قصص المهاجرين واللاجئين

“حسن” مهاجر في السويد.. سأعود إلى بلدي إذا حصلت على منحة العودة 600 ألف كرون

1.4 مليار كرونة، هذا هو المبلغ الذي خصصته الحكومة السويدية لإعادة المهاجرين إلى بلادهم الأصلية “طوعيا!” ورغم أن هذا الرقم مخصص لحاملي الإقامات في السويد إلا أن شمول حاملي الجنسية السويدي أمر وارد، حيث سوف يحصل الشخص على 350 ألف كرون سويدي أي ما يعادل 40 ألف دولار ، بينما تحصل العائلة بحد أعلى على 600 ألف كرون سويدي … تقرير لصحيفة أكسبريسن السويدية أشار إلى أن المال ربما يكون عامل مهم في ظل الأزمة الاقتصادية وصعوبة المعيشة للمهاجرين وربما يكون محفز لتركهم السويد ..




وفي مشهد في سوق رينكبي الشعبي في العاصمة ستوكهولم، وقبل يومين من نزول الرواتب، وقفت امرأة مهاجرة مسنّة تتأمل ثمرة تفاح في يدها. وفي سلتها ثلاث حبات بطاطس  والقليل من البصل وبعض الطماطم . ترددت قليلًا، ثم أعادت التفاحة إلى كومة التفاح. وقالت “أربع تكفي” ..  . هذا المشهد البسيط يلخص حالة القلق الاقتصادي والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها كثيرون في أحياء مثل رينكبي وتينستا في العاصمة ستوكهولم .. في المقابل تنتشر الأحاديث عن القرار الحكومي الجديد:  أو ما يسمى “منحة العودة الطوعية” (återvandringsbidraget)،  



نقاشات في المقهى

في مقهى صغير داخل المركز التجاري القريب من مركز العاصمة السويدية ستوكهولم، يجلس بعض الرجال كعادتهم، يتبادلون الأحاديث اليومية. القهوة هنا بعشر كرونات فقط، وإعادة التعبئة لها سعر آخر. البعض يسخر من الأخبار، والبعض يعبّر عن استيائه. “سيأخذ الناس المال، وسوف يقولون إنهم عادوا، ثم يرجعون ويعملون بالأسود”، يقول رجل ستيني وهو يهز رأسه.
 ويرد آخر، أب لخمسة أبناء: “أنا موافق أن أعود، لكن أولادي؟ حياتهم كلها هنا. أجسادهم صومالية، لكن عقولهم سويدية”. ورغم أن منحة العودة هي موجهة لحاملي الإقامة إلا أن حاملي الجنسية السويدية يتحدثون عنها وهل يمكن أن تكون مناسبة لترك السويد؟



الحكومة السويدية لم تكتفِ برفع المنحة إلى 350 ألف كرون للفرد و600 ألف للأسرة، بل أقرّت أيضًا تقليص المساعدات الاجتماعية  بمعدل وصل 8 آلاف كرون شهريًا للأسر الكبيرة التي لا يعمل أي من أفرادها.  .. وفي أحد المقاهي، جلس أب لستة أطفال أنهى لتوه نوبة ليلية في النقل. يشرب قهوته ويرسل عبر Swish  مبلغ 25 كرونًا لابنه المراهق. يضحك بمرارة ويقول:
“لو كانت أكثر مليون كرون ربما يمكن التفكير بالعودة. أما 600 ألف؟ لا تكفي. هنا حياتنا في السويد اسهل بكثير، حتى لو كانت العوائد المالية ضعيفة.. فالتعليم والصحة مجاناً وتجد من ينفق على أبنائك”…  زوجته، التي جلبها من الصومال، لم تدخل سوق العمل بسبب ضعف لغتها رغم حضورها دروس الـSFI. والأسرة تسكن في شقة ضيقة من ثلاث غرف، وكل شهر يتحول إلى معركة مالية لإرضاء الأبناء ومنعهم من الانحراف ـ ولكن السويد تمنحهم مساعدات سكن ونقدية أطفال بمبالغ تصل أكثر من 12 ألف كرون شهرياً  رغم أن الأب يعمل ولكن  مساعدات الأطفال والسكن مبلغ رائع.



حسن: “350 ألف تكفيني”

لكن ليس الجميع متفقًا. في بلدية تينستا، يجلس حسن، 48 عامًا، بين أصدقائه.  وهو وصل إلى السويد قبل 34 عامًا لكنه لم يحصل على الجنسية السويدية بعد. يعمل في التنظيف منذ سنوات طويلة. بالنسبة له، منحة العودة فرصة للخلاص:
“350 ألف كرون  أو 600 ألف كرون لعائلتي تكفي. أفتح محلًا  وتجارة  في مقديشو وأصبح صاحب عمل. الجو أفضل، ولدينا نفط الآن. الصومال أغنى. كثيرون سيعودون، حتى بدون منحة”.

لكن رفاقه في المقهى يسخرون من حماسه. ويقول أحدهم:
“أنا أكسب 400 ألف كرون في السنة هنا بين راتب ومساعدات أطفال بجانب تعليم وصحة مجانا ومستقبل مضمون للأبناء. لماذا أعود للصومال مقابل 600 ألفًا فقط؟”، .

تقرير صحيفة أكسبريسن . في الصور حسن يتحدث للصحيفة




أسئلة مفتوحة

رغم أن الأرقام تبدو مغرية   إلا أن معظم من التقيتهم في رينكبي وتينستا متفقون على أن المال وحده لا يكفي لتغيير المصير وترك السويد. إلا لو تضاعف المبلغ مرتين على الأقل … فالخوف الأكبر الذي يتردد بينهم هو المستقبل الآمن في السويد مقارنتاً ببلدهم … ومستقبل الأبناء .. وبين رغبة الآباء بالعودة والخوف من المستقبل .. وبين عدم قبول الأبناء بالعودة.. تظل منحة العودة لا فائدة منها للكثير!  وبين تفاحة في يد مهاجرة مسنة  تعود إلى مكانها في السوق .. وكوب قهوة رخيص في المقهى، يبقى السؤال معلقًا: هل المال وحده قادر على إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، أم أن الروابط الجديدة التي نسجوها في السويد أقوى من أي مبلغ مالي؟ وهل السويد وطن أو ملجأ آمن  للحياة؟




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى