
كاتب سويدي: السويد لم تعد تشبه نفسها..السويد بلداً يشعر فيها السويدي أنه أجنبي
في الأسابيع الأخيرة، تتصاعد موجة من المقالات والتحليلات في وسائل إعلام يمينية سويدية — بعضها محلي، بعضها قادم من صحف يمنية مرتبطة بجالية واسعة في السويد — وكلها تتقاطع عند سؤال واحد:
ما الذي سيحدث للمجتمع السويدي في انتخابات سبتمبر 2026؟ فالسويد، كما يقدّمها هذا التيار، تقف اليوم أمام مفترق طرق:
إما أن تمنح اليمين المتشدد تفويضًا كاملًا لإعادة تشكيل المجتمع السويدي بشكل أخر ينطلق السويدي للسويديين فقط .. إما أن تعود إلى المربع الذي ظلّت تعيش فيه لعقود تحت إدارة اليسار الاشتراكي والليبراليين، “السويد للجميع” بسياسات أكثر مرونة بين ثقافة السويد وثقافات الأصول المهاجرة .
لكن اللافت أن بعض هذه المقالات لا تكتفي بالنقد أو التحليل، بل تتبنى لهجة متشددة تكاد تكون نسخة طبق الأصل من خطاب اليمين المتطرف داخل السويد نفسها. خطاب يقدّم المهاجرين — خصوصًا القادمين من الشرق الأوسط والملسمين منهم— ككتلة متوترة، مزعزعة، تغيّر شكل الشارع والمجتمع السويدي، وتضغط على الهوية، وتؤثر على “الشخصية السويدية” التي كانت — بحسب وصف كاتب يميني — “أهدأ، وأبسط، وأنقى وأجمل قبل ثلاثين عامًا”.
وفي إحدى المقالات التي أثارت جدلًا واسعًا، كتب صاحبها، المحسوب على اليمين المحافظ، جملة بدأت بها العاصفة كلها:
“السويد لم تعد تشبه نفسها..السويد بلداً يشعر فيها السويدي أنه أجنبي … مدن كاملة تحولت، القيم تغيّرت، واللغة لم تعد لغة واحدة. والهجرة ليست ملفًا سياسيًا… بل معركة بقاء.”
ويقدّم الكاتب اليميني مقاله كما لو أنه شهادة على انهيار مجتمع كامل. لا يكتب مقدمة، ولا يمهّد للقارئ، بل يفتح النار مباشرة، ويقول إن السويد أصبحت “بلدًا لا يعرف نفسه”، وإن التغيّرات التي شهدتها المدن خلال العقدين الأخيرين جعلت المواطنين يشعرون بأنهم يعيشون في أرض أجنبية فقدت ملامحها الأساسية.
يمضي الكاتب في وصفه قائلاً: – إن المدن السويدية الكبرى لم تعد تشبه نفسها. شوارع يتحدث فيها الناس بلغات لا يفهمها أحد ، واجهات محال بحروف شرقية كأنها خرجت من عالم آخر، وعادات يومية لا تعكس شيئًا من الثقافة السويدية التي بُنيت عليها البلاد. يرى أن هذه التحولات ليست تدريجية أو طبيعية، بل “زلزال مجتمعي” يبتلع كل ما هو سويدي ويترك خلفه خليطًا لا انسجام فيه ولا هوية له.
ويحمّل الكاتب الحكومات المتعاقبة، خصوصًا اليسارية الأشتراكية منها، مسؤولية هذا المشهد. يقول إن السياسيين الذين قادوا السويد خلال سنوات الهجرة الكبرى باعوا السويد بسعراً بخس “لأحلام رومانسية” حول التعددية الثقافية، بينما تجاهلوا التحذيرات المبكرة من تفكك القيم وضعف الانتماء وانهيار الإحساس بالمسؤولية المشتركة والجريمة والغش والتطرف والانهيار المجتمعي بسبب استراد مهاجرين من الشرق.
وينتقل الكاتب إلى ملف الجريمة، ويصفه بأنه “المرآة القاتمة” لما آلت إليه الأمور. يشير إلى إطلاق النار شبه اليومي، وإلى عصابات منظمة تدير اقتصادًا موازيًا في قلب المدن، ويقول إن السويد أصبحت حاضنة لجرائم “لم تعرفها في تاريخها”. يصرّ على أن هذه الظواهر جاءت مع موجات الهجرة من مناطق نزاعات وثقافات مختلفة جذريًا عن المجتمع السويدي، وأن الدولة أصبحت عاجزة عن فرض القانون في بعض الأحياء.
ثم يذهب إلى المدرسة السويدية، ويصفها بأنها إحدى أكبر الخسائر. مدارس كاملة — كما يقول — لم تعد قادرة على تدريس السويدية بشكل طبيعي لأن أغلب الطلاب لا يتحدثون اللغة في الأساس. يرى أن لغة البلاد أصبحت “زائرة” داخل الفصول، وأن الجيل القادم لا يحمل أي علاقة حقيقية للثقافة السويدية التي شكّلت المجتمع على مدى قرون.
وفي حديثه عن الرعاية الصحية والخدمات، يكتب بنبرة حادة أن النظام يتداعى تحت الضغط: طوابير تتزايد، مراكز رعاية مكتظة، وسلطات بلدية تعمل بإرهاق دائم. يربط كل ذلك بالسياسات التي جعلت السويد — كما يصفها — “مركزًا لاستقبال أكثر مما تحتمل”.
ويصل إلى نقطة يعتبرها جوهر المقال: الهوية. يقول صراحة إن السويد بلد صغير لا يتحمل موجات تغيير ديموغرافي ضخمة، وإن السويديين بدأوا يشعرون بأنهم “أقلية وأنهم أجانب في بلادهم”. يكرر أن هذا ليس خوفًا أو تضخيماً إعلاميًا، بل “شعور حقيقي بالضياع”، وأن المجتمع السويدي يفقد الرابط الذي يجمعه على شكل “نحن”.
ويواصل هجومه و يصبح الكاتب أكثر حدة. يزعم أن المهاجرين تحوّلوا إلى “كتلة انتخابية جاهزة” تستخدمها الأحزاب الليبرالية الاشتراكية لفرض أجندات لا علاقة لها بمصالح المواطنين الأصليين. ويعتبر هذا التحول “أكبر تهديد للديمقراطية السويدية”، لأن السياسة — في رأيه — أصبحت تدور حول استرضاء مجموعات جديدة بدل الحفاظ على توازن المجتمع.
ويطرح رؤية قاتمة لمستقبل السويد : يتحدث عن معركة بقاء ثقافية، وعن مجتمع يفقد لغته وتاريخه وتماسكه، وعن دولة عاجزة أمام الضغوط. يقول إن ما يجري الآن ليس مجرد فشل سياسات الهجرة، بل “تفكك أمة كاملة”. وينهي مقاله بلغة أشبه بالإنذار الأخير، مؤكداً أن انتخابات سبتمبر 2026 ستكون “الحد الفاصل” بين طريقين:
إما أن يدعم السويديون الأحزاب التي تعِد بردّ البلد إلى “مركزه الطبيعي”،
أو أن يعود اليسار للحكم ويستمر — كما يقول — “الانحدار نحو فقدان الوطن”.
يختم الكاتب بكلمات ثقيلة:
إن السويد تقف على حافة زمن جديد، زمن سيقرّر ما إذا كانت ستظل وطنًا لشعبها… أم مجرد مساحة يسكنها من يصل إليها أولاً.









