
حزبين سويديين بخلفية مهاجرة (نيانس والاتحاد) في انتخابات السويد 2026.. ما النتيجة؟
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الجديدة في السويد، يظهر حزب سياسي جديد تأسس من أصول مهاجرة هو الأتحاد السويدي لينضم لرفيق أخر “نيانس” ، وبذلك تتزايد المخاوف من تكرار سيناريو انتخابات 2022، حين أدّى تفتت أصوات المهاجرين إلى نتيجة قد تكون، من منظور الأرقام، حاسمة لصالح كتلة اليمين، التي تضم حزب “ديمقراطيو السويد” اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين بقيادة جيمي أوكسون.
لنعود بالذاكرة للوراء ونرى المشهد كيف كان ،
– في انتخابات 2022، حصل التحالف اليساري، المكوّن من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب اليسار، حزب البيئة، وحزب الوسط، على ما مجموعه 3,165,711 مليون صوتاً، أي 173 مقعداً في البرلمان.
-في المقابل، حصد التحالف اليميني المكوّن من المحافظين، المسيحيين الديمقراطيين، الليبراليين، وسفاريا ديموكراتنا، 3,212,007 مليون أصوات، ما منحه 176 مقعداً.
-الفارق بين الكتلتين كان ثلاثة مقاعد فقط، بما يعادل نحو 46,296 ألف صوتاً. فارق ضئيل كان كافياً لترجيح كفة اليمين ومنحه الأغلبية البرلمانية.
لاحظ أن 3 مقاعد كانت تساوي 46 ألف صوت كان يحتاج الاشتراكيين منهم مقعدين فقط بنسبة 28 ألف صوت 0.45 % وهي نفس النسبة التي ذهبت لحزب نيانس !!؟ بينما يذهب المقعد الثالث لصالح اليمين .. ولكن النتيجة النهائية فوز كتلة الاشتراكيين!
السؤال الجوهري هنا: كيف كان يمكن أن يتغيّر هذا الواقع لو أُعيد توزيع جزء بسيط من الأصوات؟
نأخذ مثال حزب “نيانس”، الذي تأسس قبل الانتخابات وركز حملته على قضايا المسلمين والمهاجرين. هذا الحزب لم يتجاوز عتبة البرلمان (4%)، لكنه حصل على 28,352 ألف صوتاً، أي ما نسبته 0.44% من مجموع الأصوات الصحيحة. هذه النسبة، رغم عدم فاعليتها في دخول البرلمان، كانت قريبة جداً من الفارق الذي كان سيسمح لكتلة اليسار بالحصول على مقعدين إضافيين والوصول إلى الأغلبية.
الخطر يكمن في أن هذه الظاهرة قد تتكرر وربما بشكل أكثر تعقيداً في الانتخابات المقبلة 2026، مع الإعلان عن حزب جديد يُدعى “الاتحاد السويدي”، يقوده سياسيون من أصول مهاجرة مثل جمال الحاج. وهو الذي استقال أو فُصل من الحزب الاشتراكي على خلفية حضوره فعاليات متعلقة بقيادات من حركة حماس المتطرفة، ما أثار جدلاً سياسياً وإعلامياً كبيراً ووصمه، إعلامياً على الأقل، بخلفية يُنظر لها باعتبارها إسلامية متطرفة.
ومثل حزب “نيانس”، قد يجذب “الاتحاد السويدي” أصوات شريحة من المهاجرين، خصوصاً المسلمين، بدافع الهوية والانتماء والولاء ، دون أن يكون لهذا الحزب أي فرصة حقيقية لدخول البرلمان السويدي. وهنا يتكرر السيناريو: أصوات مهاجرين كانت تذهب تقليدياً لأحزاب اليسار، تتحول إلى كيانات ناشئة لا تتجاوز نسبة الحسم، فيتشتت التأثير السياسي للمهاجرين، ويخسر التحالف اليساري رصيده التقليدي.
هذا التفتت يمنح اليمين السويدي واليمين المتطرف، بما في ذلك حزب “سفاريا ديموكراتنا”، فرصة تاريخية لتعزيز نفوذه، مع ما يحمله من أجندات وقوانين وخطابات مشددة وقاسية ومتطرفة ضد المهاجرين. وحتى إن كان الحزب اليميني المتطرف “سفاريا ديمقارطنا” سيحصل على مقاعد كثيرة في كل الأحوال، إلا أن فوز كتلة اليمين بالكامل هو ما يمكّنه من لعب دور الموجه الرئيسي للسياسات العامة للسويد.
الأرقام لا تكذب: أقل من 50 ألف صوت غيّرت ملامح الحكم في السويد!! في عام 2022. وحزب سفاريا ديمقارطنا المتطرف لم يدخل حكومة سابقاً ،وكان معزولاً دائماً ،ساهم بشكل مباشر، في قلب الكفّة. فكيف سيكون التأثير هذه المرة مع حزبين صغيرين من نفس القاعدة الانتخابية؟
الناخب المهاجر في السويد الآن أمام خيار مصيري: إما أن يُحسن استخدام صوته في اتجاه فعّال، أو أن يحتار نجربة مشاريع أحزاب سياسية تفتقر للفرصة والتأثير. في الحالتين، الكلفة ستكون عالية، ليس فقط على مستوى المشاركة، بل على حاضر ومستقبل قضاياه.
هذه ليست دعوة للولاء لحزب معين، بل دعوة لفهم اللعبة الانتخابية في السويد بحسابات دقيقة، بعيداً عن العاطفة والانفعال. فأنت بمعارضتك القوية لحزب مثل سفاريا ديمقارطنا يمكن أن تدعمه دون أن تشعر ، وفي نفس الوقت ربما يقول قائل “لماذا لا نساعد في خلق تيار جديد في السويد من خلال انتخاب ودعم أحزاب بخلفية مهاجرة جديدة؟”
تنويه: المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط .