تقارير

هل تفكر بالعودة لسوريا ؟.. هذه اراء سوريين عائدين لسوريا من السويد وألمانيا وتركيا

بعد سنوات من التهجير والغربة، عاد آلاف السوريين إلى بلادهم عقب سقوط النظام السابق، على أمل بداية جديدة في وطنهم الأم. الحنين كان قويًا، خصوصاً لدى من عاشوا في تركيا ولبنان والأردن والعراق، وحتى من بعض المقيمين في مصر، إذ بدأت طلائع العائدين تتزايد منذ أواخر عام 2024، مع توقعات بارتفاع الأعداد مع انتهاء العام الدراسي الحالي منتصف صيف 2025.




لكن، وكما تبيّن لاحقاً، لم تكن العودة سهلة، ولا حتى قريبة من الأحلام التي بناها العائدون في مخيلتهم. كثيرون صُدموا بالواقع القاسي الذي واجهوه داخل سوريا، ما حول الحماسة إلى خيبة أمل، وأحياناً إلى ندم لا يمكن التراجع عنه.




ظروف معيشية قاسية وندم متأخر
أحمد الشيخ، أحد العائدين من تركيا، كان من بين أكثر من 35 ألف شخص وقّعوا على وثيقة “العودة الطوعية”، ليجد نفسه في بلد يفتقر لأبسط مقومات الحياة. يقول: “انقطاع المياه والكهرباء صار يوميًا، والإنترنت لا يُعتمد عليه، ولا توجد فرص حقيقية للعمل بعد غياب سنوات”. ويضيف بحسرة: “أطفالي كانوا في مدارس جيدة، وحياتنا كانت مستقرة في تركيا… الآن أفكر بالرجوع، لكنني مقيّد بتوقيعي”.




المدخرات تتبخر بسرعة!
غلياء، وهي سيدة سورية مقيمة في دمشق، تلخص المشهد قائلة:

“المدخرات تذوب بسرعة… الأسعار نار! الإيجارات تضاعفت أربع مرات، وكل شي بالدولار مو بالليرة! حتى أسعار السيارات يلي كانت رخيصة ارتفعت بشكل جنوني، والغذاء صار عبء يومي… والمدارس الجيدة للأطفال شبه معدومة، والبيئة الآمنة للأطفال شبه مستحيلة. أي مشروع صغير تحاول تبدأ فيه، يفشل أو يُخنق قبل أن يبدأ”.

صدمات من السويد وألمانيا إلى سوريا




حسون، عائد من السويد بعد 12 عاماً، عبّر عن صدمته بقوله: “الوضع هون قاسي على أي شخص تعوّد على نظام حياة مثل السويد. لا خدمات، لا مدارس جيدة، لا أمن حقيقي. الشعور بالوطن حلو، بس مع الوقت بيتلاشى مع قسوة الحياة”. وأضاف: “نحن عم نصرف مدخراتنا لنشتري نوع من الرفاهية، لكنها عم تخلص، وما في أي فرصة استثمارية حقيقية. الناس صارت تستثمر بالدولار، بالسيارات، بالمستوردات، لكن ما في اقتصاد حي أو مشاريع إنتاجية”.




أما محد، كيميائي عاد من ألمانيا بعد 12 سنة، فأوضح أنه لن يعيد زوجته وأطفاله الثلاثة إلى سوريا الآن:

“أولادي صاروا جزء من الحياة بألمانيا… تعليمهم، لغتهم، أسلوب حياتهم. ما في مجال نكمل هون من دون خدمات مستقرة. كثير من الناس اللي رجعوا معنا عم يفكروا يرجعوا كمان. المدخرات ما صنعت البيئة اللي كنا نتصورها”.

حماسة العودة تتبخر!




قدري جونجورور، مدير الرعاية الاجتماعية في جمعية اللاجئين السوريين، قال إن آلاف اللاجئين كانوا يأملون أن سقوط النظام سيعني بداية جديدة، لكن سرعان ما اصطدموا بواقع مختلف. وأكد أن كثيراً من العائلات -حتى القادمة من تركيا- ترغب بمغادرة سوريا مرة أخرى، بعد أن تبيّن لهم الفرق الهائل في الخدمات، المعيشة، التعليم، والصحة مقارنة بما اعتادوه في دول مثل ألمانيا والسويد.




وأوضح: “الأطفال بالذات ما قدروا يتأقلموا، ولا أهلهم قدروا يوفروا لهم بيئة تشبه ما عاشوه بالخارج”.

وأكدت الجمعية أن نماذج مثل أحمد الشيخ تمثّل شريحة واسعة من العائدين الذين كانوا يعتقدون أن الوطن سينصفهم، لكن الواقع كان أقسى من الغربة.




الرسالة واضحة: العودة إلى سوريا بالنسبة للكثيرين لم تكن نهاية الرحلة، بل بداية جديدة من التحديات والمعاناة، جعلت حتى أولئك الذين كانوا يحلمون بالاستقرار في وطنهم، يعيدون التفكير في قرارهم.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى