
كاتب سويدي : المهاجرين معلقين في السويد.. كان وصولهم صعب ولكن خروجهم أصعب وربما مستحيلا!
الكاتب السويدي إيرك مارتنسون كاتب ومفكر في علم الاجتماع واستاذ جامعي في ستوكهولم من مواليد 1951 ، اصدر عدد من المقالات في عدة أجزاء تم نشرها في أكسبريسن ـ
الجزء الأول ترجمة .
ليست الصورة دائماً تنقل الحقيقة ، قد تجد صورة زفاف جميلة قديمة لفتيات جميلات ، ولكنك لا تعلم الحقيقة ..فربما كانوا تعيسات ؟ – وهذا لا يظهر إلا عندما تظهر قصصهم ، ! كذلك المهاجرين في السويد قد يكونوا وصلوا السويد برحلة شاقة وصعبة ومكلفة ومليئة بالمخاطر .. وكانوا في نشوة السعادة عند وصولهم ، ولكن ربما الصورة غير حقيقية! ، و هم حالياً تعساء ولكن لن نعلم حتى تظهر قصصهم !
يقول الكاتب : تحدثت لصديق اسمه Hussein ، انه يعمل ولديه عائلة وحياة مستقرة ، ولكنه يقول إن أكبر قرار خاطئ اتخذه لنفسه ولعائلته هو الهجرة للسويد ، لا أعرف هل Hussein يرفض الهجرة أو يرفض السويد ؟ .
وعندما حاولت معرفة السبب كان يقول : ” إنه عالق في السويد لا يستطيع الخروج أو العودة من حيث جاء! … فأن تصل السويد هذا أمر صعب ..ولكنك أن تخرج منها قد يكون ذلك الأصعب أو المستحيل ” .
عندما حاولت فهم هذه المشكلة لدى بعض المهاجرين في السويد ، ومعرفة سبب شعورهم بالضيق من السويد – كنت أرى حزمة كبيرة من الأسباب لانهاية لها – كان الأمر مفجع بالنسبة لي! ، لدينا العديد من المهاجرين يرغبون بالخروج من السويد أو نادمون عن وصولهم للسويد ! . و هذا عكس ما يتم الترويج له إعلامياً ، ..
فالحقيقة أن الكثير من المهاجرين مستمرون في البقاء في السويد لأنهم مجبرين اجتماعيا واقتصاديا ، فلا بديل أخر لهم ولأطفالهم .. كما إن أغلبهم في النصف الثاني من أعمارهم ومن الصعب البحث عن بداية جديدة .
حيث فقدوا الطاقة وحيوية الشباب في الدخول بمغامرة هجرة أو استقرار جديدة في بلد جديد أو بلدهم الأصلي ، ولم يعد أطفالهم صغار يمكن التنقل بهم بحرية ، حيث قد تكون النتائج كارثية لو انتقلوا من السويد .
صديقي Hussein قلت له هل يمكن أن تخبرني لماذا تشعر بالضيق في السويد .. ما الذي تفتقده ؟، .. “قال لي “في السويد افتقد لحياتي” … قلت له وماهي حياتك .؟ ..فابتسم قائلاً “إنها حياتك يا اندريان عندما تعيش في بلدي العراق ، فسوف تشعر إنك تفتقد لحياتك في السويد .. قلت نعم افهمك هذا تعبير عميق، ولكني لم اختار العراق أو حتى سوريا والصومال .. ولم اتحمل الصعاب للوصول للعراق،، كما أن العراق لن توفر لك أو لأي شخص أي شيء مما يتوفر لك ولأطفالك في السويد .. أنت وأطفالك في أمان والحياة أمامكم هنا في السويد .. لم يرد Hussein واحتفظ بابتسامته قائلاً في الشرق لا يتم تعريف الحياة كما هي في الغرب لديكم !
لا أعلم بماذا يشعر المهاجرين في السويد ، ولكني أشعر إن لديهم تركيبة معقدة من المشاعر تجعل حياتهم مليئة بالتناقض خصوصاً عند تغيير مجتمعهم الأصلي، فهم مزيج من كل شيء يحتفظون بداخلهم بأشياء قد تكون بالنسبة لنا في السويد “متناقضة” – فهم متدينون علمانيون قوميون ليبراليون متحررون عنصريون محبين كرماء في نفس الوقت ..
عندما قلت لصديقي Hussein عن ما أفكر به بإنكم لديكم تركيبة إنسانية معقدة كمهاجرين من الشرق.. وربما يكون تفكيري متطرف ! .. قال لي Hussein ربما ما تقوله صحيح ! .. ولكنها المشاعر التي تتغير بتغيير مواقف الحياة.
