
السويديين ينزعجون لمن يسألهم عن رواتبهم.. بينما الأصول المهاجرة يخشون الحسد
السويديين يعيشون بمجتمع تتوفر فيه الأموال ، هذا ما يمكن أن تراه عندما تشاهد نسبة الاستهلاك للمجتمع السويدي والبضائع المتنوعة باهظة السعر ذات العلامات التجارية الفاخرة ، فلو استطعت زيارة حي أوسترمالم الراقي في ستوكهولم ستجد ما يؤكد أنه بالفعل السويديين لديهم مستوى مميز من التسوق الفاخر ،
حي أوسترمالم الراقي في ستوكهولم انه الحي الأكثر ثراء في العاصمة السويدية ستوكهولم ؛ إذ توجد يخوت خاصة وحانات عائمة على شاطئ النهر ، ومتاجر تعرض منتجات غالية الثمن ومطاعم فاخرة، فضلا عن بعض من أغلى العقارات في المدينة.
كما يغص حي أوسترمالم الراقي في ستوكهولم بأُناس ذوي مظهر متأنق ، وفتيات ونساء لا ترى أنافتهم إلا في شاشات التلفزيون والسينما ، أنهم يحاولون الاستمتاع بشمس الخريف. لكن من المستحيل تقريبا أن تجد منهم من يحدثك بارتياح عن ثروته أو راتبه ..هذا حال كل السويديين وليس الأثرياء فقط ..فلماذا !.
على خلاف الأصول المهاجرة في السويد القادمين للسويد فأغلبهم أيضا لا يشعرون بالراحة لمن يسألهم عن رواتبهم ..والسبب هو الخوف من الحسد و”العين” ، ولكن هذا السبب غير موجود ابداً لدينا السويديين .!
شاب سويدي في الثلاثين من العمر، ويشغل وظيفة بارزة في مجال التسويق للسلع والمنتجات قال لي: “لن أخبرك عما أكسبه؛ لأنني لا أرى سببا لفعل ذلك – ولا ارتاح لك عندما تهتم براتبي أو كم أكسب من المال ؟”.
الموقف نفسه تبناه شاب آخر، رد على سؤالي عن راتبه باقتضاب قائلا: ” هذا أمر خاص وسري” هل أنت من الضرائب السويدية – لا تتدخل في شئون الآخرين ! …كذلك فتاة سويدية أجابت عن سؤال حول ما تكسبه بالقول ” أكسب شهريا أكثر مما توقعه او تكسبه في عام ..فلا تكرر السؤال مرة أخرى “
وتبرز النظرة التقليدية لهؤلاء الشباب السويديين – كونهم ينعمون بما يُعرف بالديمقراطية الاجتماعية، أنه بالرغم من أنهم يدفعون ضرائب مرتفعة؛ فإن التفاوت في الدخول بينهم محدود نظريا . كذلك لو سألت رجل مسن سويدي أو امرأه مسنة سويدية عن راتبهم فسوف يغضبون منك و يشعرون بالانزعاج ، فالحديث عن المال يزعجهم بشكل خاص ليس بسبب الحسد ! وإنما بسبب عدم الارتياح والشك فمن يسأل عن دخلهم المالي
لدى السويديين نفورا عميقا من الحديث عن دخولهم. لذا فشلت كل جهودنا تقريبا لترتيب مقابلات مع شبان أو مسنين سويديين . فبعيدا عن أسئلتنا الصحفية ، لم يكن السويديين يمانعون في الحديث عن أي شيء مثل الرياضة والسفر والسياسية والاقتصاد والجنس و منازلهم المتعددة أو يخوتهم الفاخرة وسياراتهم ، لكن الصمت كان يبدأ إذا عرفوا إننا نريد معرفة رواتبهم و تدوين ونشر ما يقولون !
ولاحظ خبراء في علم الاجتماع السويدي ، أن الكثير من السويديين يرفضون مناقشة الأمور المالية مع الغرباء
فهذا “غير مريح”
برأي لولا ووكستروم، وهي متخصصة في شؤون الثقافة السويدية تعيش في ستوكهولم ، يشكل الحديث عن المال موضوعا “غير مريح لأقصى حد في السويد”.
ويعتبر التباهي بالثروة أو حتى مناقشة راتب متوسط مع شخص غريب، قد يشكل أحد المحرمات في المجتمع السويدي، لدرجة أن الكثير من السويديين لديهم قبول أكثر تقبلا وارتياحا “للحديث عن أمور مثل الجنس” وتعدد علاقتهم الجنسية ، مقارنة باستعدادهم للخوض في نقاش بشأن الدخل المالي.
وتقول الصحفية السويدية ستينا دولغرين (28 عاما)، التي عاشت لعدة سنوات في الولايات المتحدة. فبينما يتباهى الأمريكيين بثراءهم وثرواتهم ، يكره السويديون ان يعلنوا انهم أثرياء ولديهم أموال . ففي السويد “لا يسأل المرء عن الراتب أو عن المال”.
ويتفق الكثير من الكُتّاب المتخصصين في مجال الثقافة على أنه يمكن تفسير جانب كبير من هالة الحظر المفروضة على الحديث عن الثروة والدخل في السويد، من خلال مفهوم ثقافي عميق الجذور يسود في ما يُعرف بدول شمال الكرة الأرضية، ويُطلق عليه اسم “يانته لوغين”.
ويشجع هذا المفهوم المرء على ألا يفكر أبدا في أنه أفضل من غيره. ولا يتباهى بما يملك من المال ، ..ولكن بجانب هذا فالسويديين اكثر شعوب أوروبا محافظة على الخصوصية ، ورفضا في التصريح بما يملكون .
ويقول عالم الاجتماع السويدي ” اليسيون تروتر ” التباهي بالثروة أو حتى مناقشة راتب متوسط مع شخص غريب، يشكل أحد المحرمات في المجتمع السويدي.
ويضيف تروتر: “لن يشعر الناس في السويد بالدهشة إذا تحدثت عن كوخك في الغابة، أو عن أن لديك نظام تدفئة تحت أرضية بيتك. فهي أمور شائعة في دول الشمال، ولدى الكثيرين هنا منزل ثانٍ. لكنك غالبا ستتعرض للسخرية قليلا إذا قلت إنك ستنفق القدر نفسه من المال (الذي كرسته لشراء الكوخ أو لتثبيت نظام التدفئة) لاقتناء سيارتين من إنتاج شركة لامبورجيني”.
ولكن يوجد بعض السويديين وافقوا على التباهي بأنهم أغنياء ,,و نيكول فالشاني (22 عاما) التي بدأت منذ أن كانت مراهقة في كسب أموال مقابل التسويق على شبكة الإنترنت، وقد أصبحت الآن إحدى الشخصيات الشهيرة المؤثرة على الشبكة العنكبوتية، بعدد متابعين يبلغ 354 ألفا تقريبا على موقع إنستغرام.
فحينما التقينا هذه الفتاة، خلال جلسة تصوير كانت ترتدي فيها مجوهرات شبيهة بتلك التي ترتديها العروس في حفل زفافها، لم يرف لها جفن عندما سُئلت عن المقابل الذي تحصل عليه للمشاركة في الحملات الدعائية، وردت بالقول “نحو 20 ألف دولار في الحملة الدعائية الواحدة”.
وتنفق فالشاني أموالها في الأغلب، على السفر للخارج واقتناء حقائب غالية الثمن، كما سبق لها شراء شقة في وسط المدينة، وهي لم تتجاوز العشرين من العمر. وهذا مبلغ قد تحصل على أضعافه شهريا … وتضيف إنها تعلم أن السويديين لا يحبون الحديث عن أموالهم ولكنها تفعل العكس ….” ربما لأنها صغيرة!” أو لا نها تعمل على منصات للشهرة والتباهي مثل انستجرام !
وفي كل الأحوال أن كنت بالسويد / فتجنب سؤال السويديين عن مقدار رواتبهم ، أو كم يكسبون ، أو هل لديهم مدخرات ، فسوف يشعرون بعدم الارتياح بالحديث معك !