
وقف كامل لمنح الجنسية في السويد: 6 فقط حصلوا على الجنسية في أبريل ولأسباب خاصة
منح الجنسيات أصبح متوقف في السويد في ظل حكومة يمين متشددة في التعامل مع الأصول المهاجرة ، وفي مشهد غير مألوف على الإطلاق، شهد شهر أبريل الماضي تراجعًا حادًا ومفاجئًا في عدد الأفراد الذين حصلوا على الجنسية السويدية عبر المسار التقليدي للتجنيس، حيث لم يُمنح هذا الحق سوى لستة أشخاص فقط، مقارنة بأكثر من 3,000 حالة تمت الموافقة عليها في مارس الذي سبقه.
هذا الانخفاض الحاد لم يكن وليد الصدفة، بل جاء في أعقاب قرار حكومي ببدء تطبيق مجموعة من الإجراءات الأمنية الجديدة، تستهدف تشديد الرقابة والتدقيق في ملفات المتقدمين للجنسية، في خطوة وُصفت بأنها الأشد منذ عقود.
ما الذي تغير؟
ابتداءً من مطلع أبريل، طالبت الحكومة مصلحة الهجرة بتطبيق نظام التحقق الشخصي الحضوري للمتقدمين، أي أن المتقدمين يجب أن يحضروا بأنفسهم لتأكيد هويتهم قبل إصدار القرار النهائي بشأن طلب الجنسية.
لكن المفارقة أن هذه الإجراءات لم تُفعّل فعليًا حتى الآن، بسبب انتظار المصلحة توقيعًا قانونيًا من المدير العام للسماح بالتنفيذ.
وبين انتظار التوقيع وغموض التوجيهات، وجدت مصلحة الهجرة نفسها عاجزة عن البتّ في معظم طلبات الجنسية، ما تسبب في حالة “شلل جزئي” في النظام، امتدت طوال الشهر.
الفئات المتأثرة… وهل هناك استثناءات؟
رغم تأكيدات وزير الهجرة “يوهان فورشيل” في وقت سابق من هذا العام، بأن من يأتون من دول “مستقرة وآمنة” أو حاملي تصاريح العمل لن يتأثروا بالتغييرات، إلا أن الواقع أظهر غير ذلك.
البيانات الرسمية تشير إلى أن جميع الفئات والجنسيات تأثرت دون تمييز. لا استثناءات فعلية تم تفعيلها حتى الآن، بما في ذلك حاملو جوازات السفر البيومترية الذين كان من المتوقع إعفاؤهم من التحقق الحضوري، ولكن النظام التقني المطلوب لذلك لم يُجهّز بعد.
أرقام توضح حجم الفجوة
- في أبريل، حُسمت فقط 6 قضايا تجنيس عادي.
- بينما تمت الموافقة على 1,120 طلبًا عبر مسار “الإشعار”، وهو نظام مبسط يُمنح عادة للأطفال أو لمواطني دول الشمال.
- تمّت الموافقة أيضًا على 65 حالة للاحتفاظ بالجنسية، و57 إعلانًا عن الجنسية لأشخاص بلا وضع قانوني واضح.
أما النتيجة الأخطر، فهي أن نسبة رفض طلبات الجنسية ارتفعت إلى 60%، مقارنة بمعدل طبيعي يتراوح بين 20 و30%، ما يعكس تعطل معالجة آلاف الملفات الأخرى.
هل هو مجرد تأخير إداري أم توجّه سياسي؟
رغم التبرير الأمني الرسمي للإجراءات، يرى كثير من المتابعين أن ما يحدث يتجاوز البعد الفني أو البيروقراطي، ويحمل في طياته نية سياسية لإبطاء وتيرة منح الجنسية إلى أن تنضج التعديلات الكبرى المنتظرة في عام 2026.
تشير مقالة حكومية نُشرت في صحيفة Dagens Nyheter أواخر 2024 إلى خطط طويلة الأجل لإعادة هيكلة قوانين التجنيس، ما يعزز فرضية أن الإجراءات الحالية هي مجرد تمهيد لتلك التغييرات الكبرى.
هل ستتأثر الأهداف السنوية؟
مصلحة الهجرة كانت قد أعلنت في خريف العام الماضي أنها تهدف لإنهاء نحو 87,000 طلب جنسية سنويًا خلال عامي 2025 و2026، معتمدة على تعزيز الطاقم الوظيفي.
لكن وبعد دخول الإجراءات الأمنية حيّز التنفيذ، تم خفض التوقعات إلى 64,000 طلب فقط لهذا العام، و65,000 للعام المقبل، ما يعني أن الحكومة نفسها لم تعد تتوقع الوفاء بالتزاماتها السابقة.
العبء على المتقدمين: أسئلة أعمق وانتظار أطول
إلى جانب التحقق الحضوري، تتضمن التغييرات الجديدة مجموعة موسّعة من الأسئلة التي يُطلب من المتقدمين الإجابة عنها، تتعلق بخلفياتهم الشخصية ومواقفهم وسلوكهم، ما يزيد من تعقيد الإجراءات حتى لمن يستوفون الشروط القانونية للتجنس.
وحسب البيانات، فإن 75% من المتقدمين الذين حُسمت ملفاتهم مؤخرًا انتظروا قرابة عامين (23 شهرًا)، وهي فترة توصف بأنها “غير معقولة”، حتى من قبل جهات رقابية سويدية مثل هيئة الرقابة الوطنية (Riksrevisionen) التي انتقدت في تقرير لها الأداء البطيء لمصلحة الهجرة.
في الختام: ما الذي ننتظره؟
من المتوقع أن يبدأ تنفيذ إجراءات التحقق الحضوري خلال أيام بعد توقيع القرار القانوني، لكن يبقى السؤال:
هل سيؤدي ذلك إلى تسريع الإجراءات لاحقًا، أم أننا أمام مرحلة أطول من البيروقراطية المُعقدة والتأخير؟
الواقع الحالي يعكس حالة توازن هشّ بين الهواجس الأمنية والرغبة في الحفاظ على نظام تجنيس عادل وفعال.
وحتى تتضح الصورة، يظل آلاف الأشخاص – من أسر، ومهنيين، وأطفال – معلقين بين الانتظار، والتأجيل، واللايقين.