
لماذا يفضل السويديون إنجاب البنات؟ تقرير يكشف اختلاف الثقافات في السويد
أثار تقرير بثّه التلفزيون السويدي SVT جدلاً واسعًا بعد تسليطه الضوء على ظاهرة لجوء بعض الآباء والأمهات في السويد إلى وسائل طبية وتقنية مختلفة لاختيار جنس المولود قبل الولادة. وبينما يُنظر إلى هذه الممارسات من زاوية أخلاقية وطبية، فإنها تكشف أيضًا عن تباينات ثقافية عميقة بين المجتمع السويدي والمجتمعات المهاجرة ذات الأصول الشرقية.
الأخصائية النفسية جيني كليفبوم، التي تعمل منذ أكثر من 25 عامًا مع الأطفال والأسر، أوضحت أن الرغبة في تحديد جنس المولود ليست ظاهرة جديدة، لكنها باتت أكثر وضوحًا مع التقدم العلمي الذي أتاح إمكانية تحقيقها. وتقول:
“في الماضي لم يكن الأمر مطروحًا بقوة، لكن اليوم بات بالإمكان طبياً اختيار جنس الجنين، وهو ما جعل التفضيلات أكثر وضوحًا.”
وفي السويد، تشير دراسات وتجارب اجتماعية إلى أن الرغبة تميل غالبًا نحو إنجاب البنات، على عكس بعض الثقافات الشرقية التي تميل إلى تفضيل الذكور. ويرى خبراء أن هذا الاختلاف يعكس البنية الاجتماعية لكل ثقافة.
فالسويديون، الذين يعيشون في مجتمع يتسم بكثرة العلاقات الزوجية والارتباطات المؤقتة، يعتقدون أن البنات غالبًا ما يبقين على صلة وثيقة بعائلاتهن حتى بعد الانفصال أو تغيير الشركاء. إذ تميل الفتيات إلى العودة إلى بيت العائلة أو طلب الدعم من الوالدين خلال مراحل الأزمات أو عند تكوين أسر جديدة، بخلاف العديد من الذكور الذين يختارون الاستقلالية الكاملة والابتعاد عن الأسرة مع مرور الوقت.
إضافة إلى ذلك، فإن الحمل ورعاية الأطفال في الثقافة السويدية غالبًا ما يُنظر إليه كمسؤولية مشتركة، لكن مع اعتماد الأمهات بدرجة أكبر على دعم عائلاتهن، ما يعزز الرغبة في إنجاب البنات اللواتي يُعتقد أنهن أكثر قربًا واستمرارية في العلاقة مع الأهل على المدى الطويل.
في المقابل، ما زالت بعض الأسر من أصول مهاجرة تفضل الذكور، انطلاقًا من تصورات ثقافية ترى فيهم امتدادًا للعائلة وأسم العائلة.. أو مصدر قوة اقتصادية واجتماعية عندما يكون لديك ابناء ذكور. وهذا ما تصفه كليفبوم بأنه “صورة نمطية قديمة لا تعكس بالضرورة طبيعة العلاقات الأسرية الحديثة ولا نمط الحياة في السويد”.
لكن الأخصائية تحذر من أن ازدياد الرغبة في التحكم بجنس الأطفال لا يعكس مجرد اختلاف ثقافي، بل قد يشير أيضًا إلى نزعة أوسع للبحث عن سيطرة مطلقة على مجريات الحياة، وهو ما قد يترك الإنسان أمام فراغ نفسي أكبر، خاصة مع تزايد معدلات القلق والاكتئاب في المجتمعات الحديثة.
ومن الواضخ ، يفضّل السويديون إنجاب البنات باعتبارهن أكثر تواصلاً وارتباطًا بالعائلة في المستقبل، بينما تظل ثقافات أخرى — خاصة من أصول شرقية — متمسكة بأولوية إنجاب الذكور. في النهاية، يؤكد الخبراء أن قوة العلاقة بين الآباء والأبناء لا تحددها مسألة الجنس بقدر ما تحددها الثقافة، القيم، وتركيبة وشخصية الأبناء .. وطبيعة الروابط الأسرية.