قضايا العائلة والطفل

قصة الشاب السويدي أندريه والشابة هند في مدينة لوند من التعارف للزواج “المختلط”

في السويد، تعتبر حالات الزواج المختلط بين المهاجرين والسويديين جزءاً من المشهد الاجتماعي المتنوع، لكنها غالباً ما تسير في اتجاه محدد: رجل من خلفية مهاجرة يتزوج من امرأة سويدية. أما العكس – أي زواج فتاة مهاجرة مسلمة من شاب سويدي – فهو أمر نادر نسبياً، بسبب حواجز دينية وثقافية معروفة. فالدين الإسلامي لا يجيز للمسلمة الزواج من غير المسلم، إلا إذا دخل في الإسلام، بينما يُسمح للرجل المسلم بالزواج من غير المسلمة ضمن شروط واضحة.



قصة هند وأندريه: تجاوز للمألوف

في هذا السياق، تبرز قصة الشاب السويدي أندريه دوفيل (25 عاماً) والفتاة المسلمة ذات الأصول المهاجرة هند فاروق (22 عاماً)، كحالة لافتة لتقاطع الدين، والثقافة، والحب. ما يميز هذه القصة ليس فقط اختلاف الخلفيات، بل الجرأة في مواجهة المعايير، والخطوات الجادة التي اتخذها الطرفان لإقامة علاقة مبنية على الاحترام والانسجام الديني.

أندريه وهند





أندريه، الذي نشأ في بيئة سويدية غير مسلمة، قرر أن يعتنق الإسلام، ليس فقط من أجل الزواج بهند، بل لأن قناعاته الروحية بدأت تتشكل في هذا الاتجاه تدريجياً. وبحسب ما يظهر من أسلوب حياته ومحتوى الفيديوهات التي ينشرها، فإن قراره بالإسلام لم يكن لحظياً أو سطحياً، بل نابع من فهم ورغبة شخصية، ما أتاح له الدخول في علاقة زواج شرعي مع هند.



بداية غير متوقعة

تعرف أندريه وهند على بعضهما عن طريق “إنستغرام”، حيث شاهدت هند مقاطع فيديو لأندريه يتحدث عن حياته كطاهٍ، إلى جانب اهتمامه بالأديان، وخصوصاً الإسلام. علّقت هند على إحدى الصور قائلة “يا لها من قطة جميلة!”، ليرد عليها أندريه بلطف. هذا التفاعل البسيط كان الشرارة التي أشعلت بداية علاقة مليئة بالاحترام والتفاهم.




منذ اللحظة الأولى، كان أندريه يدرك أن أي علاقة مع فتاة مسلمة لا بد أن تسير ضمن إطار ديني واضح، فطلب من هند أن تُطلع عائلتها على تواصلهما. لم يكن الأمر سهلاً، خاصة وأن خلفيته المسيحية كانت مصدر قلق لوالدها، لكن اللقاءات والتفاهم الجاد، إلى جانب اعتناقه الإسلام، غيّرت وجهة نظر العائلة، وفتحت الباب أمام علاقة رسمية.



عقد زواج ومفاهيم واضحة

بعد خمسة أشهر من التعارف، تزوجا بعقد شرعي إسلامي. وخلال هذه الفترة، ناقشا بصدق كل ما يتعلق بحياتهما المستقبلية، من الأدوار داخل المنزل إلى الجوانب المالية. أندريه كان واضحاً في رغبته بأن يكون هو المعيل الأساسي، معتبراً أن الحمل والولادة مسؤوليات كبيرة تتحملها المرأة، ولذلك من العدل أن يكون الرجل مسؤولاً اقتصادياً.




أما المهر، فكان له نصيب مهم في النقاش. حيث شدد كلا الطرفين على أن المهر ليس مجرد “مبلغ” يُدفع، بل هو رمز لضمانة المرأة واستقلاليتها، في حال حدوث الطلاق أو وفاة الزوج. أندريه عبّر عن ارتياحه لتقديمه هذا الأمان لهند، قائلاً: “هذا يثبت جديتي، وأنني لن أتركها وحدها في المستقبل”. بينما أوضحت هند أن المهر ليس “ثمناً” كما يتصوره البعض، بل هو حق شرعي يؤكد كرامتها كزوجة.



انتقاد للمظاهر والمبالغات

رغم التزامهما الديني، انتقد الزوجان بعض المظاهر الاجتماعية المرتبطة بالزواج، خاصة ما يتعلق بالمبالغة في المهر، وتحويله إلى وسيلة تفاخر. قالت هند: “رأينا كيف تتحول المسألة إلى سباق: مهر ضخم، سيارة، ذهب… هذا ليس جوهر الموضوع”. أما أندريه، فأكد أن الدين ساعدهما في الحديث عن الأمور الحساسة مثل المال، وأضاف: “عندما تكون الشفافية موجودة منذ البداية، نتفادى الخلافات لاحقاً”.



قصة تتجاوز الزواج

 صحيفة السويدية تحدثت مع  الشيخ سعيد عزام، رئيس مجلس الإفتاء في السويد، حول ما هو المهر فقال / إن المهر في الزواج هو حق المرأة في تجهيز نفسها للزواج  ولزوجها ، ويجب أن يتناسب مع قدرة الزوج المادية، دون مبالغة أو تقليل مخل. وأوضح أن المهر ليس ثمناً للمرأة، بل هو دليل على استعداد الرجل لتحمل المسؤولية، خاصة في المجتمعات التي تفتقر فيها المرأة إلى شبكة أمان اقتصادي.
وأضاف أن من الخطأ الديني أن يَعِد الرجل بما لا يستطيع، داعياً إلى التوازن بين الواقعية والكرم. واعتبر أن مبلغاً بين 50 و70 ألف كرون يعد مناسباً في السويد لتغطية مستلزمات مثل فستان الزفاف وبعض الذهب.




قصة أندريه وهند ليست مجرد قصة حب بين شاب وفتاة، بل هي مثال على كيف يمكن للحب أن يتلاقى مع القيم والاحترام المتبادل. هي أيضاً دعوة للتأمل في فكرة الهوية والانفتاح، وكيف يمكن للجسور بين الثقافات أن تُبنى حين تتوافر النية الصادقة. وبعيداً عن الجدل حول زواج المسلمة من غير المسلم، تبقى قصة هذين الزوجين نموذجاً لمسار مختلف – غير تقليدي، لكنه عميق وصادق.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى