
هل تفكر بشراء سيارة كهربائية؟ ظاهرة حقيقية.. السيارات الكهربائية تسبب الغثيان!
رغم ما تقدمه السيارات الكهربائية من مزايا بيئية وتقنية، إلا أن عدداً متزايداً من السائقين بدأ يشكو من أعراض غريبة أثناء قيادتها، أبرزها الشعور بالغثيان ودوار الحركة، حتى عند السير بسرعات منخفضة. وهذا ما أكدته تقارير علمية حديثة تحدث فيها باحثون لصحيفة The Guardian، مشيرين إلى أن هذه الأعراض ليست مجرد أوهام نفسية، بل تعود لأسباب بيولوجية وحسية حقيقية.
ما السبب العلمي وراء هذا الشعور؟
وفقًا للعلماء، فإن الشعور بالغثيان في السيارات الكهربائية ناتج عن اضطراب في التوازن بين المعلومات التي يتلقاها الدماغ من الحواس المختلفة، وهي ظاهرة معروفة في علم الأعصاب باسم “تضارب الإشارات الحسية” (Sensory Conflict Theory). يحدث هذا التضارب عندما لا تتطابق الإشارات البصرية (ما تراه العين) مع إشارات التوازن التي يستقبلها الدماغ من الأذن الداخلية والجهاز الحركي.
العوامل المساهمة:
- نظام الفرملة الحاد والمتغير:
السيارات الكهربائية تعتمد غالباً على ما يُعرف بـ”الفرملة المتجددة” (regenerative braking)، وهي تقنية تختلف تمامًا في سلوكها عن الفرامل التقليدية، حيث يمكن أن تُحدث تباطؤاً مفاجئًا وغير متوقع يشعر به الجسم ولا تراه العين. - غياب الاهتزازات الحركية:
بعكس محركات البنزين التي تولد اهتزازات ونبضات متكررة خلال القيادة، فإن المحركات الكهربائية تعمل بهدوء وسلاسة شديدة، ما يؤدي إلى نقص في التغذية الحسية التي يعتمد عليها الجسم للشعور بالحركة.
- انعدام صوت المحرك:
الأصوات التي تنتج عن محركات البنزين تؤدي دورًا غير مباشر في توازن الحواس، كونها تنبّه الدماغ إلى تغيّر السرعة والتسارع. غياب هذه المؤثرات في السيارات الكهربائية يساهم في إرباك الدماغ. - التفاعل المختلف مع أدوات القيادة:
استجابة السيارات الكهربائية السريعة للدواسات والفرامل تمنح السائق تجربة قيادة مختلفة وغير مألوفة، وهو ما يزيد من اضطراب الحواس.
حلول مقترحة لتقليل الأعراض:
- تصميم إضاءة داخلية ذكية:
يقترح بعض الخبراء أن تعديل أنماط الإضاءة داخل السيارة لتوفير إشارات مرئية متناغمة مع حركة السيارة قد يساعد في تخفيف الغثيان. - إضافة مؤثرات صوتية اصطناعية:
يمكن الاستعانة بأصوات اصطناعية لمحاكاة صوت المحرك، ما يمنح الدماغ مرجعًا سمعيًا يساعد على التوازن الحسي. - برمجة ناعمة للفرامل والتسارع:
يمكن أن تُبرمج السيارات الكهربائية لتقدم استجابة تدريجية وأكثر سلاسة عند التسارع والتباطؤ، ما يقلل من المفاجآت التي تربك الجسم.
خلاصة علمية:
الظاهرة ليست نفسية أو نتيجة التهيؤ، بل تعكس اختلافًا جذريًا في بيئة القيادة التي تُقدمها السيارات الكهربائية مقارنة بالسيارات التقليدية. ومع ازدياد اعتماد العالم على هذه التكنولوجيا، تصبح الحاجة ملحة لفهم تأثيراتها الجانبية على الجسم البشري والعمل على تكييفها بما يتوافق مع قدرة الدماغ البشري على التكيف مع بيئات القيادة الجديدة.
إن هذه الرؤية تؤكد أن التطور التكنولوجي يجب أن يُرافقه فهم أعمق للعوامل الحسية والعصبية، من أجل توفير تجربة قيادة صحية وآمنة للجميع.