
شابان سويديان يعثران على باص سويدي في شوارع سوريا ويصعدان فيه: كيف وصل لسوريا؟
حافلات سويدية في شوارع سوريا تثير الجدل: من ستوكهولم إلى اللاذقية عبر تجارة غير تقليدية ومشاريع محلية ناشئة
في مشهد غير معتاد وغير مفهوم ، ظهر شابان سويديان وهما يستقلان حافلة حمراء مألوفة لسكان ستوكهولم في مدينة اللاذقية الساحلية السورية. الحافلة، التي لا تزال تحمل شعارات وإعلانات باللغة السويدية بينها إعلان لكنيسة السويد، بدت وكأنها انتُزعت من قلب العاصمة السويدية SL ووُضعت فجأة في شارع سوري مكتظ، ما أثار تساؤلات كبيرة حول كيفية وصولها إلى هناك.
مغامرة غير متوقعة في قلب اللاذقية
الشابان دافيد كوتّي (21 عاماً) ونيما بورماند (20 عاماً) كانا في زيارة إلى سوريا ضمن رحلة تشمل عدة دول في الشرق الأوسط، منها لبنان والعراق وإيران وأفغانستان. وخلال تجوالهما في مدينة اللاذقية، لاحظا حافلة حمراء مميزة توقفت على بُعد أمتار من مكان إقامتهما. وبعد مطاردة قصيرة، تمكنا من استقلالها، موثّقين التجربة بفيديو نُشر عبر حسابهما على إنستغرام “Losgringosontour”، وانتشر بسرعة كبيرة في السويد.

قال كوتّي لصحيفة “Mitt i” السويدية إنهما دفعا “كرونين فقط” لركوب الحافلة، ولفت انتباههما أنها ما زالت تحتفظ ببطاقة SL التعريفية وبعض الملصقات السويدية. وعندما سألا السائق عن كيفية وصولها إلى سوريا، لم يكن لديه أي إجابة واضحة.
شاهد باصات سويدية في سوريا
عرض هذا المنشور على Instagram
كيف وصلت حافلات SL إلى سوريا؟
السر يكمن في سلسلة طويلة من العمليات التجارية التي تبدأ من التخلص من الحافلات القديمة في السويد. إذ تقوم شركات النقل العام هناك، مثل SL، ببيع مركباتها الخارجة من الخدمة لتجّار جملة أو وسطاء، غالباً في مزادات أو عقود بيع دولية. بعض هذه الشركات تتعاون مع وسطاء يبيعون المركبات إلى دول ذات احتياج للنقل العام، ومنها سوريا.
وبفضل غياب الرسوم الجمركية في سوريا على الآليات المستعملة، تنخفض تكلفة دخول هذه الحافلات بشكل كبير. إذ يمكن شراء الحافلة الواحدة بسعر يتراوح بين 4,000 و7,000 يورو (حوالي 45 إلى 80 ألف كرونة سويدية)، مع تكاليف شحن بحري لا تتجاوز 2,000 يورو، حسب الحجم والمسافة.
فرصة استثمارية صغيرة بتكاليف محدودة
وجود هذه الحافلات لا يعكس فقط مفارقة لوجستية، بل يشير أيضاً إلى تحولات داخلية في سوريا، حيث يسعى البعض لإعادة بناء البنية التحتية تدريجياً ضمن ما يسمح به الواقع الاقتصادي. ويشكّل استخدام الحافلات المستعملة بديلاً عملياً عن المركبات الجديدة الباهظة الثمن، ويفتح الباب أمام مستثمرين محليين لتأسيس مشاريع نقل داخلي بتكاليف منخفضة.
تتميز الحافلات السويدية، رغم عمرها، بميزات تقنية متقدمة نسبياً، مثل التكييف ومقاعد مريحة، مما يجعلها مرغوبة مقارنة بوسائل النقل المحلي المتوفرة.
بين اللقطة الطريفة والفرصة الاقتصادية
رغم الطابع الطريف الذي بدا عليه الفيديو، إلا أن المشهد يكشف واقعاً اقتصادياً أكثر تعقيداً، حيث تجد وسائل النقل التي انتهى بها المطاف في أوروبا حياة جديدة في دول تعاني من ضعف البنية التحتية.
ورغم أن شركة SL لم تؤكد بعد إن كانت الحافلة مسروقة أو مباعة بطريقة نظامية، فإن المسار الذي سلكته هذه المركبات يبدو أنه جزء من تجارة قانونية تتم عبر الوسطاء، وهو ما أشار إليه تحقيق صحفي بعد انتشار الفيديو.
خلاصة
القصة التي بدأت بفيديو بسيط لشابين يستقلان باصاً غريباً في سوريا، سرعان ما تحولت إلى تسليط ضوء على تجارة المركبات المستعملة العابرة للحدود، وفرص صغيرة تنبض في قلب أزمات معقدة، حيث قد تكون حافلة قديمة نقطة انطلاق لمشروع نقل جديد، في بلد ما زال يحاول تنظيم قطاعاته الخدمية بموارد محدودة ولكن بأفكار واقعية.