
100 من الأصول المهاجرة يؤسسون حزب الاتحاد السويدي. تجربة نيانس الإسلامي بزي علماني!
تشهد الساحة السياسية السويدية عودة لافتة للنائب المستقل جمال الحاج، الذي يتصدر مبادرة سياسية جديدة لتأسيس حزب يحمل اسم “الاتحاد” (Enighetspartiet). هذا التطور يعيد إلى الواجهة النقاش القديم حول الأحزاب ذات الخلفيات المهاجرة، والذي أُثير بقوة خلال الانتخابات البرلمانية السابقة في 2022، حين أُعلن عن تأسيس حزب “نيانس” من قبل نشطاء من أصول مهاجرة ذات مرجعية إسلامية، وتحديدًا من أصول تركية عربية صومالية.
في ذلك الوقت 2022 ، حذر سياسيون ونشطاء من خلفيات مهاجرة، من بينهم جمال الحاج نفسه، من خطورة تفتيت أصوات الناخبين المنحدرين من أصول مهاجرة، ولا سيما المسلمين، لصالح أحزاب صغيرة غير قادرة على تحقيق اختراق انتخابي حقيقي. وانتُقد حزب “نيانس” حينها لأنه تسبب، بحسب مراقبين، في تشتيت الكتلة الانتخابية المهاجرة، ما أضعف من وزنها الانتخابي، وساهم في خسارة الأحزاب التقدمية كالاشتراكيين الديمقراطيين واليسار، لصالح كتلة اليمين السويدي، والتي تضم قوى متشددة أبرزها حزب ديمقراطيو السويد المعروف بموقفه المعادي للهجرة والإسلام.
اليوم، يعود الحاج ورفاقه بنفس الفكرة ولكن بصيغة أكثر نضجًا وانفتاحًا، حيث يشير في تصريحاته إلى أن الحزب الجديد لا يستهدف فئة معينة، بل يسعى إلى تقديم “بديل عملي جامع لكل السويديين”، مبني على قيم المجتمع السويدي المشتركة . ويضم الحزب التأسيسي شخصيات من خلفيات دينية وثقافية متعددة، من يهود ومسيحيين ومسلمين وعلمانيين ولا دينين، ما يعكس محاولة لكسر الصورة النمطية عن الأحزاب “المهاجرة”.
إلا أن هذه المبادرة لم تمر دون إثارة التساؤلات مجددًا، خصوصًا أن من يقف خلفها نفس الأشخاص الذين حذروا في السابق من تكوين حزب جديد بخلفية مهاجرة سيعمل على تفتيت الكتلة الانتخابية لذات الأصول المهاجرة في السويد. كما أن الحاج أطلق حزبه الجديد بعد خروجه الإجباري من حزب الاشتراكيين الديمقراطيين، نتيجة سلسلة من الأزمات، أبرزها ظهوره في لقاءات مع شخصيات مرتبطة بحركة حماس، ورفضه التخلي عن مقعده في البرلمان بعد مطالبات حزبية، ما أدى إلى خروجه من عضوية الحزب الاشتراكي السويدي وتحوله إلى نائب مستقل.
تأسيس حزب “الاتحاد” يأتي، إذن، وسط سياق سياسي سويدي معقد: تصاعد فيه الخطاب اليميني المتشدد في السويد، وتراجع ثقة المهاجرين بالأحزاب التقليدية، وحاجة واقعية لصوت يعبر عن هموم شريحة واسعة من المجتمع، دون أن يجرها إلى العزلة السياسية أو إلى إضعاف تأثيرها الانتخابي ولكن هل الأحزاب الجديدة الصغيرة الفئوية بديل صحيح !!! .
وبينما يؤكد جمال الحاج ومؤسسو حزب “الاتحاد” أن هدفهم هو طرح مشروع حزب سويدي يتجاوز فكرة المهاجرين والهويات الضيقة، فإن التحدي الأهم يظل في قدرتهم على توحيد أصوات الناخبين من أصول مهاجرة، دون الوقوع في فخ التكرار لتجربة “نيانس” التي اعتُبرت سابقًا محاولة فاشلة لم تحقق أي تأثير سياسي ملموس، بل وُجهت إليها انتقادات حادة لكونها تأسست على خلفية دينية إسلامية صرف.
والآن، يطرح السؤال نفسه: إذا نجح “حزب الاتحاد” في جذب أصوات من الناخبين المهاجرين هل هذا كافي ؟ هل يمكن أن يتم قبول حزب الاتحاد من قبل الناخب السويدي “الأصلي عرقياً” – خصوصًا من أبناء الطبقة الوسطى السويدية الأصل – ليس من أجل منح الأصوات فحسب بل من أجل منح حزب الاتحاد الشرعية بإنه حزب وطني سويدي وليس حسب فئوي مثل نيانس قائم على صوت لمجموعة من المهاجرين الغاضبين!
في كل الأحوال السويد مقبلة على انتخابات جديدة في 2026، ويبدو أن تجربة “حزب الاتحاد” ستكون تحت المجهر، ليس فقط من حيث مضمونها، بل من حيث أثرها المباشر على الخريطة السياسية وتحالفات القوى المؤثرة داخل البرلمان. وهل يمكن أن تحصل على الشرعية الجماهيرية كحزب سويدي لجميع السويديين!؟