
مبارة السويد والجزائر ..صدمة اجتماعية.. حين يهتف مواطنين في السويد لبلد غير السويد”
في مقال للصحفي السويدي Isak Pettersson ، قال فيه / انه ورغم أن المنتخب السويدي حقق فوزاً ودياً مثيراً على الجزائر في المبارة الودية التي اقيمت بينهما بنتيجة 4-3، فإن العنوان الحقيقي للمباراة لم يكن في النتيجة، بل في المدرجات. فمنذ اللحظة الأولى وحتى صافرة النهاية، سيطر الهتاف للمنتخب الجزائري على أجواء الملعب السويدي الشهير”ستروبيري أرينا”، وكأن اللقاء أُقيم في قلب العاصمة الجزائرية لا في السويد!!!.
لكن السؤال الجوهري الذي يتردد اليوم في الإعلام السويدي والأوساط الرياضية وبين الكثير من السويديين هو: من هم هؤلاء المشجعون؟ ومن أين جاء هذا الدعم الكثيف لمنتخب الجزائر في مباراة وديّة أُقيمت في ستوكهولم شمال أوروبا؟
الواقع يُظهر أن الجالية الجزائرية في السويد ليست كبيرة بالقدر الذي يفسّر هذا الحضور الجماهيري اللافت. كما أنه من غير المنطقي أن يكون هذا العدد من المشجعين قد قدم من خارج السويد لحضور مباراة غير رسمية في ستوكهولم. وبالتالي فإن التفسير الوحيد هو أن الجمهور الذي ملأ المدرجات بالأعلام الجزائرية والهتافات الحماسية هو جمهور سويدي – أو بالأحرى، مواطنون ومقيمون في السويد – ربما من أصول مهاجرة، خصوصاً من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ممن وجدوا أنفسهم ثقافياً وعاطفياً أقرب إلى المنتخب الجزائري من منتخب السويد الوطني.
هذا الميل لا يبدو مفاجئاً من ناحية الروابط الدينية والثقافية واللغوية التي قد يشعر بها كثير من هؤلاء تجاه الجزائر، لكن المثير للجدل هو أن هذه المشاعر طغت إلى درجة التشجيع ضد المنتخب السويدي على أرض سويدية، من جمهور يحمل في غالبه الجنسية السويدية أو يعيش فيها منذ سنوات طويلة.
اللاعبون في المنتخب السويدي أنفسهم شعروا بهذا الخلل. يقول اللاعب السويدي “أنتون سالتيروس” الذي عبّر عن خيبة أمله قائلاً: “شعرنا أننا نلعب خارج أرضنا”، بينما أكد اللاعب السويدي “هوغو لارشون” أن صافرات الاستهجان ضد من جمهور الملعب أربكتنا أثناء الإحماء وشعرنا بإننا غرباء في بلد أخر لا جمهور لنا ، وأضاف: “كنا نضحك من الموقف… لكنه غريب فعلاً”.
أما فريدريك ليونغبرغ، النجم السابق والمحلل في “فيابلاي”، فعبّر عن استيائه بوضوح: “في هنغاريا حضر أكثر من 60 ألف مشجع لتشجيع المنتخب السويدي . أما هنا في السويد، لم يصل العدد إلى 16 ألفاً، ومعظمهم يشجعون الفريق الآخر؟ لماذا ؟ هذا مؤسف فعلاً”.
كل هذا يعيد فتح ملف حساس في السويد: ما مدى اندماج “السويديين الجدد” في المجتمع؟
هل يشعر من يحمل الجنسية السويدية فعلاً بالانتماء الكامل للبلد، أم أن الهويات الأصلية لا تزال طاغية وتُفعل عند كل اختبار عاطفي أو رمزي مثل مباراة كرة قدم؟
وبينما يمكن تفهّم تشجيع منتخب له روابط ثقافية ودينية قوية، خصوصاً إذا كان في مواجهة دولة أوروبية بعيدة، فإن المفارقة هنا أن التشجيع جاء ضد الدولة التي يعيش فيها المشجعون أنفسهم، وعلى أرضها وربما يحملون جنسيتها، وهو ما يُشعل نقاشاً لا يتعلق بالرياضة فقط، بل بالهوية والمواطنة والانتماء.