
من شاب فقير لملياردير عالمي. قصة مؤسس Klarna كمهاجر في السويد حتى بورصة نيويورك
سيباستيان سييماتكوفسكي – Sebastian Siemiatkowski – مؤسس شركة كلارنا السويدية للحلول المالية ، لم يولد وفي فمه ملعقة ذهب، بل جاء من عائلة مهاجرة محدودة الدخل قادمة من أوروبا الشرقية وبولندا ثم السويد ، عاش سنوات طفولته على المساعدات السوسيال السويدي مع عائلته، واعتاد أن يسمع والده يردد: “لا نستطيع الشراء الآن، ننتظر حتى نهاية الشهر”. تلك الجملة ظلت عالقة في ذهنه لتصبح لاحقاً بذرة فكرة أحدثت ثورة في أنظمة الدفع الإلكتروني.
عام 2005، وهو في الثانية والعشرين من عمره وطالب في كلية ستوكهولم للاقتصاد، شارك سيباستيان مع زميليه فيكتور ياكوبسون ونيكلاس أدالبرث في تأسيس شركة Klarna. البداية كانت بسيطة: توفير وسيلة تسمح للناس بالشراء فوراً والدفع لاحقاً، وهو ما جعل التسوق أكثر سهولة خصوصاً لذوي الدخل المحدود. بمرور الوقت تحولت Klarna إلى عملاق مالي أوروبي، تقدم حلول الدفع المؤجل، والتقسيط، والتحويلات، لتصبح اليوم من أبرز شركات التكنولوجيا المالية في العالم.
ثروة سيباستيان تضخمت بسرعة، ومع بلوغه التاسعة والثلاثين كان قد جمع ما يقارب 40 مليار كرون سويدي. لكن النجاح المادي لم يكن كل شيء بالنسبة له. في عام 2021 قرر التوقف عن اللهاث خلف الأرقام، فتزوج من شريكته السويدية نينا نينكلاوس في حفل بطابع إفريقي وسط غابات كينيا، حيث اختار أن يعيش فترة من حياته بعيداً عن ضغوط الإدارة، يتجول بين الأسود في السافانا ويستمتع بالحياة البسيطة. زوجته أطلقت منصة خيرية رقمية في كينيا، مستلهمة نموذج Klarna ولكن بروح تضامنية شبه مجانية.
ورغم هذا التوجه نحو الهدوء الشخصي، لم ينفصل سيباستيان عن عالم المال والأعمال. ففي 2025 أدرجت Klarna في بورصة نيويورك بقيمة تجاوزت 140 مليار كرون، لتثبت أنها لاعب عالمي بامتياز. الشركة تحمل ترخيصاً مصرفياً سويدياً لكنها مسجلة في بريطانيا، بينما تتوزع أكبر أسواقها بين الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، ويملك الأجانب أكثر من 70٪ من أسهمها.

سيباستيان، ابن مدينة سوندسفال ونشأة أوبسالا، لم يخف اعتزازه بهويته السويدية. فقد رد بقوة على تصريحات قيادية في حزب سفاريا ديمقارطنا المعادي للمهاجرين في السويد شككت في “ القيم السويدية والانتماء” لدى أبناء المهاجرين، مؤكداً: “أنا سويدي بكل ما تحمله الكلمة، سواء من جذوري البولندية وأوروبا الشرقية أو من طريقة حياتي وتقديري للبسطاء”. بالنسبة له، الهوية السويدية ليست شعارات سياسية بل ثقة بالمجتمع والدولة، والاستمتاع بأبسط لحظات الحياة كالعطلات في كوخ خشبي وقراءة الكتب بعيداً عن الضجيج.
اليوم، وفي عمر الـ 43، يقدم سيباستيان نفسه نموذجاً ملهمًا لرواد الأعمال الشباب: العمل الشاق، كما يقول، كان طريقه نحو النجاح، إذ عمل 80 إلى 90 ساعة أسبوعياً في سنوات التأسيس الأولى، لكنه يضيف أن للحظ نصيباً لا يُستهان به. مستشهداً بكلمات نجم التزلج إنغيمار ستينمارك: “كلما تدربت أكثر، كان حظي أوفر”.
بين شغفه بالنجاح المالي وحلمه بحياة حرة تحت شمس كينيا، وبين دفاعه عن هويته السويدية وسط نقاشات سياسية محتدمة، يظل سيباستيان سييماتكوفسكي صورة حية للشاب الذي حوّل معاناة طفولته إلى قصة نجاح عالمية.
إقراء أيضاً
مؤسسة Klarna شاب سويدي من عائلة بسيطة لــ ملياردير يعيش ويتزوج في كينيا