
تقارير: إيران تشعر بالخذلان الروسي.. آخر من يكتشف أن روسيا تتخلى عن أصدقائها وقت الضيق
في خضم التصعيد العسكري ضد إيران، كانت طهران تأمل بدعم حقيقي من شركائها في موسكو، إلا أن الواقع العسكري كشف عن خيبة أمل كبيرة، إذ لم تتلقَّ إيران سوى بيانات تضامن فاترة من الكرملين، في حين كان الخصم الإسرائيلي–الأمريكي يوجّه أقسى ضرباته الجوية لإيران، ويدك ترسانتها النووية، ويصفي قادتها.
فبينما وعدت موسكو مسبقًا بدعم عسكري لا محدود لإيران في أي مواجهة لها مع إسرائيل وأمريكا، اكتفت روسيا بردود خطابية حذرة، دون أي تحرك فعلي، وهو ما فسره مراقبون بأنه رغبة روسية في تفادي التورط المباشر في صراع خطير، خاصة مع سعيها للحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة، رغم التصعيد.
وبحسب تقارير وول ستريت جورنال وتايمز البريطانية، فإن إيران كانت تأمل وتنتظر أن تُشكّل روسيا مظلة حامية لها في مواجهة الضربات الغربية، غير أن الموقف الروسي المتراخي، وتردد بوتين في منح أي مساعدات دفاعية ملموسة، أعادا طهران إلى مربع الحسابات الخاسرة. هذا الغياب العملي للدعم الروسي ربما كان من أهم الأسباب التي دفعت إيران للبحث عن مخرج من المعركة، والقبول بخيار التهدئة قبل أن تنفد ذخيرتها!! والقبول والخضوع لقرارات ترامب وطريقته في إحلال “السلام” – فعدو يقدم عروض سلام مهينة خير من حليف يخذلني حتى الهزيمة.
ورغم أن الشراكة التي أُعلنت رسميًا في الكرملين بين بوتين ونظيره الإيراني، والتي أزعجت أوروبا وأمريكا، لم تترجم إلى أي التزامات دفاعية حقيقية أو مساندة عسكرية، لا في شكل أسلحة متقدمة، ولا في خطوات ردعية ضد الهجمات الإسرائيلية أو الأمريكية. بل إن بوتين نفسه أعرب عن رغبته في “مناقشة حلول للخروج من المأزق”، دون أن يقدم أي التزام ملموس، مكتفيًا ببعض الخطابات الجوفاء.
وذكرت وول ستريت جورنال أن الشراكة بين موسكو وطهران ظلت شوكة في خاصرة المصالح الغربية في أوروبا والشرق الأوسط، وأشارت إلى أن إيران عززت المجهود الحربي الروسي بالذخيرة، وقذائف المدفعية، وآلاف الطائرات المسيّرة والصواريخ، بعد أن أخفقت موسكو في المراحل الأولى من غزوها لأوكرانيا، حتى إن أوروبا وأمريكا اتهمت إيران بفتح خط إمداد لروسيا. ولكن الروس لم يقدموا رصاصة واحدة لإيران في معركتها الأخيرة!
الخذلان الروسي لم يكن وليد اللحظة، بل هو مستمر منذ فترة، حيث إن طهران قد أبرمت صفقة عسكرية كبرى مع موسكو لتوريد طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي منذ شهور، إلا أن التسليم الفعلي اقتصر على طائرات تدريب فقط. وتفاجأت إيران بظهور الرئيس الروسي بوتين في أول أيام الحرب وهو يقول: “إن إيران رفضت عروضًا روسية لبناء دفاع جوي إيراني”! ووفقًا لخبراء تحدثوا للصحيفة، فإن روسيا تجنبت تنفيذ بقية الصفقة بسبب ضغوط من دول خليجية، وأموال الخليج السّاخنة التي كانت قادرة على تغيير قرارات الرئيس الروسي بوتين، بجانب صعوبات داخلية في التصنيع في ظل الحرب الروسية في أوكرانيا.
وفي ظل غياب إشارات دعم من الصين أيضًا، بدت إيران وكأنها تُترك لتواجه مصيرها وحدها، في معركة لا تُشبه تحالفًا، بل تُشبه اختبار عزلة وحرب تدمير. وهو ما يفسر تغير لهجتها السياسية، وقبولها غير المعلن بمسارات التهدئة، بعد أن أدركت أنها تواجه الغرب وأمريكا وإسرائيل منفردة، دون غطاء من الحلفاء.
أحد الخبراء وصف الوضع بوضوح: “روسيا ليست صديقًا يمكن الاعتماد عليه في وقت الحاجة لأي حليف”، فالروس منذ تحالفهم مع العراق في التسعينيات وحتى سقوط صدام حسين، ومع مصر في الستينيات وحتى هزيمة 1967، ومع الأسد الأب والابن وليبيا واليمن الجنوبي، خذلوهم في كل الحروب الكبرى، وهو ما تكرر مع إيران في المواجهة الأخيرة. وبالتالي، فهذه رسالة للإيرانيين للتراجع… وأن الروس ليسوا حلفاء حقيقيين حين تُقرع طبول الحرب!.
المصدر:
المركز السويدي للمعلومات
وول ستريت جورنال
تايمز البريطانية