
السويد جنة اللصوص والمحتالين “الشرطة تفشل في مواجهة الجرائم اليومية والدولة مشغولة بالمهاجرين”
وجهت صحيفة إكسبريسن السويدية واسعة الانتشار ،انتقادات حادة إلى السلطات الأمنية والقضائية في السويد، متهمةً الشرطة بالعجز عن السيطرة على ما وصفته بـ”الانهيار الصامت” في مكافحة الجرائم اليومية، في وقت تنشغل فيه الدولة بموجات التفجيرات والعنف المرتبط بالعصابات وسياسات الهجرة والمهاجرين.
الصحيفة استهلت افتتاحيتها بقصة صادمة أثارت جدلاً واسعًا: رجل سويدي كان جالسًا في إحدى الحافلات عندما أشعل أحد الركاب النار في شعره بلا أي سبب، وسط ذهول الركاب. الحادثة وُثقت بالكامل عبر الفيديو وانتشرت على وسائل التواصل، ومع ذلك أغلقت الشرطة التحقيق دون نتائج.
هذه القصة، تقول الصحيفة، ليست حالة نادرة، بل نموذج متكرر لمئات السويديين الذين يُبلّغون عن حوادث مشابهة ثم لا يحصلون على أي رد أو إنصاف.
وتظهر بيانات من برنامج Uppdrag Granskning في التلفزيون السويدي أن الشرطة في عام 2024 لم تتمكن من حل سوى 11٪ من جرائم العنف ضد الأشخاص، و6٪ فقط من قضايا السرقة، و3٪ من قضايا الاحتيال، رغم تضاعف ميزانيتها خلال السنوات الأخيرة.
لكن وراء الأرقام، كما تقول الصحيفة، تقف عقلية متساهلة داخل المؤسسة الأمنية تُغلق القضايا بالجملة تحت ذريعة “نقص الأدلة”، خصوصًا قبيل العطل الصيفية، لتخفيف ضغط الملفات المفتوحة.
المتاجر.. في مواجهة اللصوص والعجز الرسمي
أحد أبرز مظاهر هذا التراخي يظهر في عالم التجارة المحلية. أصحاب المتاجر في المدن السويدية باتوا في الخط الأمامي لموجة سرقات ممنهجة، تتنوع بين الأطعمة الفاخرة والمنتجات الصغيرة ذات القيمة العالية.
في مدينة Gävle مثلاً، اقتحمت مجموعة من اللصوص أحد المتاجر وسرقت صناديق كاملة من اللحوم المجمدة والمأكولات البحرية باهظة الثمن، لتُباع لاحقًا لمطاعم لا تلتزم بالقوانين.
وفي Malmö، رصدت كاميرات المراقبة مجموعة من الشباب يملؤون عربات التسوق بالسكاكر والعطور والمشروبات ثم يغادرون دون دفع، بينما اكتفى العاملون بالتصوير لأنهم يعلمون أن الشرطة لن تصل قبل فوات الأوان.
حتى في متاجر “إيكا” و“كووب”، أصبحت السرقة اليومية جزءًا من الروتين. أحد أصحاب المتاجر قال إن اللصوص يدخلون بثقة تامة، وكأنهم يعرفون أن العقوبة لن تطالهم.
الصحيفة ذكرت أن نحو 40٪ من أصحاب المتاجر الصغيرة توقفوا عن الإبلاغ عن السرقات، بعد أن فقدوا الإيمان بجدوى البلاغات. بعضهم يقول: “لماذا أضيع وقتي في ملء استمارات الشرطة، وأنا أعلم أنهم سيغلقون القضية خلال أسبوع؟”.
ثقافة “اترك الملف حتى يبرد”
أحد المحققين السابقين في الشرطة كشف – دون ذكر اسمه – أن هناك تعليمات غير معلنة بين بعض الأقسام لتجميد القضايا المعقدة حتى يتم إغلاقها لاحقًا لغياب الأدلة، وهي سياسة غير رسمية يُشار إليها بين العاملين بعبارة “دع الملف يبرد قليلاً”. هذه الممارسات، كما يقول، تحوّل العدالة في السويد من مبدأ مقدس إلى “إجراء إداري” فارغ المعنى.
فقدان الثقة وعودة “العدالة الشعبية”
تختتم إكسبريسن افتتاحيتها بتحذير واضح: استمرار هذا التهاون يهدد بتآكل ثقة المواطنين في الدولة والقانون، ويدفع البعض للتفكير في أخذ العدالة بأيديهم.
وهذا – برأي الصحيفة – خطر أكبر من أي تفجير أو إطلاق نار، لأنه يعني أن المجتمع بدأ يفقد إيمانه بالنظام نفسه، لا بالجريمة فقط.









