
مدينة سويدية تتصدر قائمة تعاطي الكوكايين والترامادول والحشيش في السويد ولا يوجد بها قضايا!
مدينة سويدية تتصدر قائمة الكوكايين في مياه الصرف الصحي
في تقرير صادم نشرته هيئة الإذاعة السويدية SVT، تصدّرت مدينة ستريمستاد الساحلية الواقعة على الحدود مع النرويج قائمة المدن السويدية التي سُجِّلت فيها أعلى نسب لمخلفات الكوكايين في مياه الصرف الصحي، متجاوزة بذلك المدن الكبرى مثل ستوكهولم وغوتنبرغ ومالمو. ورغم هذا المعدل المرتفع، فإن الإحصاءات تكشف أنه خلال العام الماضي لم يُدان أي شخص في المدينة ببيع الكوكايين، بينما جرى توجيه تهم الحيازة أو التعاطي فقط لـ 11 شخصاً، نصفهم تقريباً من النرويجيين الذين قدموا إلى المدينة بغرض الترفيه أو التسوّق.
أحد هؤلاء الشباب، يبلغ من العمر 19 عاماً، اعترف خلال التحقيق قائلاً:
“كنت أنوي استخدامه في حفلة هنا في ستريمستاد.”
مدينة صغيرة… ومشكلة كبيرة
بفضل موقعها الحدودي مع النرويج، أصبحت ستريمستاد وجهة مفضلة لجيرانها النرويجيين الذين يقصدونها للتسوّق بأسعار أقل أو لقضاء عطلاتهم الصيفية. ومع تزايد الأنشطة الليلية خلال المواسم السياحية، لاحظت الشرطة ارتفاعاً مقلقاً في انتشار المخدرات، وخاصة الكوكايين.
في اليوم الأول من العام 2025، أجرت البلدية قياساً خاصاً لكمية المخدرات في مياه الصرف، فكانت النتيجة 397 ملغ من الكوكايين لكل 1000 نسمة. وخلال أسبوع عيد الفصح، ارتفعت النسبة إلى 510 ملغ/1000 نسمة، بينما وصلت في قياسات الصيف التي أجرتها SVT إلى 604 ملغ/1000 نسمة — وهي النسبة الأعلى بين 36 بلدية سويدية شملتها الدراسة.
الأسباب وراء الانتشار
توضح الشرطة والسلطات المحلية أن الموقع الجغرافي يلعب دوراً رئيسياً في تفشي الظاهرة. فستريمستاد تُعد نقطة عبور بين البلدين، ويتدفق إليها آلاف الزوار من النرويج في عطلات نهاية الأسبوع والمواسم، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على المخدرات في الحفلات والملاهي.
ويشير أولا بيرشون (Ola Persson)، رئيس لجنة البيئة والبناء في البلدية، إلى أن الأرقام المرتفعة تمثل تحدياً مجتمعياً حقيقياً:
“نرحب بالزوار، لكننا نريدهم أن يقضوا وقتهم هنا من دون مخدرات. نحتاج إلى مواجهة هذا الوضع من خلال حضور أمني أقوى في الأماكن الترفيهية.”
جرائم بسيطة… لكن مؤشرات مقلقة
من بين القضايا الـ12 المسجلة في ستريمستاد بين يونيو 2024 وسبتمبر 2025، تتعلق جميعها بالحيازة أو التعاطي، ولم تسجَّل أي قضية بيع أو تهريب. ومع ذلك، يرى الخبراء أن هذه الإحصاءات لا تعني أن المشكلة صغيرة، بل إن الجرائم البسيطة تمثل مؤشراً خطيراً على اتساع نطاق الاستهلاك، خصوصاً في المناسبات التي تشهد إقبالاً سياحياً كبيراً.
تفسير علمي للمشكلة
اعتمدت الدراسة على ما يُعرف بـ علم الأوبئة القائم على تحليل مياه الصرف الصحي (WBE)، وهي طريقة علمية حديثة تهدف إلى رصد المواد الكيميائية الناتجة عن استهلاك المخدرات. وتُعتبر هذه الطريقة أكثر دقة من الاستبيانات لأنها تعكس الاستهلاك الفعلي في المجتمع.
لكن الباحثين يشيرون إلى أن وجود آلاف الزوار النرويجيين الذين لا يُحسبون ضمن سكان المدينة، يفسر جزئياً ارتفاع القيم المسجلة. ومع ذلك، تبقى النتائج مقلقة للغاية حتى عند احتساب هذا العامل.
مشكلة تتجاوز ستريمستاد
لم تتوقف الظاهرة عند الكوكايين فقط؛ إذ احتلت المدينة أيضاً مراكز متقدمة في نسب وجود الترامادول والقنب (الحشيش) والميتامفيتامين في مياهها، ما يعكس انتشاراً واسعاً لأنواع متعددة من المخدرات.
ولهذا السبب، أعلنت البلدية أنها ستجري قياسات دورية كل ثلاثة أشهر، بما في ذلك خلال فترات الركود السياحي، في محاولة لفهم مدى عمق المشكلة ووضع خطة لمعالجتها بالتعاون مع الشرطة والجهات الصحية.
“الأمر لا يتعلق فقط بأرقام في التقارير، بل بحياة شباب وأسر تتأثر بهذه الظاهرة”، يقول بيرشون.
في النهاية، تبقى ستريمستاد نموذجاً مصغراً لمشكلة أوسع تعاني منها السويد — مدينة صغيرة تبدو هادئة على السطح، لكنها تخفي وراء سواحلها الجميلة مشكلة إدمانٍ متنامية تحتاج إلى مواجهة حقيقية تتجاوز الحدود الجغرافية.