمل.
- لا تسكت إذا كان السائق يقود بسرعة زائدة، شجّع أبناءك على أن يقولوا “توقف”.
- لا تستخدم الهاتف أثناء القيادة.
- لا تقُد تحت تأثير الكحول أو المخدرات.
- تحدثوا مع أبنائكم عن المخاطر بقلوب مفتوحة وليس بالأوامر وأطلبوا منهم عدم المشاركة في أي نشاط أو رحلة بالسيارة غير آمنة.
تقول جيني:
“هذا النوع من الموت يمكن منعه. هذه ليست مثل الإصابة بمرض عضال… بل يمكننا إنقاذ الأرواح لو تصرفنا بوعي”.
جيني اليوم… أم مجروحة، لكنها قوية
رغم أن جيني تقول إن حياتها “توقفت للأبد” بعد الحادث، لكنها بدأت تجد معنى جديدًا في تقديم النصائح لحماية الآخرين.
لا زال الألم يسكن قلبها، لكنها تريد من كل أم وكل أب أن لا يعيشوا المأساة التي عاشتها.
تختم جيني حديثها بكلمات موجعة:
“إذا استطعت أن أغيّر تفكير شخص واحد فقط، فذلك يستحق كل شيء… لا أريد أن تعاني أي عائلة أخرى كما عانينا”.