في الحقيقية أنا كشخص سويدي أفكر بالعقل حتى عندما نتحدث عن الإنسانية فسوف تاحدث عنها بالعقل .. الإنسان الغربي السويدي يبدا بالعقل أولاً ثم المشاعر.. عكس الشرقيين ، ولذلك لدي فرصة محدودة للخوض في عمق مجتمع المهاجرين ، ولكني حاولت أن اتابع مشاكل المهاجرين في السويد ، وكان من المفاجئ لي الوصول لحقيقة صادمة .. وهي :- ” أن لدى المهاجرين كم كبير من التعقديات الحياتية والشخصية بسبب صدمة الهجرة.. والتي لا نعتبرها كسويديين مشاكل وإنما نعتبرها فشل اندماج !! ،
فضعف اللغة والعزلة والسكن المهتري المنعزل والشغب والعنف – وانعزال الأطفال وانحرافهم ومشكلة السوسيال مع تربية المهاجرون لأبنائهم والبطالة المزمنة والدخل المتواضع . ، والنفور من قيم المجتمع السويدي والحنين للذكريات والمجتمع الأم .. كل هذه المشاكل وغيرها نترجمها نحن في السويد بفشل الاندماج وعلى المهاجر الخضوع والقبول !…
وربما الوضع يختلف 180 درجة عن هذا التوصيف ، فالمشكلة إننا نحتاج لفهم لمشاكل وتركيبة المهاجرين التي تتحكم بها المشاعر بدرجة كبيرة . ثم بناء ثقة متبادلة وإخراج المهاجرين من مجتمع التهميش وضعف الدخل .
أخشى إننا استبدلنا عصر “القنانة” القديم بنظام قنانه”träldom ” جديد لاستغلال المهاجرين في السويد ، وهذا ما جعل المهاجر “دخل السويد بصعوبة ولكن خروجه من السويد أكثر صعوبة” بسبب نظام القنانة الحديث träldom !
نهاية الجزء الأول
–
ما هو نظام القنانة .. والقن :-
هو نظام ما بعد العبودية القديمة ، ونشاء قبيل عصر النهضة الأوروبي واستمر حتى عصر الثورة الصناعية في أوروبا ، حيث يتحول الشخص الفقير أو المعوز الباحث عن عمل واستقرار للعبودية للأرض أو المصنع والعمل ( عبودية العمل ) مقابل حق الإقامة والمعيشة في ملكية رب العمل – والحصول على حد الكفاف من الطعام والشراب هو وأطفاله ، في المقابل هو يخضع لقوانين رب العمل أو مالك الأرض ويتحمل وقوانينه وتسلطه حتى لو كانت غير مناسبة تماماً للعامل ، وبالتالي يتحول الشخص المعوز لعبد غير مباشر لصاحب العمل ، ويسمى “القن”
في مجتمع القنانة ، يتم السيطرة على حياة “العامل أو المزارع القن ” ويجعله المالك دائماً في عوز ويحمله أيضاً ديون ميسرة من خلال الإقراض للسيطرة عليه أكثر لكي تتحول حياته للعمل والخضوع لرب العمل وقوانينه – ولكن في نفس الوقت يمنح رب العمل للقن جزء من الحياة مثل السكن والطعام و الخدمات لكي لا ينفر ولا يهرب القن من اقطاعية رب العمل ، “فأنت عبد للعمل – وقن لصاحب العمل “، يتحكم فيك رب العمل وفي عائلتك ، وقد يسحب أطفالك للعمل في منزله أو في أعمال أخرى ، وقد يتدخل في شئون حياتك كما يريد ، وأنت “القن” لا تستطيع الرفض أو المغادرة .. رغم أنت ليست عبدا له ولك حرية المغادرة ! ..ولكنك ستخسر كل شيء لو غادرت! .. وغالبا ليس لديك كــ. “قن” أي بديل أخر إلا البقاء!
هذا ما يقصده الكاتب أن المهاجر أصبح مرتبط بالسويد من حيث الخدمات والمساعدات أو العمل والقروض والديون .. ورعاية أطفاله من الدولة السويدية وقوانينها ، و التي هي بمثابة (رب العمل في عصر القنانة القديم) وبالتالي تحول المهاجر لــ “قن” للقوانين والمجتمع والدولة في السويد مقابل العيش بحد الكفاف والتنعم بالحياة التي يمنحها له رب العمل ، قد يكون تشبيه متطرف ولكن هذا ما يقصده الكاتب بذكر مصطلح “قن”träldom وهو هنا يقصد من فشل أن يكسر مرحلة القنانة وينطلق ليكون حراً في عالم جديد وقيم جديدة ..