الكومبس أخبار السويدمجتمع

يخسر عمله وتعويضه الشهري 12 ألف كرون.. وإيجار السكن 11 ألفاً: كيف يعيش “خالد” في السويد؟

قد يبدو فقدان الوظيفة أو الإصابة بمرض خطير أزمة مؤقتة في أي بلد، لكنها في السويد قد تتحوّل إلى معركة بيروقراطية مرهقة، خاصة عندما تتعامل السلطات الاجتماعية مع المحتاج على أنه “مشتبه فيه” وليس “شخصاً في حاجة”.




هذا تماماً ما حدث مع “خالد”، اسم مستعار وهو رجل في الأربعين من عمره، كان يقيم ويعمل في مدينة مالمو جنوب السويد  بوظيفة جيدة في شركة خدمات تسويق بم  ويحمل عقداً دائماً منذ عام 2017. ، ولكن في نوفمبر 2024، اكتشف الأطباء إصابة خالد بسرطان في الرأس. وعلى الفور، دخل في برنامج علاجي مكثف شمل جلسات كيميائية أثرت على قدرته على الحركة، وتسببت له بمشاكل في البصر والتنميل في اليدين والقدمين.




ورغم حصوله في البداية على تعويض مرضي من مصلحة التأمين الاجتماعي السويدية  (Försäkringskassan)، إلا أن الأمور بدأت تتعقّد سريعاً. فقد تلقى لاحقاً إشعاراً بوجوب إرجاع جزء من الأموال التي استلمها، لأنها صُرفت له “بالخطأ”، وفقاً للمصلحة حيث كان له تعويضات من الشركة . ولكن خالد يقول أنه وبعد شهر فقط من بدء إجازته المرضية، أعلنت الشركة التي كان يعمل فيها إفلاسها، وفقد علي مصدر دخله بالكامل. وهكذا لم يحصل على تعويضات، ووجد نفسه فجأة في مواجهة مرض خطير، ومن دون وظيفة، ولا دخل ثابت.




السوسيال… والشك في الحاجة

في ظل تدهور حالته الصحية، اضطر  خالد لطلب الدعم من صناديق البطالة ولكن لم يكن مسجل فيها ، وتم توجيه إلى طلب دعم من الشؤون الاجتماعية (السوسيال) لتغطية نفقات المعيشة والسكن. لكنه فوجئ برفض طلبه، والسبب؟ وجود حركة أموال “مشبوهة” في حسابه البنكي.




لكن خالد يوضح أن تلك الأموال كانت عبارة عن قروض بنكية حصل عليها مؤقتاً لتغطية حاجاته الأساسية خلال فترة غياب الدخل، وسددها لاحقاً من مبالغ مستردة من مصلحة الضرائب (Skatteverket). ورغم تقديم جميع الوثائق التي تثبت ذلك، لم تُقبل اعتراضاته.



السكن… أزمة أخرى

بسبب وضعه المالي، اعتبر  السوسيال السويدي أن  إيجار شقته (14,500 كرون) غير مناسب ، واضطر لتسليمها في يوليو 2025. انتقل بعدها للعيش في شقة أصغر ضمن فيلا يملكها صديق له، مقابل إيجار أقل يبلغ نحو 11,000 كرون شامل التدفئة والمياه.




ورغم خضوعه لتقييم طبي في المستشفى يثبت حاجته إلى خدمات الرعاية المنزلية (hemtjänst)، لم يحصل حتى الآن على أي دعم مستقر لتغطية تكاليفه الأساسية. وكل ما يحصل عليه تعويضات ومساعدات تبلغ 14 الف كرون سويدي شهرياً





ويقول خالد:

“لا أطلب أكثر من تغطية تكاليف المعيشة خلال فترة علاجي. لم أتهرّب من العمل يوماً، ولم أطلب دعماً من الدولة من قبل، ولكن حين احتجت فعلاً، قوبلت بالشك والرفض”.

أين تكمن المشكلة؟

قصة خالد ليست استثناءً، بل تمثل نموذجاً شائعاً في السويد:
عندما ينقطع المسار المهني أو الصحي فجأة، يجد الشخص نفسه أمام نظام مساعدات يشكّك فيه بدلاً من أن يسانده، وخاصة إذا ظهرت حركة مالية “غير مفهومة” في حسابه، حتى لو كانت مبرّرة.




والأخطر أن الجهات الاجتماعية في الوقت الحالي في السويد تفترض أحياناً أن لدى الشخص “مدخرات خفية”، حتى لو لم تكن موجودة فعلياً، مما يُعقّد الحصول على الدعم الأساسي الذي من المفترض أن يكون حقاً قانونياً.

ولذلك يجب الانتباه والحذر:

  • المساعدات في السويد ليست مضمونة، حتى في ظل المرض أو الفقدان المفاجئ للعمل.
  • أي حركة مالية غير تقليدية يمكن أن تُفسَّر كدليل على “عدم الحاجة”.
  • هناك فجوة ثقة متنامية بين المواطن والسلطات الاجتماعية، تجعل من طلب المساعدة أمراً مرهقاً ومعقداً.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى