قصص المهاجرين واللاجئين

مهاجر سوري سيتم ترحيله من السويد بسبب شرط الراتب “33.900 ألف كرون شهريا”

في أحد دور رعاية المسنين بمدينة Nyköping جنوب شرق السويد، يتمسك العاملون هناك ببعضهم كما لو كانوا عائلة واحدة. أعوام طويلة جمعتهم في المناوبات الليلية، أوقات العطل، وتحديات  جائحة كرونة… لكن اليوم يواجهون أزمة من نوع آخر: زميلهم سامى، الذي عاش في السويد عشر سنوات وكرّس نفسه للعمل في رعاية المسنين، مهدد بالترحيل إلى سوريا بسبب القوانين الجديدة التي تشدد شروط الإقامة والعمل.




سامى، 35 عاماً، سوري الجنسية أصبح جزءاً لا يتجزأ من فريق العمل. يتعامل مع كبار السن بصبر وحساسية نادرتين، يعرف كيف يهدّئ من توتر المصابين بالخرف، ويقدّم الدعم للزملاء الجدد. وحتى عندما يُدعى لاحتفال صغير في الدار، يكون هو الضيف الذي ينتظره الجميع بابتسامته وطبقه المفضل من الكفتة العربية. لكن هذا الاستقرار الذي بناه خلال عقد من الزمن بات مهدداً بالانهيار.

سامى، 35 عاماً، سوري الجنسية





سامى لم يحصل على إقامة لجوء وانما إقامة عمل ، ووفقا للقوانين الجديدة فراتب “سامى” أقل بكثير من الراتب القانوني لتجيد إقامة العمل في السويد والبالغ 33.900 ألف كرون شهرياً وفقاً للقوانين الجديدة في السويد ، وحين علم زملاء سام بأن راتبه الحالي لن يلبّي شرط الدخل الجديد المطلوب لتجديد إقامته، اتخذوا خطوة نادرة في عالم العمل: حيث أبلغوا مديرهم أنهم مستعدون للتنازل عن زيادتهم السنوية بالكامل لصالح رفع راتب سام. وقالت إحدى العاملات:
“نحن نخسر زملاءنا الواحد تلو الآخر، وكأن جزءاً من عائلتنا يُنتزع منا. بالنسبة لنا… الأمر مجرد مال. لكن بالنسبة لهم… حياة كاملة مهددة.”

سامى، وسط زملاءه الداعمين له





ولا ينسى الفريق أن زميلاً آخر اضطر لمغادرة السويد قبل أشهر قليلة فقط، بعد صدور قرار ترحيله إلى إيران. باع منزله الريفي الصغير ، حزم حقائبه، وغادر خلال أربعة أسابيع… مشهد لا يريدون تكراره مع سام. 

وفقاً للقوانين الجديدة، سيرتفع الحد الأدنى للراتب المطلوب للحصول على إقامة عمل إلى 90% من متوسط الرواتب في السويد، أي ما يزيد عن 33.900 ألف كرون شهرياً.
رقم يفوق بكثير رواتب معظم العاملين في قطاع الرعاية، ويجعل مستقبل عدد كبير من الموظفين — الذين تعتمد عليهم دور رعاية المسنين بشكل أساسي — في مهب الريح.




سوء الحظ يلاحق سام بشكل خاص؛ إذ لا يحصل على إجابات واضحة من مصلحة الهجرة، ويشعر أن القواعد تتغير باستمرار. يقول بمرارة:
“عشر سنوات وأنا أعيش على الحافة. لا أستطيع التفكير في الزواج أو بناء مستقبل. دائماً أخاف من الغد.”

سامى، 35 عاماً، سوري الجنسية

طريق مسدود نحو الجنسية… ربما حتى سنّ الستين!

رغم أنه لم يرتكب أي مخالفة قانونية، ورغم عمله المستمر، وإتقانه اللغة، واستقراره في المجتمع، يُمنع سامى من التقدّم للحصول على الجنسية قبل مرور 25 عاماً إضافية، أي حين يبلغ الستين من عمره. السبب: اعتباره موظفاً سابقاً في مؤسسة عسكرية سورية.




سام يعلّق قائلاً:
“يقولون إن من يعمل ويجتهد ويتعلم اللغة يُكافأ ويصبح مواطناً. لكن الواقع ليس كذلك. أنا مجرد رقم… ويمكن التخلص مني في أي لحظة.”

رسالة بلا إجابة: “كيف من المفترض أن يعمل قطاع الرعاية إذن؟”

شعور العجز دفع فريق العمل في القسم 4A إلى كتابة رسالة رسمية إلى عدة وزراء، بينهم وزير الهجرة يوهان فورشيل. عبّروا فيها عن قلقهم على زملائهم، وسألوا الحكومة مباشرة:

“إذا كان العاملون في الرعاية يُطردون الواحد تلو الآخر بسبب شروط الدخل… فمن سيبقى لرعاية المسنين في السويد؟”

لكن الرسالة بقيت دون رد من أي وزير. لم يصلهم سوى رسائل مختومة من موظفين إداريين.

وزارة الهجرة ترد: تعاطف… لكن لا تغيير

عندما تواصلت الصحافة مرة أخرى مع وزير الهجرة، قال إنه يتفهم القلق، لكنه أكد أن السويد تحتاج لتشديد القواعد مراعاة لسوق العمل، وأن نقص المهارات لا يمكن أن يُعالج فقط عبر الهجرة.تصريح زاد من شعور العاملين بأن صوتهم لا يُسمع، وأن مصير زملائهم معلّق بين القرارات السياسية الجديدة والتعقيدات البيروقراطية.



“إنه ليس موضوع مال… الموضوع حياة”

في النهاية، رغم حبهم لعملهم وحرصهم على كبار السن، يعيش فريق الدار شعوراً ثقيلاً بأن قطاع الرعاية بأكمله ينهار تحت ضغط القوانين الجديدة.
سام بالنسبة لهم ليس مجرد موظف… بل إنسان بنوا معه علاقة امتدت لسنوات. وتقول إحدى العاملات وهي تنظر إليه بقلق: “إذا اضطر للمغادرة… سيترك وراءه فراغاً هائلاً، ليس في العمل فقط، بل في قلوبنا جميعاً.”




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى