
انتقادات للهجرة السويدية لترحيل “طفل وأمه” رغم بقائهم في السويد منذ سنوات طويلة
في السويد تعتبر قوانين الهجرة واللجوء في الوقت الحالي 2025 بمثابة حلقة مفرغة من التشديد مع غياب تام للظروف الإنسانية، حيث تواجه أم “لاجئة” شابة في السويد وطفلها البالغ من العمر سبع سنوات خطر الترحيل إلى إثيوبيا، رغم أن الطفل وُلد على الأراضي السويدية ولم يغادرها يومًا. القضية، التي أثارت جدلاً واسعًا في جزيرة غوتلاند وكشفتها قناة TV4، تحولت إلى موضوع رأي عام في بلدة كلينتهامن التي عاش فيها الطفل سوبير منذ ولادته، حيث التحق برياض الأطفال ثم المدرسة، وبنى شبكة من الأصدقاء والروابط الاجتماعية.
بداية القصة: أم وصلت وهي لا تعرف أنها حامل
نجمة، البالغة 23 عامًا، قدمت إلى السويد سنة 2018 وهي في الخامسة عشرة من عمرها، بعد أن فرت أسرتها من منطقة أوغادين المضطربة في شرق إثيوبيا. تنتمي إلى عائلة كبيرة تتكون من الوالدين وعشرة إخوة، وجميعهم تقريبًا حصلوا لاحقًا على الإقامة الدائمة ثم الجنسية السويدية—باستثناء نجمة وطفلها.

عند وصولها لم تكن تدرك أنها حامل. وُلد سوبير في غوتلاند، ونشأ فيها، ويتحدث السويدية بطلاقة مثل أي طفل محلي، ولم يعرف موطنًا آخر. رغم ذلك، ترى مصلحة الهجرة أن الأم أخفت معلومات معتبرة عن علاقتها بوالد الطفل، وهو ما أدى لاحقًا إلى سحب إقامتها.
نزاع حول وثيقة زواج مشكوك فيها
بعد عام من وجود الأسرة في السويد، تقدّم والد الطفل من إثيوبيا بطلب إقامة على أساس الارتباط العائلي، وأرسل ضمن ملفه وثيقة زواج تفيد بأنه متزوج من نجمة.
هنا اعتبرت مصلحة الهجرة أن الأم لم تكشف المعلومات الصحيحة عند دخولها السويد، وأن الوثيقة تثبت أنها كانت متزوجة سابقًا.
لكن نجمة تؤكد أن الوثيقة مزوّرة، وأن أحد أفراد عائلتها في بلدها الأصلي هو من أرسلها لإجبارها على “تصحيح صورتها” اجتماعيًا بعد كشف حملها. تقول إنها كانت قاصرًا حينها، وأن علاقتها بوالد الطفل انتهت منذ سنوات طويلة، وهو الآن يعيش مع أسرة جديدة.
مع ذلك، رأت مصلحة الهجرة أن تضارب أقوالها يضعف مصداقيتها، وبناءً على ذلك قامت بإلغاء إقامتها ثم إصدار قرار بترحيلها مع ابنها.
رفض الاستئناف: لا ظروف استثنائية
خاضت الأم سلسلة طويلة من الطعون أمام المحاكم، لكن محكمة الهجرة العليا ثبتت قرار الترحيل في مايو الماضي، معتبرة أنه لا توجد “ظروف إنسانية استثنائية” تمنع التنفيذ.
كما استندت السلطات إلى تقرير يفيد بأن مستوى العنف في منطقة أوغادين انخفض في السنوات الأخيرة.
غير أن سكان كلينتهامن يرون القرار مجحفًا، خاصة أن وزارة الخارجية السويدية نفسها تحذر مواطنيها من السفر إلى أجزاء واسعة من إثيوبيا بسبب الأوضاع الأمنية.
تضامن محلي غير مسبوق
بمجرد انتشار الخبر، بدأ الأهالي يتحركون. هانا أولاندر، وهي والدة أحد أصدقاء سوبير، تقول إنها شعرت بصدمة عندما علمت أن الطفل سيُبعد عن المدرسة والمجتمع الذي نشأ فيه.
تسأل بغضب:
“كيف يُرسل طفل وُلد هنا إلى بلد لا يعرفه؟ بلد تحذر الخارجية السويدية من زيارته؟ وكيف ستعيش أم شابة بمفردها هناك؟ هذا غير مفهوم إطلاقًا”.
أطلقت هانا حملة توقيعات جمعت خلال عشرة أيام أكثر من 600 توقيع—وهو رقم كبير بمعايير بلدة صغيرة مثل كلينتهامن—وأكدت أن الناس احتجوا بدافع الإحساس بالظلم، رغم أن كثيرين منهم لا يعرفون الأم شخصيًا.
حقوق الطفل في موضع الانتقاد
يعتقد الأهالي أن مصلحة الهجرة لم تطبق قانون حقوق الطفل بالشكل المطلوب، وهو القانون الذي يفرض أخذ مصلحة الطفل كأولوية في أي قرار يؤثر على حياته ومستقبله.
أما المصلحة، فتؤكد في قرارها أنها أخذت هذا المبدأ بعين الاعتبار “في حدود ما يسمح به القانون”.
خوف من المستقبل
تقول نجمة إنها تخشى أن تجد نفسها مشردة مع طفلها إذا أُعيدت إلى إثيوبيا:
“لا بيت، لا عمل، لا شبكة دعم… أخشى أن ننام في الشارع. في بلدي، العيش كأم عزباء مع طفل خارج إطار الزواج أمر خطير”.
وتؤكد أنها لا تملك أي روابط هناك، وأن العودة قد تعرّضها هي وطفلها للعزلة وحتى العنف.
موعد الترحيل… يتجدد
كان من المقرر تنفيذ الترحيل في 15 نوفمبر، لكن تدخل الأصدقاء والناشطين أدى إلى وقف العملية مؤقتًا عبر طلب “مراجعة تنفيذية”.
الآن حُدد موعد جديد في 28 نوفمبر، ما جعل الأم والطفل في سباق مع الزمن لإنقاذ آخر فرصة للبقاء في السويد.
قناة TV4 أوضحت أنها حاولت التواصل مع ممثل الأم القانوني، لكنه رفض الإدلاء بتصريحات.









