تقارير المركز السويدي للمعلومات SCI

تظاهرات كبرى بمدن أوروبية. مقابل غياب شبه كامل في الشارع العربي تجاه أزمة غزة

رصدت وسائل إعلام سويدية تصاعد التظاهرات المؤيدة لكسر الحصار عن غزة وتراجعها أو اختفائها في منطقة الشرق الأوسط ، وسائل إعلام سويدية أشارت في تقارير لها عن هذا التصعيد غرباً قائلة : أنه في الوقت الذي تشهد فيه مدن أوروبية وغربية حراكًا شعبيًا متواصلًا وصاخبًا، للمطالبة بكسر الحصار المفروض على غزة ومعاقبة إسرائيل، يبدو أن الشارع العربي والإسلامي يعيش حالة من الغياب شبه التام عن المشهد، وهو أمر يثير الكثير من التساؤلات.




ففي أوروبا، تتواصل منذ أسابيع مظاهرات حاشدة في عواصم ومدن رئيسية، حيث خرجت أعداد ضخمة من المواطنين في لندن، باريس، برلين، مدريد، ستوكهولم، وأمستردام، رافعين شعارات تطالب بإنهاء الحصار ووقف الجرائم الإسرائيلية. وفي بريطانيا على سبيل المثال، شهدت لندن أكبر مسيرة داعمة لفلسطين منذ بداية الأزمة، فيما نظمت فرنسا عدة وقفات ومسيرات شارك فيها سياسيون معارضون ونشطاء حقوقيون وفنانون معروفون. وفي ألمانيا، ورغم القيود القانونية على التظاهر المؤيد لفلسطين، خرج الآلاف في برلين وهامبورغ مطالبين بإنهاء المجازر في القطاع. كذلك، في إسبانيا وإيطاليا واليونان، كان هناك حضور شعبي لافت وتضامن واضح، وصل إلى حد الضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف أكثر حزمًا تجاه إسرائيل.




ولم يقتصر الأمر على الشارع فقط، بل دخلت شخصيات فنية ورياضية وإعلامية غربية على خط التضامن، عبر تصريحات علنية ومشاركة في الفعاليات، بل والمساهمة في حملات تبرع وجمع مساعدات إنسانية. كما برزت مبادرات فردية وجماعية لكسر الحصار، من بينها تحركات الناشطة البيئية السويدية الشهيرة غريتا تونبرغ، التي قادت حملات رمزية وسفينة تضامنية في محاولة لإيصال المساعدات لغزة.




وفي المقابل، يبدو المشهد العربي والإسلامي على النقيض تمامًا. فباستثناء بعض التحركات المحدودة، مثل المظاهرات التي خرجت في صنعاء باليمن، لا يُرى أي نشاط شعبي واسع أو فعال. والمثير للاستغراب أن بداية الأزمة في أكتوبر 2023 شهدت نشاطًا عربيًا أكبر من الوضع الحالي، سواء في الدعوات إلى المقاطعة الاقتصادية، أو تنظيم المظاهرات، أو حملات التبرع. أما اليوم، ورغم أن الوضع الإنساني في غزة وصل إلى مرحلة الإبادة الجماعية مع حصار خانق، وصور قاسية للجوع والمجاعة التي أقرت بها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، فإن الشارع العربي يبدو غائبًا.

تظاهرات لمواطنين في ستوكهولم -السويد





ويرى بعض المراقبين أن هذا الغياب قد يكون مرتبطًا بحسابات أمنية وحساسية سياسية لدى الأنظمة العربية، تجعل من التحرك الشعبي أمرًا معقدًا أو محفوفًا بالمخاطر، خاصة في ظل الأوضاع الداخلية في عدد من الدول. لكن المدهش أن هذا الصمت الشعبي يتزامن مع نشاط حكومي غربي – ولو متأخر – في المجال السياسي والدبلوماسي، للضغط على إسرائيل، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول أسباب الغياب العربي.




والأكثر إثارة للجدل، أن العديد من الدول العربية والإسلامية تشهد في صيف 2025 موسمًا غير مسبوق من الحفلات الغنائية والمهرجانات الفنية التي لم تستفاد من الزخم الجماهيري لتفعيل حملات رسمية قانونية منسقة لجمع التبرعات أو إرسال الطعام لغزة، في وقت يعيش فيه سكان غزة تحت الحصار والموت البطيء. هذه المفارقة دفعت ناشطين للتذكير بأن الشعوب في منطقة الشرق الأوسط كانت في الماضي أكثر حيوية وحراكًا، كما حدث في انتفاضة الأقصى الأولى، وأثناء غزو العراق عام 2003، حيث امتلأت الشوارع بمسيرات الرفض والغضب. أما الآن، فإن المشهد يكاد يكون معاكسًا، وكأن مأساة غزة تمر وكأنها حدث بعيد، رغم القرب الجغرافي والروابط الدينية والقومية.




في المحصلة، يبدو أن المشهد الحالي يعكس فجوة واضحة بين الحراك الشعبي في الغرب، المدفوع بالمبادئ الإنسانية وضغط الرأي العام، وبين الغياب شبه التام في الشارع العربي والإسلامي، الذي لا يمكن تفسيره بسهولة، خاصة في ظل حجم الكارثة الإنسانية في غزة.




زر الذهاب إلى الأعلى