مجتمعمقالات رأي

كاتب سويدي:لماذا لا يعود سوريون السويد إلى “سوريا الجديدة”؟ سقط النظام ورفعت العقوبات!

في مقال للكاتب السويدي ، لارش اندرسون ، كتب فيه ” في خضم التحولات الجذرية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ومع ما يبدو أنه نهاية فصل طويل من الصراع السوري، تطرح تساؤلات جديدة نفسها بقوة:
لماذا لا يعود السوريون في السويد إلى بلادهم؟ وهل السويد، بكل ما قدمته، أصبحت “وطنًا بديلًا” أم أنها كانت مجرد “محطة مؤقتة” للهروب من جحيم الحرب”؟ فالرئيس السوري السابق بشار الأسد لم يعد في الواجهة، وظهر أحمد الشرع إلى المسرح السياسي في لقاءٍ وصف بالتاريخي مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الرياض.




نحن نرى ، الاتحاد الأوروبي، تركيا، السعودية، قطر… جميعها أعلنت رفع العقوبات، وفتحت الباب أمام خطط ضخمة لإعادة الإعمار. التصريحات القادمة من العواصم الإقليمية تقول إن “سوريا الجديدة” ستكون حليفًا للغرب، لا معقلًا للنزاعات. هذه الأحداث أعادت طرح سؤال جوهري على آلاف السوريين المقيمين في السويد: ماذا بعد؟ هل آن أوان العودة؟



السويد: وطن اللجوء… أم  الوطن الأم الجديد للسوريين؟

منذ عام 2015، استقبلت السويد ما يزيد عن 190 ألف لاجئ سوري، أصبحوا حالياً بين 250 ألف مواطن في السويد ، أكبر حالية اجنبية في السويد ، وقدمت لهم الحماية، السكن، التعليم، الرعاية الصحية، وحتى الحق في التصويت المحلي لاحقًا. كثير من السوريين بنوا حياة جديدة، تعلموا اللغة، حصلوا على وظائف، وربما أسسوا عائلات هنا.




 وفقا للكاتب السويد لارش اندرسون ، فالانتماء لا يُفرض بجواز سفر ولا بطاقة إقامة. فالكثير من السوريين ما زالوا يشعرون أن “الهواء” في دمشق وحلب واللاذقية “يخصهم” أكثر من نسيم مالمو أو  وثلوج يوتبوري وبرد أوميو. وربما، كما يقول البعض، السويد كانت مجرد قارب نجاة في لحظة غرق… لا أكثر.  واليوم، وقد سقطت الحواجز السياسية، وتكثفت الوعود بإعادة الإعمار، تُطرح عودة السوريين كخيار، وربما كمطلب ضمني من الحكومات الأوروبية التي لم تعد ترى مبررًا للجوء السياسي في ظل “سوريا المستقرة”.




لكنّ العودة ليست قرارًا عاطفيًا فقط.
في السويد، هناك نظام رفاه معقّد ومتين يوفّر الرعاية الشاملة للأفراد من المهد إلى اللحد:

  • تعليم مجاني عالي الجودة
  • رعاية صحية دون تكلفة
  • دعم سكني
  • مساعدات اجتماعية
  • حماية قانونية وأمان شخصي





هل يستطيع السوري العائد أن يجد نفس هذا المستوى من الكرامة والضمان في بلده؟
هل ستكون المدارس كما هي هنا؟ هل المستشفيات جاهزة؟ هل البنية التحتية موجودة؟
الجواب المؤلم: ليس بعد.
فربما ما يعيشه السوري في السويد هو حالة من التمزّق الداخلي: هو يشعر أنه ينتمي لسوريا وجدانيًا، لكنه ينتمي للسويد عمليًا. هويته تتشكل هنا، مستقبله يتبلور هنا، أبناؤه يتحدثون السويدية أكثر مما يتحدثون العربية. والسؤال الذي يفرض نفسه الآن ليس فقط: “هل يعود السوريون؟”، بل: هل يملك السوريون رفاهية الاختيار؟ وهل العودة ستكون وطنية… أم انتحارية؟




السويد: جنة لا يعرفها إلا من غادرها

السويد، كما يصفها البعض من الجاليات الأجنبية، هي “الفردوس المفقود”. قد لا يشعر الإنسان بقيمتها إلا عند مغادرتها. فبينما تُنتقد السياسات أو تُرفض العادات، يبقى ما تقدمه هذه الدولة من نظام إنساني لا مثيل له تقريبًا. قد يرحل بعض السوريين بدافع الوطنية أو الأمل أو حتى الإحباط من الغربة…
لكن كثيرين سيترددون، بل سيقاومون فكرة ترك أرض احتضنتهم، وقدّمت لهم ما لم تقدمه أوطانهم الأم.




في النهاية فإن العودة إلى سوريا حق شخصي، وربما واجب أخلاقي للبعض. لكن على العالم العربي والدولي ألا يغتر بالشعارات فقط… فبناء الأوطان لا يتم بالكلمات، بل بالضمانات. وحتى تلك اللحظة، سيبقى السوري في السويد يعيش في مفترق طرق… ما بين الوطن الذي هرب منه، والوطن الذي تبنّاه.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى