
صحف سويدية: ماذا لو أصبح جيمي أوكسون رئيس وزراء السويد؟ سيناريو لم يعد مستبعداً
لم يعد الحديث عن وصول جيمي أوكسون إلى رئاسة الحكومة مجرد خيال سياسي أو توقعات هامشية. فالرجل يقود اليوم ثاني أكبر حزب في السويد، يملك نفوذاً واسعاً داخل البرلمان، ويلعب دوراً مركزياً في التحالفات اليمينية. ومع اقتراب انتخابات 2026، ومع ثبات شعبية حزبه وتراجع الفارق بينه وبين حزب المحافظين، يبرز سؤال جوهري يتردد بجدية داخل الأوساط السياسية والإعلامية:
ماذا لو كُلّف جيمي أوكسون فعلاً بتشكيل الحكومة السويدية؟
المعطيات على الأرض تجعل هذا الاحتمال وارداً للغاية، خاصة إذا حققت الكتل اليمينية انتصاراً كبيراً، ووجد أوكسون نفسه على رأس التحالف الأقوى برلمانياً.
حين التحق أوكسون بحزب ديمقراطيو السويد (SD)، كان الحزب محسوباً بشكل واضح على بيئة اليمين المتطرف وحركات “تفوق العرق الأبيض”. خلافاً لأحزاب يمينية أخرى في دول الشمال، ظل إرث الحزب محاطاً بسلسلة طويلة من الفضائح والتصريحات العنصرية والعلاقات المثيرة للجدل مع مجموعات متطرفة وحتى مع روسيا.
وكشفت تحقيقات قناة TV4 حول “مصانع الذباب الإلكتروني” للحزب عن ثقافة سياسية تتعامل مع الخصوم باعتبارهم أعداء، سواء كانوا صحفيين أو مؤسسات مدنية مثل لجنة مكافحة معاداة السامية (SKMA).
ومع هذا التاريخ، تبرز المخاوف:
ماذا سيحدث إذا تمكن حزب بهذه الجذور من تعيين رؤساء المؤسسات، والسيطرة على الشرطة والجيش والاستخبارات؟
زعيم يسعى إلى السلطة ولا يتردد في تغيير مواقفه
من الأمور التي يلاحظها متابعو المشهد السياسي أن أوكسون لا يتردد في تعديل مواقفه إن كان ذلك يخدم توسع نفوذه. فقد تراجع عن وعوده المتعلقة بالتأمين ضد البطالة، وغير موقفه بشأن أرباح الشركات الخاصة في قطاع الرفاه الاجتماعي سعياً للحصول على دعم أصحاب النفوذ الاقتصادي.
يقود أوكسون اليوم حزباً كان يُعد “طائفة صغيرة”، ويحوله تدريجياً إلى أحد أقوى اللاعبين السياسيين في السويد.
يمتلك الحزب قدرة تنظيمية عالية، يجيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ويعرف كيف يبدو “مؤهلاً للحكم” أمام الجمهور، مع استمرار تغذية القاعدة المتشددة داخله.
انحراف اقتصادي نحو اليمين… والكلفة على الفئات الضعيفة
اقتصادياً، تحوّل الحزب بشكل متزايد نحو اليمين التقليدي:
– تخفيضات ضريبية كبيرة يستفيد منها الأكثر ثراء.
– مقابل ذلك، ترتفع تكاليف الأدوية على كبار السن.
– وتراجع خطاب “التضامن مع المرضى والفقراء” ليحل مكانه نهج اقتصادي أقرب إلى مصالح رأس المال.
لكن في قلب المشروع السياسي للحزب، تبقى قضية واحدة ثابتة لا تتغير: الموقف من المهاجرين.
فالحزب يدفع باتجاه:
– تشديد قوانين السلوك (vandelskrav).
– إلغاء الجنسية أو سحبها في حالات أوسع.
– مضاعفة برامج “العودة الطوعية”.
– ورسم صورة لمجتمع يريد تقليل وجود مجموعات كاملة منه، لا دمجها.
هذا المنطق يمتد أيضاً نحو قضايا أخرى، حيث يستهدف غضب “الذيل المتشدد” داخل SD مجموعات مختلفة: النسويات، مجتمع الميم، الاشتراكيين الديمقراطيين، الليبراليين، والبيئيين.
الرسالة الأساسية: السويد يجب أن تكون بشكل واحد، ومن لا يخضع لهذا الشكل يجب إسكاته أو التضييق عليه.
حتى أن أوكسون يتحدث علناً عن تعديل قانون حرية التعبير لتقليصه، بينما يدفع أعضاء داخل الحزب نحو إلغاء أو إضعاف قانون “التحريض ضد مجموعات عرقية”.
تحالف مُقلق مع النخبة الاقتصادية
ورغم خطاب الحزب الذي يدعي الدفاع عن “الناس العاديين”، فإن المشروع السياسي للحزب يسير جنباً إلى جنب مع مصالح الشركات الكبرى، لا سيما تلك التي تجني أرباحاً وفيرة من قطاعات الرفاه الاجتماعي الممولة من الضرائب.
النتيجة المتوقعة:
الكسب للأغنياء والخسارة للعمال والفئات الهشة.
هل تستطيع الديمقراطية الصمود؟
السويد دولة قوية ديمقراطياً. لكن التجارب العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تظهر أن أي ديمقراطية قد تتضرر إذا وصل إلى السلطة أشخاص لا يؤمنون بروحها، بل فقط بحرفيتها القانونية.
وصول جيمي أوكسون إلى رئاسة الوزراء يعني – بحسب كاتب المقال – يميناً بلا كوابح، وسياسات تُهدد العدالة والمجتمع المفتوح، ومعالم تغيير جذري في شكل السلطة داخل البلاد. ومع اقتراب انتخابات 2026، يبقى هذا السيناريو قريباً من الواقع… وربما أقرب مما يتوقعه الكثيرون.









