قضايا وتحقيقاتقضايا ومقالات

مسؤولة كبيرة في الحكومة السويدية تشتري أسهماً في شركة ساب قبيل صفقة أسلحة بالمليارات

14/5/2025

 يبدو أن السويد، المعروفة بصرامتها في الشفافية ونزاهة مؤسساتها، تعاني من ظاهرة تتكرر بوتيرة مقلقة داخل دوائرها الحكومية: مسؤولون يستفيدون من معلومات داخلية لشراء أسهم قبل صفقات كبرى، ما يفتح باب الشكوك حول تضارب المصالح واستغلال النفوذ.




أحدث حلقات هذا السلوكما تم الإعلان عنها اليوم ، حيث قامت ديانا يانسه (Diana Janse)، نائبة وزير الخارجية السويدي وعضو حزب المحافظين الحاكم (M)،   بشراء أسهم في شركة “ساب Saab” لصناعة الطائرات الحربية، قبل يوم واحد فقط من إعلان السويد عن صفقة بمليارات الكرونات مع المجر لتوريد طائرات JAS Gripen.




وكان أُعلن من العاصمة المجرية بودابست عن توقيع اتفاق ضخم بين السويد والمجر، يشمل بيع أربع طائرات مقاتلة من طراز “Gripen” بقيمة تصل إلى ملياري كرون سويدي، في خطوة رُوّج لها باعتبارها “نجاحًا دبلوماسيًا وصناعيًا” يدعم مسار انضمام السويد إلى الناتو. لكن المفاجأة كانت في أن يانسه اشترت أسهمًا في شركة Saab قبل هذا الإعلان بيوم واحد فقط، وبسعر منخفض (193 كرون للسهم). وبعد الصفقة، ارتفع سعر السهم إلى أكثر من 420 كرون، أي بزيادة تقترب من 120%، ما يرجّح أنها حققت أرباحًا كبيرة بسرعة، مستفيدة من معلومات غير معلنة حينها.



  تكرار مثير للقلق

ما يجعل هذه القضية أكثر خطورة هو أنها ليست الأولى من نوعها. بل تكررت مع وزراء ومسؤولين آخرين:

  •  وزيرة الخارجية الحالية ووزيرة الهجرة السابقة،  ماريا مالمر ستينرجارد كانت قد واجهت انتقادات حادة بعد شرائها أسهماً في شركة لصناعة الأسلحة عقب معرفتها بقرب توقيع صفقة عسكرية مع نفس الشركة.
  •  وزير العمل السويدي، كان موضع جدل بسبب امتلاكه أسهماً لم يُصرّح بها في تقريره المالي، وهو أمر يخالف القوانين الحكومية للشفافية.
  •  وزير التعليم أيضاً، أخفى قيامه بشراء أسهم في شركات تقنية، دون الإفصاح عنها، ما اعتُبر تجاوزًا للأطر الأخلاقية المنصوص عليها.




  ماذا تقول القوانين؟

وفقًا للتشريعات السويدية (وتحديدًا التوجيهات الحكومية من عام 2018)، يُمنع بشكل صريح على أي موظف حكومي لديه معلومات “مؤثرة على سعر الأسهم” أن يقوم بأي تعامل مالي قبل أن تصبح هذه المعلومات عامة. كما أن شركة Saab نفسها لديها لوائح تنظيمية صارمة لمنع التداول بأسهمها أثناء التحضير لصفقات كبيرة. حيث يتم إنشاء “قائمة داخلية” (Insiderlogg) تضم الأفراد الممنوعين من التداول، من بينهم المدراء، الموظفون، والمستشارون.




لكن السؤال هنا: هل تُطبق هذه القوانين على الجميع فعلاً؟ أم أن بعض المسؤولين يجدون ثغرات لتجاوزها؟

الأستاذ كلاس ساندغرين، أستاذ القانون بجامعة ستوكهولم والرئيس السابق لمعهد مكافحة الفساد، علّق على قضية يانسه قائلاً:

“أي تعامل مالي باستخدام معلومات داخلية يُعد أمرًا غير أخلاقي ومرفوض قانونيًا. من المفترض على المسؤولين الحكوميين أن يبتعدوا تمامًا عن مثل هذه الأفعال، لأنها تهدد ثقة الناس بمؤسسات الدولة.”

 ولذلك ما نراه اليوم ليس فقط قضايا فردية بل مؤشرات على ثغرات خطيرة في الرقابة على المسؤولين. فكل مرة تتكرر فيها مثل هذه الحوادث، يُطرح السؤال عن مدى اختلاط المصالح العامة بالمصالحة الشخصية.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى