الكومبس alkompisالكومبس أخبار السويد

“أنيا ماليس” تحمل الجنسية السويدية مُنذ 30 عاماً.. وتواجهة قرار بسحب جنسيتها السويدية!؟

قصو أنيا ماليس (Anja Males)، البالغة من العمر ثلاثين عاماً، أصبحت من أكثر القضايا المثيرة للجدل في السويد خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن وجدت نفسها فجأة مهددة بفقدان جنسيتها السويدية التي عاشت بها طوال حياتها، نتيجة خطأ إداري قديم يعود إلى بدايات التسعينيات.

بداية القصة: خطأ بيروقراطي يتحول إلى مأساة إنسانية

وُلدت أنيا في صربيا، ثم وصلت إلى السويد مع والديها وهي لم تتجاوز عشرة أشهر من العمر. بعد أشهر قليلة من وصولها، حصلت على جواز سفر سويدي، وظلت طوال ثلاثين عاماً تُعامل كمواطنة سويدية كاملة الحقوق: درست في المدارس السويدية، عملت في مؤسسات محلية، دفعت الضرائب، حصلت على رخصة القيادة، وسافرت إلى الخارج مستخدمة خمسة جوازات سفر سويدية متتالية دون أي اعتراض رسمي.




لكن المفاجأة حدثت هذا الخريف عندما تقدمت لتجديد جواز سفرها السادس، إذ أبلغتها الشرطة بأن النظام أظهر ملاحظة تفيد بأن جنسيتها السويدية سُجلت بالخطأ عام 1995 بسبب خلل في بيانات مصلحة الضرائب (Skatteverket)، وأنها في الواقع ليست مواطنة سويدية قانوناً.

تقول أنيا: “لم أصدق في البداية. ظننت أن هناك سوء فهم مؤقت. لكن سرعان ما أدركت أنني عالقة في مأزق بيروقراطي حقيقي.”

أنيا ماليس (Anja Males)، 

وبدأت أنيا سلسلة طويلة من المراسلات بين ثلاث جهات حكومية: مصلحة الضرائب، مصلحة الهجرة (Migrationsverket)، والشرطة. كل جهة كانت تُحيلها إلى الأخرى، دون تقديم حل واضح. تصف تجربتها قائلة: “كنت أُعامل كأنني رقم خاطئ في قاعدة بيانات، لا كإنسانة وُلدت هنا وتعيش حياتها بشكل طبيعي.”




وفي الوقت نفسه، تم إبلاغها بضرورة التقدم بطلب إقامة مؤقتة حتى لا تُعتبر “مقيمة غير قانونية”، بينما يتم البت في قضيتها المتعلقة بالجنسية عبر إجراء يُعرف باسم “إعلان الجنسية – Medborgarskapsförklaring”، وهو مسار قانوني يُستخدم في حالات استثنائية لتسوية وضع من عاش في السويد لفترة طويلة ويملك روابط قوية بها.

أول جواز سفر سويدي لـــ أنيا ماليس (Anja Males)،


وقدمت أنيا ملفاً متكاملاً إلى مصلحة الهجرة يشمل شهاداتها الدراسية، عقود عملها، إقراراتها الضريبية، وصوراً من طفولتها، إضافة إلى نسخ من جميع جوازاتها السويدية السابقة، بما في ذلك أول جواز صدر لها وهي في عمر سبعة أشهر. كل ذلك لإثبات أنها جزء من المجتمع السويدي منذ نشأتها، ولم تعش يوماً خارج البلاد.




تقول أنيا بغضب واضح: “أنا أُحاسب على خطأ لم أرتكبه. كنت رضيعة عندما حدث الخطأ، فكيف أتحمل مسؤوليته الآن؟ كيف يمكن أن أُعتبر أجنبية في وطني الوحيد؟”

ومصلحة الضرائب أكدت في بيان رسمي لصحيفة Aftonbladet أن التسجيل الأصلي الذي مُنحت بموجبه أنيا الجنسية كان خطأً إدارياً لم يُكتشف طوال ثلاثة عقود، وأن التحقيق جارٍ لمعرفة كيفية وقوعه. لكنها أوضحت أن مسؤولية اتخاذ القرار بشأن سحب الجنسية أو تثبيتها تقع حصراً على مصلحة الهجرة وليس على مصلحة الضرائب.

أما مصلحة الهجرة، فلم تصدر بعد قراراً نهائياً، لكنها أكدت أنها تراجع القضية بعناية، خاصة أن تصحيح الخطأ قد يؤدي إلى اعتبار أنيا “مواطنة صربية” بحكم والدتها، رغم أن الأم نفسها تحمل حالياً الجنسية السويدية.


رأي قانوني متوقع في القضية

بحسب خبراء القانون السويدي في قضايا الجنسية، فإن المبدأ الأساسي في مثل هذه الحالات هو تطبيق النص القانوني .. ولكن قد يتم النظر في “عدم معاقبة الفرد على خطأ إداري ارتكبته الدولة”، خصوصاً إذا كان الشخص قد عاش طوال حياته 30عاماً كمواطن شرعي دون أن يخفي أي معلومة.
ويرى المحامون أن أنيا قد تملك فرصة قوية للاحتفاظ بجنسيتها السويدية، استناداً إلى المادة 2 من قانون الجنسية السويدي (Lag om svenskt medborgarskap, SFS 2001:82)، التي تتيح استثناءات في حالات الأخطاء الإدارية القديمة التي يترتب عليها ضرر جسيم للفرد.



قضية أنيا   تعكس الوجه البيروقراطي المعقّد للمؤسسات السويدية، حيث يمكن لخطأ رقمي صغير   أن يتحول إلى تهديد مباشر لهوية إنسان عاش حياته كلها كعضو طبيعي في المجتمع… وتقول أنيا في ختام حديثها: “أريد فقط أن أعيش كما كنت، كمواطنة سويدية. لم أطلب أكثر من حقي في أن يُعترف بي كما عرفني الجميع طوال حياتي.  ” القضية لا تزال قيد التحقيق، لكنها تضع أمام السلطات السويدية سؤالاً أخلاقياً وقانونياً عميقاً:
هل يحق للدولة تصحيح خطئها الإداري على حساب حياة إنسانة لم تعرف وطناً غير السويد؟



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى