قضايا وتحقيقات

السويد تشعر بالقلق.. هل ما زالت الولايات المتحدة شريكاً وحليفاً يمكن الوثوق به؟”

 كشفت صحيفة Svenska Dagbladet أن أجهزة الأمن والاستخبارات والجيش في السويد تخوض منذ أسابيع نقاشات داخلية غير معتادة بشأن كيفية التعامل مع الولايات المتحدة كضامن أمني وحليف استراتيجي، في ظل مؤشرات متزايدة على تغيّر التوجّه السياسي في واشنطن مع وجود إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي يعلن صراحةً عدم تجانسه مع الأوروبيين، وأن مصالح أمريكا قد تتعارض مع مصالحهم. ويأتي ذلك بعد يوم واحد فقط من الخطوة غير المسبوقة التي اتخذتها الدنمارك عندما وصفت الإدارة الأميركية الحالية بأنها “تهديد أمني”، وهي عبارة لم تصدر سابقًا عن أي دولة في شمال أوروبا.




ووفق المعلومات المتداولة داخل الاستخبارات العسكرية السويدية MUST، فإن مؤسستي الاستخبارات الأمريكية CIA ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي FBI باتتا أكثر خضوعًا للتجاذبات السياسية بين السويد وأمريكا، ما يثير شكوكًا واسعة حول قدرة ستوكهولم على الحفاظ على مستوى التعاون الاستخباراتي العميق الذي ميز العلاقة مع واشنطن لعقود. أحد المصادر قال للصحيفة إنه أصبح “من الصعب تخيّل استمرار التعاون السويدي مع الولايات المتحدة بالثقة نفسها التي كانت قائمة سابقًا”.



“سيناريو مقلق” داخل الجيش السويدي

مصدر آخر داخل القوات المسلحة أشار إلى أن النقاشات تجاوزت القلق العام، لتصل إلى مستوى تقييم “سيناريو مزعج” مفاده: هل يمكن للسويد الاعتماد على أن الولايات المتحدة ستقدّم دعمًا عسكريًا حقيقيًا للسويد وإنذارًا مبكرًا في حال أقدمت روسيا على اختبار المادة الخامسة من ميثاق الناتو عبر استهداف دولة مجاورة مثل السويد؟ وهو سؤال لم يكن مطروحًا قبل سنوات، لكنه أصبح واقعيًا اليوم في ظل إشارات واضحة على أن إدارة ترامب لا تهتم بمشاكل الأوروبيين مع الروس.



الخلفية: تحوّل في التفكير الأميركي

ويستند هذا القلق إلى التغييرات الأخيرة في عقيدة الأمن القومي الأميركية، التي قدّمت صورة قاتمة لأوروبا باعتبارها قارة “معرّضة لزوال حضاري” بسبب الهجرة، وأن قادتها ضعفاء، وأن الولايات المتحدة لا يمكنها الاستمرار في الإنفاق لحماية الأوروبيين، في الوقت الذي خففت فيه واشنطن نبرتها تجاه موسكو. وهو تحوّل أثار ارتياحًا داخل الكرملين وقلقًا بالغًا لدى العواصم الأوروبية.




كما أن التصريحات الأخيرة لترامب، والتي هاجم فيها السويد وربط فيها الجريمة بالهجرة، خلقت حالة من التوتر داخل الدوائر السياسية والأمنية في البلاد، لما تحمله من إيحاءات بعدم اعتبار السويد شريكًا استراتيجيًا موثوقًا في نظر القيادة الأميركية الجديدة.




وتؤكد مصادر داخل مؤسسات الأمن السويدية أن المشكلة لا ترتبط فقط بإدارة ترامب الحالية، بل تتجاوز ذلك إلى تحوّل طويل الأمد في البيئة السياسية الأميركية. فعودة ترامب إلى الحكم للمرة الثانية — ولكن غير المتصلة زمنيًا — تُفسَّر داخل أوروبا كدليل على أن الولايات المتحدة قد تشهد مستقبلًا إدارات مشابهة في النهج والرؤية، ما يجعل الاعتماد على واشنطن كحليف غربي مستقر أمرًا محفوفًا بالمخاطر.




هذا التحوّل يضع السويد وأوروبا أمام تحدٍّ جدي: القارة الأوروبية مكشوفة عسكريًا، والجيش السويدي لا يمتلك القدرات الكافية لخوض مواجهة واسعة دون غطاء من قوة عظمى. لكن الأزمة تمتد أبعد، فالدول الأوروبية نفسها — بما فيها ألمانيا وفرنسا — لا تزال تعتمد استراتيجيًا على المظلّة العسكرية الأميركية، ما يجعل التفكير في بديل أوروبي موحّد أكثر إلحاحًا، ولكنه صعب التحقيق في المدى المنظور.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى