آخر الأخبار

هروب إسلاميين متطرفين من السويد. اختلاس مليار كرونة “أموال منهوبة وتهرب ضريبي”

تحقيق خاص – السويد

في واحدة من أكبر قضايا الفساد والاحتيال المرتبطة بالمدارس الحرة في السويد، تكشف سلسلة تحقيقات صحفية عن شبكتين مترابطتين من أئمة متطرفين، ومستشارين ماليين، ومديري مدارس تمكنوا على مدى سنوات من تحويل أكثر من مليار كرونة من أموال دافعي الضرائب المخصصة لتعليم الأطفال، نحو حسابات خاصة، مشاريع خارج البلاد، تنظيمات إسلامية متطرفة، وحتى إنفاقها على الرفاهية الشخصية والسفر والنوادي الليلية. ومع تضييق الخناق عليهم قضائيًا، بدأ المدبرون الرئيسيون بالهروب خارج السويد واحدًا تلو الآخر، تاركين وراءهم عشرات الملايين في صورة ديون ضريبية، وقضايا مفتوحة، وشبكة مؤسسات منهارة.



  • وفقاً للتقرير فإن أكثر من مليار كرونة قد ذهبت من خلال التمويل الحكومي (المدفوعات الضريبية) إلى مدارس وروضات تديرها الشبكة. expressen.se أما الديون الضريبية التي تُركت من قبل الأشخاص الذين غادروا البلاد، فهي بملايين وليس بالمليارات، كما في عنوان المقال: “miljoner i obetalda skatteskulder” أي “ملايين من ديون الضرائب غير المدفوعة”

فخلال السنوات الماضية، ظهرت استثمارات في المدارس الإسلامية في السويد أنتهت بإغلاق هذه المدارس التي يملكها أو يديرها أشخاص مرتبطون بتيارات سلفية متشددة – وكأنها أحداث منفصلة.
لكن التحقيقات اللاحقة من جهاز الأمن السويدي كشفت أن هذه المؤسسات كانت متشابكة عبر صلات عائلية وتجارية، ومرتبطة بنشاطات تطرف عنيف ووُجهات مالية مشبوهة.

Henric Fagher، رئيس الادعاء في هيئة الجرائم الاقتصادية السويدية (Ekobrottsmyndigheten)، يلخص الوضع بوضوح:

“نواجه خسارتين في آن واحد… الأموال تُنهب من نظام الرفاهية، ولن نحصل مقابلها على أي خدمات. وفي الوقت نفسه يرحل الجناة ويستفيدون من المال.”




مدارس توقفت… وقيادات اختفت!

1. مدرسةömosseskolan –
مبلغ 462 مليون كرونة في عشر سنوات بين دعم تمويل وتهرب ضريبي

إحدى أكثر القصص إثارة تتعلق بمدير المدرسة ورئيس البرلمان السابق عن حزب المحافظين عبد الرزاق وابري. التحقيقات أثبتت أنه: اختفاء حول 12 مليون كرونة عبر فواتير IT وهمية. ، وتحوّيل مبالغ كبيرة إلى حزبه الإسلامي في الصومال. بجانل استخدم المال في رحلات فاخرة، وفنادق فخمة، وزيارات لنوادٍ ليلية في تايلاند. وتراكمت على مؤسساته ديون بقيمة 6.1 مليون كرونة. ورغم إنكاره، فإن حكمًا بالسجن 4 سنوات و6 أشهر أنهى مسيرته في السويد.




2. مدرسة Vetenskapsskolan –المال يهرب إلى مالطا ثم يختفي صاحبه

المدرسة التي أثارت جدلاً واسعًا بعد توظيف عائدين من تنظيم داعش. ومالكها الإمام عبد الناصر النادّي: حيث هرب من السويد بعد أن أصدر Säpo قرارًا بترحيله باعتباره “تهديدًا للأمن القومي”. وقبل هروبه، نقل 4.2 مليون كرونة إلى حساب استثماري في مالطا. ومجموع ديونه الضريبية: أكثر من 5 ملايين كرونة. صحيفة Expressen عثرت عليه لاحقًا في مصر، حيث قال: “السويد صفحة وانتهت.”





3. Nya Kastets Skola –انهيار بسبب التطرف والاحتيال

مدرسة أخرى في غافله تم إغلاقها بعد معلومات من Säpo حول تجنيد الشباب وتطرفهم. وأبرز المتورطين: Rabie Karam: أحد المؤسسين، هرب إلى مصر بعد الحكم عليه بالسجن 8 أشهر. ومتهم بعمليات نقل أموال بين شركات الشبكة لإظهار وضع مالي مزيف لجذب تمويل المدارس. وديونه الضريبية: 5 ملايين كرونة.

4. Bilaal Förskolor – انهيار سلسلة من روضات الشمال

هنا برز اسم الإمام حسين الجبوري (Umeå): أدين بجرائم محاسبية بعد اختفاء ملايين من حسابات الروضات. وأموال مخصصة للأطفال اختفت دون أثر. ويقضي الآن حكمًا بالسجن لمدة عامين، بينما يبحث عنه Kronofogden لتحصيل ديون تتجاوز مليون كرونة.



المشهد الأوسع: شبكة تتجاوز الدين… إلى الجريمة المنظمة

ما تكشفه التحقيقات أن هذا ليس نشاطًا فرديًا، بل: شبكتان متداخلتان:

  1. شبكة أئمة سلفيين متطرفين (أبو رعد – الجبوري – النادّي).
  2. شبكة مستشارين ماليين ومسؤولين إداريين تتولى عمليات غسل الأموال، التلاعب المحاسبي، ونقل الأموال.

 الرابط الأقوى بين الشبكتين: كل من محمد القطراني – صهر الإمام أبو رعد. والقطراني لعب دور “الممكّن” أو The Enabler، بحسب الشرطة:

  • خطط، ووجّه، وأدار التحويلات المالية.
  • شارك في إدارة مدارس وروضات ومؤسسات رعاية.
  • تعاون في شركة مع أم مقاتل بارز في تنظيم داعش.
  • أدين بجرائم اقتصادية لكنه واصل العمل خارج السويد بعد خروجه.
    وديونه الضريبية: 2.1 مليون كرونة.




أموال الأطفال ذهبت إلى… خطباء كراهية

إحدى أكثر القضايا صدمة كانت في روضة Lär & Lek التي تلقت 30 مليون كرونة بين 2016–2020. التحقيقات كشفت: تحويل الأموال إلى نادي رياضي وهمي ثم إلى منظمة “اتحاد المسلمين في السويد” المصنفة كمتطرفة. وجزء من المال ذهب مباشرة إلى خطيب كراهية عربي مشهور. ومالكة الروضة إيفا فريه وزوجها وسام الجمعة أدينا بجرائم محاسبية.

ويقول Henric Fagher  : “لم نجد حالة واحدة بدون شبهة جريمة”… التحقيق يتحول إلى كرة ثلج القضية بدأت من روضة صغيرة في غوتنبرغ. لكن كل خطوة في التحقيق كشفت ملفًا جديدًا. “كل خيط كنا نتابعه كان يتحول إلى تحقيق رسمي… وهذا بحد ذاته مؤشر خطير.”




المشهد النهائي: قادة الشبكة هربوا… والديون بقيت

خلال عام واحد فقط:

  • عبد الناصر النادّي – هارب في مصر
  • أبو رعد – خارج السويد، موقعه مجهول
  • ربيع كرم – مصر
  • القطراني – هارب بعد قرار منع من مزاولة المهنة
  • حسين الجبوري – في السجن
  • وابري – في السجن

إجمالي الديون الضريبية للشبكتين: أكثر من 40 مليون كرونة إجمالي الأموال العامة المتحصلة غير الشرعية: أكثر من مليار كرونة



ولكن  كيف نجحوا في خداع النظام؟

من منظور صحفي وتحليلي، تكشف هذه القضية نقاطًا جوهرية:

  1. ثغرات قانونية في نظام المدارس الحرة
    منح التراخيص سهل، الرقابة بطيئة، والتمويل ضخم.
  2. استخدام الدين كغطاء
    كثير من المتورطين قدموا أنفسهم كـ”قادة دينيين”، ما منحهم ثقة مجتمعية وسياسية مؤقتة.
  3. استغلال ضعف التنسيق بين السلطات
    بين Säpo، الشرطة المالية، والبلديات.
  4. تحول الدافع من أيديولوجي إلى مالي
    وفق خبراء الإرهاب، بعض الأسماء بدأت متشددة دينيًا، ثم انجرت إلى الجريمة المالية بسبب تدفق الأموال.





القضية لم تنتهِ بعد.
المدارس أغلقت، لكن المال المفقود لا يزال مجهول المصير، وقادة الشبكة يتنقلون بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينما تجد السويد نفسها أمام واحد من أكبر ملفات الاحتيال المرتبط بالتطرف في تاريخها الحديث.

ويبقى السؤال مفتوحًا أمام الرأي العام:
كيف يمكن لنظام تعليمي ممول بالكامل من المال العام أن يُستغل بهذه الطريقة؟




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى