
ابتداءً من 13 عامًا. الطفل في السويد يُشارك بقرار سحبه من السوسيال وله القرار في عُمر 15
في السويد، تُعد قضايا رعاية الأطفال القسرية من أكثر الملفات حساسية وتعقيداً، خصوصًا عندما يتدخل قانون الرعاية القسرية المعروف بـ LVU، الذي يتيح للسلطات سحب الطفل من أسرته إذا اعتُبر وجوده في المنزل يشكل خطرًا على سلامته النفسية أو الجسدية، سواء نتيجة الإهمال أو العنف أو بيئة غير مستقرة.
القانون السويدي يُستخدم في حالات عديدة، منها ما يتعلق بتعرض الطفل لسوء معاملة أو استغلال، أو بسبب تورطه في سلوكيات خطيرة، كالإدمان أو الجرائم المتكررة. ومع أن الهدف المعلن من هذا القانون هو حماية الطفل، فإن تطبيقه يثير تساؤلات وانتقادات، خاصةً من العائلات المهاجرة التي ترى أحيانًا أن قرارات السحب تُبنى على سوء فهم ثقافي أو ديني، دون منح العائلة فرصة حقيقية للدفاع عن نفسها.
فاطمة.. قصة فصل طويل من الانتظار
في واحدة من هذه القصص المؤلمة، تتحدث أم عن ابنتها التي أُخذت منها منذ أكثر من 5 سنوات. تتذكر اللحظة التي نظرت فيها الطفلة من داخل سيارة السوسيال تظن أن والدتها ستلحق بها خلال دقائق. لكن تلك “الدقائق” امتدت لعامين. الطفلة الآن تجاوزت السادسة عشرة، وما زالت تحت رعاية الدولة، ولا يسمح لوالدتها حتى بالحديث معها صوتياً. ورغم وعود الجهات الاجتماعية بأن الفصل سيكون مؤقتاً، فإن الواقع أثبت عكس ذلك.
القضية بدأت عندما فسّرت السلطات خلافات عائلية على أنها “عنف شرف”، وهو تصنيف يجعل التعامل مع العائلة أكثر حساسية وصعوبة، حتى إن أي تفسير ثقافي يصبح غير مقبول قانونياً. وبالرغم من تعاون العائلة منذ البداية، فإن الطفلة بقيت تحت الرعاية، واستمر الفصل دون محاكمة علنية أو أدلة دامغة، بحسب رواية الأم. ولكن الواقع مختلف فالقوانين تسمح للأبنة بالعودة لعائلته إذا اصرت على ذلك بعد عمر 15 عاماً ولكن من الواضح أن الأبنة لا تريد العودة ربما تلقت الكثير من المعلومات الموجهة من موظفي السوسيال أثرت على قراراها ..
متى يُسمع صوت الطفل؟
شهدت السنوات الأخيرة تحوّلاً قانونياً مهماً في السويد، إذ أصبح من الضروري أخذ رأي الطفل بعين الاعتبار إذا بلغ سن 13 عاماً. فالمحكمة تستمع مباشرة إلى ما يقوله الطفل، وليس فقط إلى تقارير قانونية تُعد بالنيابة عنه. أما إذا تجاوز الطفل 15 عامًا، فلا يمكن سحبه قسرًا من عائلته أو نقله إلى الرعاية القسرية بدون موافقته الصريحة، إلا في حالات استثنائية تتعلق بسلوكه كالعنف، السرقات، التهديد، أو الإدمان، وهي ما تُعرف غالبًا بحالات “SIS”.
ومع ذلك… لا تُلبّى كل الرغبات
ورغم هذا التغيير القانوني الذي يمنح الطفل صوتًا مسموعًا، إلا أن الواقع يظهر وجود الكثير من الحالات التي يرفض فيها السوسيال والمحاكم عودة الطفل لعائلته، خصوصاً إذا كان دون سن 15 عامًا. حتى لو عبّر الطفل عن رغبته الصريحة بالعودة، فإن القرار النهائي قد لا يكون بيده. ويزداد الأمر تعقيداً إذا كان الطفل دون 13 عاماً، حيث لا يُعتبر رأيه ملزمًا قانونياً بل لا يأخذ بكلامه قانونياً ولا الاستمتاع لها إن كان دون الــ13 عاماً.
هذه الحالات تُنشر بكثرة في الإعلام السويدي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما توصف بأنها “فقدان كامل للآباء لأبنائهم”، ما يترك جروحًا نفسية عميقة لدى الأهل، ويحوّل حياة الأسرة إلى صراع طويل مع الزمن والقانون. ومن المؤسف أن بعض هذه القضايا تستمر لسنوات، يعتاد فيها الطفل على بيئته الجديدة، وقد تتغير شخصيته وعلاقته بأسرته لدرجة يصبح معها غير راغب في العودة حتى عندما يُمنح الخيار القانوني لذلك في عمر 15 عاماً.
فعلى سبيل المثال، ظهرت مؤخراً قضية لطفل سُحب من عائلته في سن 7 سنوات، وبعد 10 سنوات من الرعاية البديلة، أصبح لا يتحدث اللغة الأم لعائلته، ولا يتذكر تفاصيل حياته السابقة، ورفض العودة نهائياً، رغم محاولات الأم والاب المتكررة، ومع أنه اقترب من سن 18 اليوم، لم يُظهر أي رغبة في العودة لعائلته. ولكن وفقاً لدراسات فإن المراهقين قد يعودوا لعوائلهم بعد عمر 15 عاماً برغبتهم غذا وجدوا أن العائلة في وضع اجتماعي ومعيشي عالي ورفاهية حياة حيث يكون المراهق أمام تفصيلات معيشية يختار وقتها الأفضل!
حالات أخرى مشابهة
من بين الحالات المسجلة في أرشيف القضايا السويدية، قصة طفل يبلغ من العمر 14 عامًا، هرب من دار الرعاية بعد معاناة طويلة مع الإهمال هناك، وعاد إلى منزل عائلته. عند عودته، اتبعت العائلة الإجراء القانوني الصحيح بإبلاغ السوسيال، الأمر الذي ساعدهم في التفاوض على إبقاء الطفل في المنزل بشروط مراقبة ، ولكن من الصعب على العائلة إعادة الطفل للسوسيال عندما يلجا الطفل لوالديه وهنا المشكلة في تدبير اتفاق بين الطفل والعالئة يضمن قرار حكيم.
وفي حالة أخرى، فتاة تبلغ 15 عامًا، هربت إلى بيت أقاربها بعد تعرضها لسوء معاملة نفسية في بيت العائلة الحاضنة. الفتاة عبّرت بوضوح عن رفضها العودة، وقدّمت شهادتها للمحكمة، التي قررت إنهاء الرعاية القسرية والسماح بعودتها التدريجية إلى حضن أسرتها الأصلية، مع متابعة اجتماعية.
ما الذي يحدث عند الهروب من الرعاية؟
إذا غادر الطفل مكان الرعاية القسرية وعاد إلى منزله، فإن على العائلة إبلاغ السوسيال فوراً. عدم القيام بذلك قد يُعتبر تواطؤًا قانونيًا، ويؤدي إلى عواقب وخيمة. لكن العكس صحيح: إبلاغ الجهات المختصة يضع الأسرة في موقف قانوني إيجابي، وقد يؤدي إلى تسوية تسمح بعودة الطفل تحت إشراف ومراقبة.
دوافع مالية تُغيّر المشهد
ليس العامل الإنساني فقط ما يدفع بعض البلديات إلى مراجعة قرارات الرعاية، بل العامل الاقتصادي أيضاً. فالرعاية القسرية تكلف البلديات السويدية أموالاً طائلة، ما يجعل خيار عودة الطفل إلى عائلته – إن كان آمنًا – خيارًا أفضل للجميع، بما فيهم الدولة.
ما يمكن فعله
توصي الجهات القانونية العائلات التي تواجه قرارات رعاية قسرية بالتعاون الكامل مع السوسيال، وتقديم طلبات رسمية للمحكمة لإعادة النظر في القضية. هذه الخطوات تفتح المجال لإعادة تقييم القضية بشكل محايد، وتعطي الطفل الحق في التعبير عن رأيه وموقفه.
الخلاصة
كل قضية سحب تختلف عن غيرها، لكن تظل هناك قواعد عامة تحدد المسار القانوني. صوت الطفل يصبح مؤثراً بعد سن 13، وحاسماً بعد سن 15، وحُراً بالكامل عند بلوغه سن 18، حيث لا يملك أحد منعه من العودة إلى عائلته إذا رغب. غير أن الواقع قد لا يكون بهذه البساطة، فمرور السنوات قد يُغير كل شيء، بما في ذلك مشاعر الطفل وعلاقته بجذوره.