قصص المهاجرين واللاجئين

حسين جمع 1.3 مليون كرون لعلاج والدته من السرطان بعد رفض مستشفى سويدي علاجها!

في قصة إنسانية مؤلمة تكشف جانباً قاسياً من واقع الرعاية الصحية في السويد، تحوّلت معركة عائلة واحدة مع السرطان إلى قضية رأي عام، وطرحت أسئلة صعبة حول حدود النظام الصحي، ومعنى العدالة، ومن يملك حق الحياة عندما تصبح الكلفة هي الحكم.
“ما حدث كان أكبر مني ومن أمي”
بهذه الكلمات يلخّص حسين حيدر ما عاشته عائلته بعد أن تلقّت والدته، المقيمة في منطقة يارفا – Järva، بالعاصمة السويدية ستوكهولم خبراً غيّر حياتهم بالكامل: إصابتها بنوع نادر من السرطان في بداية عام 2025.





خضعت الأم لعلاج كيميائي لمدة ستة أشهر، لكن النتيجة كانت صادمة. العلاج لم يُجدِ نفعاً، ومع مرور الوقت أبلغها الأطباء في مستشفى كارولينسكا في سولنا (Karolinska i Solna) أن الخيارات العلاجية المتاحة داخل السويد قد استُنفدت، وأن الخطوة التالية هي الرعاية التلطيفية فقط ، أي رعاية دون أمل بالشفاء حتى الوفاة.
يقول حسين:

“عندما قالوا للأسف، شعرت أن كل شيء انهار. أمي هي كل حياتي. ضحّت بكل شيء من أجلنا لنحصل على مستقبل أفضل”.




علاج موجود… لكنه “غير مسموح”

حسين، الذي يعمل في مجال الصناعات الدوائية، لم يستسلم. بحث وقرأ وتواصل مع أطباء وخبراء  ، ليصل إلى نتيجة واضحة:
هناك علاج مناعي (Immunterapi) أظهر نتائج فعّالة جداً مع هذا النوع النادر من السرطان، ويُستخدم كعلاج أساسي في دول أوروبية مثل فنلندا. لكن الصدمة الكبرى كانت هنا: مستشفى كارولينسكا رفض تقديم العلاج. السبب لم يكن طبيّاً، بل مالي واقتصادي. فالعلاج باهظ الثمن ، ولم توافق عليه الرعاية الصحية السويدية ، ولا يُدرج ضمن العلاجات التي تُموَّل من الدولة، والأهم: أن حسين قرر دفع المال شخصيا للمستشفى وتحمل الكلفة، ولكن الطبيب قال أن المستشفى رفض ـ فالقانون لا يسمح للمريض أو لعائلته بدفع تكلفة علاج غير داخل المستشفيات الحكومية ، حيث يدفع مريض لديه القدرة فيتم علاجه ،ولا يستطيع مريض أخر الدفع فلا يتم علاجه!

حسين ووالدته





يقول حسين:

“توسلت، شرحت، قدّمت دراسات، لكن الرد كان واضحاً: لا يمكننا تقديم هذا العلاج، حتى لو دفعتم ثمنه بأنفسكم”.

1.3 مليون كرون… ثمن الأمل

الخيار الوحيد المتبقي كان تلقي العلاج خارج السويد، وبالفعل وجد مركز علاجي في فنلندا يقدم العلاج بشكل استثماري. ولكن الكلفة: 1.3 مليون كرون سويدي. فكّر حسين في القروض، ثم اتخذ قراراً أخيراً: إطلاق حملة تبرعات.




حملة من Tensta… هزّت السويد

في سبتمبر، نشر حسين نداءً على منصة GoFundMe. طلب دعم والدته لكي تظل على قيد الحياة ، ولم يكن يتوقع شيئاً كبيراً، لكنه فوجئ بما حدث بعد ذلك:

  • 500 ألف كرون خلال 48 ساعة
  • مشاركة واسعة من شخصيات عامة
  • دعم محلي غير مسبوق
  • تضامن كامل من منطقة يارفا

يقول:

“أنا شاب عادي من تنستا (Tensta)، لكن شعرت أن كل يارفا وقفت معنا. هنا لا يترك الناس أهلهم، ولا يتركون بعضهم”.

حسين ووالدته

العلاج يبدأ… والأسئلة تبقى

اليوم، بعد جمع المبلغ كاملاً، بدأت والدة حسين علاجها في فنلندا. حالياً وضعها مستقر نسبياً، والأمل عاد إلى العائلة. لكن القصة لم تنتهِ. النظام الصحي في السويد يوجد فيه خلل في الدعم!  بالنسبة لحسين، ما حدث ليس مجرد مأساة شخصية، بل مشكلة  لكل المجتمع:

“من غير المقبول أنه في عام 2025 نُجبر على جمع التبرعات لإنقاذ حياة إنسان، فقط لأن العلاج مكلف والسويد ترفض تقديم العلاج بسبب التسعير العلاجي”.

القضية أعادت فتح نقاش واسع في السويد:

  • هل المال يحدد من يستحق العلاج؟
  • لماذا يُمنع المريض من دفع ثمن علاجه بنفسه؟
  • وهل العدالة الصحية تعني المساواة… أم الحد الأدنى للجميع؟
  • رغم الألم، يرى حسين جانباً مضيئاً:

“ما حدث جمع أشخاصاً من كل الخلفيات، كل الديانات، كل الثقافات. آلاف لم يعرفونا، لكنهم قرروا أن يفعلوا شيئاً. ما حدث كان أكبر مني ومن أمي”.

والدة حسين اختارت عدم الظهور إعلامياً، لكنها وافقت على نشر قصتها، ربما لأن صوتها اليوم لا يخصها وحدها…
بل يخص كل مريض يُقال له: نعتذر، العلاج موجود… لكن ليس لك.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى