
زوجين سويديين يقيمان خارج السويد يربحان عشرات الملايين من الاحتيال على رعاية الأطفال
كشف تحقيق صحفي حديث أن زوجين سويديين يقيمان خارج السويد تمكّنا، على مدى سنوات، من استغلال نظام رعاية الأطفال في السويد بصورة ممنهجة، حيث حققا أرباحًا ضخمة وصلت إلى ملايين الكرونات عبر تشغيل مساكن غير مرخصة تستقبل أطفالًا يعانون من إعاقات ذهنية واضطرابات نفسية وسلوكية. ورغم أن الجهات المختصة كانت قد صنّفتهما سابقًا كغير مؤهلين لرعاية الأطفال، سجّلت شركتهما أرباحًا بلغت 63 مليون كرون العام الماضي.
التحقيق الذي نشرته صحيفة Dagens ETC بيّن أن الزوجين، كارل ماركوس وريبيكا غيرتوف، قاما بتسجيل منازل متعددة على أنها “أسر بديلة”، بينما كانت تُدار عمليًا كمراكز رعاية (HVB) تتطلب ترخيصًا خاصًا من مفتشية الصحة والرعاية IVO. هذا التحايل سهّل عليهما العمل بعيدًا عن الرقابة، ومنح أنشطتهما غير القانونية فرصة للاستمرار دون توقف.
أخطر ما كشفه التحقيق وقع داخل مسكن يُعرف بـ”فيلا الطبيب” في بولسبو قرب أوربرو. ففي سبتمبر 2022، حاولت فتاة مراهقة الهرب عبر القفز من نافذة المنزل بعد أن مُنعت من استخدام هاتفها بسبب ميولها لإيذاء النفس.
الجيران قالوا إنهم اعتادوا سماع صراخ الأطفال والموظفين بشكل شبه يومي، فيما أظهرت التحقيقات أن الفتاة عُزلت في طابق سفلي غير صالح للسكن، ومنعت من الصعود للطابق العلوي.
كما تحدّث أطفال آخرون عن إهانات لفظية تعرضوا لها من موظفين، وتهديدات، بل وتصوير أحدهم في موقف مهين وتسريب المقطع.
وعندما قامت IVO بزيارة المكان، اكتشفت تجاوزًا واضحًا في عدد الأطفال، إضافة لغياب شروط الأمان، واعتبرت الوضع يشكّل تهديدًا مباشرًا لحياتهم، فأصدرت قرارًا فوريًا بالإغلاق. لكن الإغلاق لم يمنع الزوجين من مواصلة العمل. فقد نقلت بلدية سيغتونا طفلين إلى مسكن آخر تابع لهما في برومستن – ستوكهولم، مسجَّل هو الآخر على أنه “أسرة بديلة”، ويُشرف عليه رجل يُدعى بيني، سبق له العمل مع الزوجين، وظهر في أحد المقاطع وهو يدخن مادة يُعتقد أنها مخدرة أثناء الدوام.
ريبيكا غيرتوف أجرت بنفسها تقييم أهلية بيني من خلال شركة استشارية تملكها، بينما استعانت البلدية بمقيّم خارجي اتضح لاحقًا أن له نشاطًا تجاريًا مع الزوجين، ما يطرح تساؤلات حول الحياد والنزاهة.
أقفال، عزل، وموظفون لهم سوابق خطيرة!
صور مسربة من داخل المسكن في برومستن أظهرت أبوابًا ونوافذ مغلقة بأقفال تمنع خروج الأطفال. موظفون سابقون أكدوا أن الأطفال الذين يتسببون بـ”إزعاج” كان يتم احتجازهم في غرفة فارغة بلا أثاث ولا مقابض داخلية.
كما تبين أن من بين العاملين شخصًا صدر بحقه حكم سابق بجريمة اغتصاب طفل وحيازة مواد إباحية للأطفال.
ورغم كل ذلك، قامت بلدية سيغتونا بثماني زيارات للمكان دون أن تكتشف أي من هذه الانتهاكات.
الأخطر أن موظفين ذكروا أن موظفة في البلدية شاركت في حفل نظمته شركة الزوجين عام 2023، رغم إشرافها المباشر على ملفاتهم. مديرة في البلدية قالت إن هذه المعلومات لم تكن معروفة لديها، وإن صحت فهي تمثل تضارب مصالح واضح.
أسلوب متكرر بأسماء جديدة!
الزوجان واصلا العمل من خلال إنشاء شركات جديدة وتغيير العناوين بشكل مستمر. ففي خريف 2024، كشفت IVO وجود طفلين في منزل ريفي قرب نينهامن، أحدهما ينام على فرشة متّسخة على الأرض دون غطاء.
كما تبيّن أن الرجل المسجّل كـ”أب بديل” لا يقيم فعلًا في المنزل، وأن إدارة المكان مرتبطة بالزوجين عبر شبكة شركات تعمل بواجهات مختلفة.
التحقيق أوضح أن الأسر البديلة لا تخضع للرقابة الصارمة المفروضة على مراكز HVB، وهو ما سمح للزوجين بالتهرب من المتطلبات القانونية وتقديم مساكنهم كمنازل أسرية رغم أنها تُدار كمنشآت رعاية مؤسسية.
كما استُخدم مصطلح “الأسرة المعززة” لإضفاء شرعية على وجود موظفين دائمين، رغم عدم وجود تعريف قانوني لهذا المصطلح.
منسقة قضايا الأطفال في منظمة SKR، مارتا غاندرا، قالت إن الأسرة البديلة ينبغي أن تكون “عائلة طبيعية وليست مؤسسة تُدار كشركة تجارية”.
وفي أكتوبر 2025، ألغت IVO ترخيص آخر شركات الزوجين، “مركز الفرد والعائلة”، بعد أن اكتشفت أن كارل ماركوس حضر اجتماعات تحت هوية شخص آخر. ورغم سحب الترخيص، استمر نشاطهما عبر كيانات جديدة. صحيفة Dagens ETC زارت أحد المواقع الجديدة، حيث واجه الصحفيون رجلًا يُدعى تيد يعمل ويعيش في المسكن، رغم تسجيله كأب بديل فقط. الرجل قال إنه لا يعرف آل غيرتوف، لكن حسابه على فيسبوك يظهر صداقة مباشرة مع كارل ماركوس.
لاحقًا نفذت الشرطة مداهمة بعد بلاغ عن احتجاز أطفال، وأوقفت عددًا من الموظفين بتهم تتعلق بالحرمان غير القانوني من الحرية. ومن المتوقع أن تُحسم إجراءات توجيه الاتهامات قبل نهاية العام.









