
وزير العمل: على المهاجرين العاطلين التوجه للشمال. اذهبوا لقطف التوت بدلاً من انتظار المساعدات
في تصريح أثار نقاشاً واسعاً في الأوساط السياسية والاجتماعية، دعا وزير العمل السويدي يوهان بريتز (Johan Britz) العاطلين عن العمل، وخصوصاً من مناطق تزدحم بالأصول المهاجرة في العاصمة ستوكهولم، إلى الانتقال إلى شمال السويد للعمل في قطف التوت البري بدلاً من الاعتماد على المساعدات وبدلاً من استقدام عمال من تايلاند، في وقت تعاني فيه السويد من نقص في الأيدي العاملة في الشمال، وارتفاع حاد في معدلات البطالة بين المهاجرين في المدن الكبرى.
وفي مؤتمر صحفي في مقر الحكومة السويدية Rosenbad، عرض وزير العمل السويدي إحصاءات مقلقة حول البطالة في صفوف المهاجرين في السويد، موضحاً أن نحو 200 ألف شخص من المهاجرين والسويديين المولودين خارج أوروبا مسجلون في مكتب العمل السويدي، وأن 40% منهم يفتقرون إلى التعليم الكافي للحصول على عمل.
وقال الوزير بنبرة حازمة:
“لدينا عمال عاطلون في مناطق كثير بالعاصمة ستوكهولم مثل منطقة “تنستا”، لكننا نجلب أشخاصاً من تايلاند ليقطفوا التوت في شمال السويد ! هذا فشل سياسي في سوق العمل، ويجب تصحيحه.”
وأضاف أن من واجب العاطلين أن يكونوا مستعدين للانتقال إلى أماكن تتوفر فيها فرص العمل، قائلاً:
“العمل موجود في أماكن أخرى من السويد. إذا لم تجد وظيفة في منطقتك، فعليك أن تكون مستعداً للانتقال شمالاً أو حيث يوجد الطلب على العمالة.”
لكن تصريحات وزير العمل السويدي لم تلقَ ترحيباً في الأحياء التي استهدفها بالحديث. ففي أحد المقاهي في مركز منطقة “تنيسا” Tensta centrum، حيث يجتمع عدد من العاطلين والمهاجرين، قوبلت الفكرة بالضحك أولاً، ثم بالغضب. وقال جعفر (43 عاماً)، وهو مهاجر من التسعينيات في السويد:
“توقفوا عن معاملتنا كالفئران! لقد ناضلت لأصل إلى السويد، وناضلت لأحصل على عمل وأمن واستقرار. لا أحتاج من الوزير أن يعاملني وكأني عالة.”
أما صديقه سمير (44 عاماً)، فقال:
“ليست المشكلة في الانتقال للشمال، بل في النظام نفسه. الناس تحتاج إلى فرص واقعية، إلى تدريب بسيط مع راتب أثناء الدراسة، لا إلى شعارات سياسية.”
وفي الوقت نفسه، يشير عدد من المقيمين في منطقة “رينكبي” و”هوسبي” و”تنستا” وهي مناطق مزدحمة بالاصول المهاجرة في العاصمة ستوكهولم، إلى أن فرص النجاح موجودة عندما تُقدّم برامج تدريب حقيقية ومباشرة نحو العمل فلا يوجد أحد يريد الجلوس بالمنزل ولا استلام المساعدات الهزيلة التي تفرض علينا القيام بعمل “بركتيك -تدريب” . فـ”جعفر” نفسه يعمل اليوم سائق قطار في خط المترو الأزرق بعد أن اجتاز دورة تدريبية لمدة أربعة أشهر نظمتها شركة النقل SL، ويقول جعفر:
“كانوا بحاجة إلى سائقين، فقدموا لنا تدريباً وراتباً بسيطاً أثناء الدراسة، ثم وظيفة مضمونة بعد التخرج. هذا هو الحل، ليس إرسال الناس إلى الجبال لقطف التوت.”
ورغم الانتقادات، تمسك الوزير بموقفه خلال مكالمة مع صحيفة Expressen، قائلاً: “ليس من المعقول أن تبقى الشركات في الشمال تصرخ طلباً للعمال بينما لدينا بطالة عالية في الجنوب. يجب أن يتحرك الناس حيث توجد الوظائف.” وعندما سُئل إن كان من “الجنون” استقدام التايلانديين لجمع التوت، ردّ قائلاً بوضوح: “نعم، إنه أمر مجنون بالفعل.”
لكن سكان منطقة “تنستا” رأوا أن هذه التصريحات لا تعدو كونها كلاماً انتخابياً لجذب الأصوات، وقال جفار غاضباً: “هذا الكلام الفارغ لن يحل شيئاً. لا أحد سيترك عائلته وأطفاله لينتقل إلى نوردلاند لقطف التوت مقابل أجر زهيد.”
وأضاف:
“أبي انتقل إلى الكويت في السبعينات ليعمل هناك، لا مشكلة في العمل في مكان آخر، لكن يجب أن يكون ذلك منطقياً ومجزياً. أما أن يطلبوا من شخص يعيش على المساعدات منذ 20 سنة أن يتحول فجأة إلى عامل توت في الشمال، فهذا وهم.”
القضية التي أثارها الوزير بريتز تسلط الضوء على أزمة حقيقية في سوق العمل السويدي، حيث يعيش آلاف المهاجرين في الضواحي من دون عمل دائم، بينما تبقى مناطق الشمال خالية من الأيدي العاملة في الزراعة، الغابات، والصناعة. ولكن من الصعب أن نذهب لمهاجر يعيش في منطقة منذ 20 عاماً ونقول له أذهب أن وابنائك لمدينة أخرى 1000 كيلومتر لتبدأ حياة جديدة؟ ولكن تبقى الحقيقة أن الجلوس في المنازل وانتظار المساعدات ليس حلاً دائماً.
الفرص موجودة، ولكنها تتطلب شجاعة للتحرك نحوها — حتى لو كانت البداية في عمل بسيط مثل قطف التوت أو العمل في المزارع. فاليوم، لا أحد سيجلب لك العمل إلى باب بيتك، لكن من يخطو خطوة واحدة نحو الشمال، قد يجد طريقاً جديداً نحو حياة أفضل.









