
“تارة” ناشطة فلسطينية في السويد.. دعت روسيا إلى تحويل السويد لموقف سيارات!
ظهرت خلال الأيام الأخيرة قضية أثارت جدلًا واسعًا في السويد حول الحدود الفاصلة بين حرية الرأي والمسؤولية الأخلاقية في الوظائف التربوية. محور هذه العاصفة الإعلامية هي المهاجرة تارا صباح – Tara Sabah (41 عامًا)، وهي ناشطة في السويد من أصول فلسطينية معروفة في الأوساط المؤيدة لفلسطين خلال حرب غزة، وتحمل تاريخًا من التصريحات النارية ضد السويد وإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي.
قبل عام فقط من الآن وفي 2024 تحديداً ، كانت تارا تعمل كمُدرّسة بديلة في مدرسة إيبا بيترسون – في مدينة غوتنبرغ – Göteborg. لكن سلسلة منشورات قامت بها على صفحته في وسائل تواصل مثل فيسبوك وصفتها وسائل الإعلام السويدية بـ”التحريضية” قلبت حياتها رأسًا على عقب. فقد كتبت “تارة” في إحدى المرات:
“أتمنى أن تتحول السويد بأكملها إلى موقف سيارات على يد روسيا”،

وفي منشور آخر هاجمت الحكومة السويدية بعبارات قاسية، ووجهت شتائم مباشرة للناخبين الذين دعموا أحزاب اليمين مثل حزب ديمقراطيي السويد – Sverigedemokraterna (SD) وحزب الليبراليين – Liberalerna (L). كما انتشرت صورة ” تارة” وهي تحمل السلاح جنبًا إلى جنب مع هذه التصريحات ، فأشعلت الجدل حول كيفية تمكن شخص يحمل هذا النوع من الخطاب العدائي من الحصول على وظيفة داخل مؤسسة تعليمية رسمية .. ولكن “تارة قالت أن السلاح مزيف”
كما قالت “تارة”
«إلى كل من صوتوا للحكومة السويدية المقززة، وخاصة SD وL: أتمنى لأطفالكم وأحفادكم وكل من تحبون معاناة أشدّ من معاناة الفلسطينيين.» وأضافت
«نعود إلى وطننا، لكن أولًا بعد أن ندمر السويد.» تلك الكلمات لم تمر بهدوء. فالإعلام السويدي التقطها، والضغط تصاعد على تارة كونها معلمة في مدرة سويدية ولديها تصريحات كراهية تهدد سلامة الطلاب ، لذلك قررت إدارة المدرسة فصلها فورًا. وانتهى عقدها، وغادرت غوتنبرغ وسط صخب وضجيج سياسي وإعلامي.

من مدينة غوتنبرغ إلى مالمو — القصة لم تنتهِ بعد!
مرت الشهور. وبعيدًا عن الأضواء، تقدّمت تارا صباح بطلب توظيف جديد، هذه المرّة في مدرسة بيرغاسكولان – Bergaskolan التابعة لبلدية مالمو – Malmö. تم قبولها كـمعاونة مدرسية (Lärarassistent)، دون أن تكشف في سيرتها الذاتية أنها طُردت سابقًا من عمل مدرسي لنفس السبب. كل شيء كان يسير بهدوء… حتى ظهرت قصتها مجددًا في وسائل الإعلام.
وانتشرت الأخبار الت تقول : ” بلدية مالمو توظف امرأة دعت لتحويل السويد لموقف سيارات” — وهنا تحركت السياسة. فأعضاء من حزب SD في مالمو هاجموا القرار بشدة، واتهموا البلدية بـ”التهاون مع خطاب كراهية ضد السويديين”. بعض أولياء الأمور بدأوا يكتبون رسائل قلق، والصحافة دخلت على الخط.
إدارة المدرسة، وعلى لسان مديرها ريكارد بيرشون – Rikard Persson، قالت إنها لم تكن على علم بملفها السابق، وإنها فور معرفتها قررت نقلها من العمل مع الطلاب إلى مهام إدارية بحتة.

تارا تتحدث — بين الدفاع والاعتراف
صحيفة Expressen واجهتها بأسئلتها. ردّت “تارة” قائلة:
“لم أذكر عملي السابق في غوتنبرغ. من الطبيعي ألا يذكر الناس الأشياء السلبية في سيرتهم عند التقدم لوظيفة.”
وعند سؤالها عن تصريحاتها حول “تحويل السويد إلى موقف سيارات”، قالت:
“كنت في حالة غضب. أحدهم كتب لي: إسرائيل ستحوّل غزة إلى موقف سيارات… فكتبت أنا ذلك ردًا عليه. لم يكن صحيحًا ولا مناسبًا، لكنني غضبت. هل يُحاسب الإنسان على كل ما يقوله في لحظة انفعال؟”
رغم ذلك، تارا ما زالت حتى أكتوبر الجاري 2025 تنشر عبارات تعتبرها الأحزاب اليمينية “تحريضية”، من بينها وصف الحكومة بأنها “نازية”، ومهاجمة رئيس الوزراء أولف كريسترسون – Ulf Kristersson بعبارات شديدة، بل وكتبت موجهة حديثها للنائب راشيد فريفار – Rashid Farivar (SD): “سنخيفك أكثر أيها المقرف”.
قضية سجلها الجنائي
إحدى النقاط المثيرة للجدل أيضًا هي أنها أدينت العام الماضي 2024 بتهمة “العصيان لأوامر الشرطة” – ohörsamhet mot ordningsmakten، بعد مشاركتها في مظاهرة داخل مركز Nordstan التجاري في غوتنبرغ ورفضها مغادرة المكان بعد تدخل الشرطة.
لكنها تقول بثقة:
“قدمت سجل السوابق المطلوب رسميًا للمدرسة، وهو نظيف. ما تطلبه المدارس لا يُظهر كل الإدانــات، بل فقط تلك التي تعتبر خطرة أو متعلقة بالأطفال.”
الشارع منقسم… والجدل سيستمر
القضية لم تعد فقط عن تارا صباح. بل أصبحت عن ثقة المجتمع في المدارس، وحدود حرية التعبير، ومتى ينتهي تأثير “لحظة غضب” ويبدأ مفهوم “المسؤولية الاجتماعية”.
- البعض يرى أن من ينشر خطابًا عدائيًا ضد المجتمع السويدي لا يجب أن يعمل مع الأطفال.
- والبعض الآخر يرى أن حرية التعبير يجب أن تشمل حتى الآراء المستفزة طالما لا توجد تهديدات مباشرة على الأفراد أو أمن الطلاب.
- وهناك رأي ثالث يهاجم البلدية، ليس بسبب تارا نفسها، بل لأنها لم تجرِ بحثًا كافيًا عن خلفية المتقدمة.
إلى أين تتجه القصة؟
المناخ الآن متوتر. الأحزاب اليمينية تدفع نحو إقالتها رسميًا، والمدرسة تحاول تهدئة الرأي العام بنقلها دون فصل، وتارا تصر على أنها لن تتراجع عن حقها في التعبير… لكنها تعترف أن بعض العبارات كانت خطأ. الشارع السويدي منقسم، والإعلام يتابع، والبلدية تحت الضغط — وكل الأنظار الآن على قرارها التالي.









