مقالات رأي

كاتب سويدي: مقارنة بين المرشد الأعلى الإيران “خامئني” والمرشد الوصي في السويد “أوكسون”

في مقال تحليلي للكاتب السويدي Erik Lennart Sjöberg، قدّم رؤية سياسية لافتة حملت إسقاطات جريئة، من خلال أول مقارنة من نوعها بين ما وصفه بـ “مرشد إيران الأعلى” آية الله خامنئي، و  “المرشد الوصي في السويد”  جيمي أوكسون. ورغم الفروقات العميقة في السياقات السياسية والثقافية بين إيران والسويد، ,ان أكسيون زعيم سياسي منتخب ديمقراطيا ، وخامئني يفرض وصايته الألهية .. يرى الكاتب أن كلا الشخصيتين يمثلان تيارين محافظين متشددين، يتشابهان في عدة جوانب حيوية، من بينها النفوذ الواسع، الفكر الإقصائي، والتأثير الحاسم على القرار السياسي، رغم أن أياً منهما لا يشغل منصبًا تنفيذيًا رسميًا.




 1. التأثير بدون سلطة مباشرة

آية الله خامنئي لا يحمل أي صفة حكومية تنفيذية، لكنه المرشد الأعلى وصاحب النفوذ الأقوى في إيران، حيث يُوجه السياسات العامة ويضبط الإيقاع السياسي من خلف الستار.

جيمي أوكسون، زعيم حزب ديمقراطيو السويد (SD)، لا يشغل أي منصب في الحكومة، لكنه يلعب دور “العرّاب اليميني” للسياسات المتشددة، ويمارس ضغطًا مباشرًا على الحكومة السويدية رغم عدم مشاركته رسميًا فيها.




 2. المرجعية الفكرية والتعبئة القومية

  • خامنئي يعتمد على إسلام سياسي قومي شيعي يرى أن إيران يجب أن تقود الأمة الإسلامية وتقاوم “الانحراف الغربي”.
  • أوكسون يُروّج لفكر قومي سويدي متشدد، يرى أن السويد ملك للسويديين الأصليين، ويعتبر الهجرة تهديدًا للهوية الوطنية.

كلاهما يبني مشروعه على فكرة:

“نحن” في مواجهة “هم”
حيث “هم” قد يكونون مهاجرين، علمانيين، سُنة، ليبراليين، أو غير مؤمنين بالفكر القومي أو الديني السائد.




 3. الإقصاء والتعبئة ضد الآخر

  • خامنئي يهاجم أي تيار إصلاحي أو معارض شيعي أو سني أو علماني، ويعتبرهم “عملاء”، ويُقصيهم من السلطة أو يُجرمهم دينيًا.
  • أوكسون يهاجم المهاجرين والمسلمين واليسار والليبراليين، ويتّهمهم بتدمير “القيم السويدية”، ويدعو لتقليص حقوقهم الأساسية وطردهم من السويد، ويستخدم الخطاب الشعبوي ضدهم.




 4. التدخل في سن القوانين واستهداف المختلفين

وهنا تبرز أوجه التشابه الأخطر:

  • خامنئي لا يسن القوانين بنفسه، لكنه يتحكم بالمجلس الديني والقضائي، ويستطيع تحليل أو تحريم ما يشاء. يوجه فتاوى تُصبح قوانين بحكم الواقع، ويُحدد ما يُسمح وما يُمنع في السياسة والمجتمع، ويستهدف الخصوم فكريًا باسم الدين.
  • أما جيمي أوكسون، فرغم كونه خارج الحكومة، فقد نجح من خلال تأثيره في الدفع بعدة قوانين صارمة مثل:
    • قوانين تشديد الإقامة والجنسية
    • قوانين العقاب في المساعدات
    • تقليص دعم المنظمات الإسلامية زغلق المدارس بخلفية وإدارة مسلمة
    • سن سياسات لوقف لمّ الشمل واللجوء العائلي

كلها موجهة بشكل مباشر للاستهداف السياسي للمهاجرين، خصوصًا المسلمين، تحت شعار “حماية الثقافة السويدية”.

كلاهما يستخدم أدوات مختلفة (الدين أو القومية)، لكن الهدف واحد: إعادة تشكيل الدولة وفق رؤيته الإقصائية.




 5. صناعة الدولة وفق “النموذج النقي”

  • خامنئي يريد دولة دينية محكومة من قبل “ولي الفقيه”، يرى نفسه ممثلاً لإرادة الله.
  • أوكسون يسعى لدولة “نقية ثقافيًا وعرقيا للجنس الأبيض الاسكندنافي”، تقوم على السويديين التقليديين عرقياً فقط، مع تقليص أي تأثير خارجي أو غير قومي.




6. تشابه في القوة والسيطرة السياسية

من أبرز أوجه الشبه بين خامنئي وأوكسون هو أنه رغم غياب كل منهما عن المناصب الحكومية التنفيذية المباشرة، فإن كلاً منهما يتمتع بقوة هائلة يصعب مواجهتها أو تجاوزها.

في إيران، آية الله خامنئي هو السلطة العليا التي لا يمكن لأحد المساس بها.
يحمل صفة “المرشد الأعلى”، ويمتلك شرعية دينية شبه مطلقة، ويتحكم فعليًا في جميع مراكز القوة:

  • الحرس الثوري
  • القضاء
  • الجيش
  • الإعلام
  • السياسة الخارجية
    ولا يستطيع أي رئيس أو حكومة في إيران معارضته بفعالية دون أن يتم تحييدهم أو إسقاطهم تمامًا.




  • في السويد، جيمي أوكسون لا يملك سلطة رسمية في الحكومة، لكنه محصّن بقوة انتخابية كبيرة.
    فحزبه ديمقراطيو السويد (SD) هو ثاني أكبر حزب في البرلمان ويحظى بدعم حوالي 20% من الناخبين السويديين، وهو ما يجعله:
  1. شريكًا غير رسمي لكنه حاسم في تشكيل الحكومة
  2. قادرًا على إسقاط الحكومة الحالية بكلمة واحدة فقط
  3. خصمًا لا تستطيع المعارضة مواجهته بقوة، لأنها خسرت الانتخابات جزئيًا بسبب تنامي نفوذه وتراجع شعبيتها
  4. لدي حزب جيمي أوكسون مكتب وموظف في كل وزارة سويدية لمراجعة ومراقبة ما يحدث من الوزير والوزراة  ..وهذا وفقا لاتفاقية تيدو بين الحكومة وجيمي أوكسون





المفارقة أن المعارضة السويدية أصبحت عاجزة عن كبحه، لأنها تدرك أن قوته مستمدة من الناخبين أنفسهم، وأن أي هجوم مباشر عليه قد يُفسر كاستهانة بإرادة الشعب.

📌 هكذا، نجد أن خامنئي محمي بشرعية دينية وثقافة الطاعة في نظام ثيوقراطي،
بينما أوكسون محمي بشرعية ديمقراطية وشعبية في نظام برلماني – وكلاهما، في بيئته، صعب الإطاحة به أو تقليص نفوذه.

 




 خلاصة تحليلية:

كلا الشخصيتين تمثلان ظاهرة الزعيم من خلف الكواليس:

  • ليسا في موقع السلطة التنفيذية، لكن يمسكان بخيوط اللعبة السياسية والإعلامية.
  • يمتلكان القدرة على توجيه القوانين والسياسات والقرارات من خلال أدوات ضغط غير مباشرة.
  • يقودان مشروعًا إقصائيًا ضد الآخر المختلف فكريًا أو ثقافيًا.

 هل تعتقد أن الديمقراطيات الحديثة قادرة على مواجهة زعماء من هذا النوع؟ أم أن المجتمعات بدأت تنجذب إلى من يُقدّم حلولًا “صفرية”؟ هل ترى أن نموذج خامئني أوكسون يصلنا إلى النتيجة واحدة: تقييد التنوع، كراهية الآخر، وتهميش التعددية.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى