تقارير

جزء كبير من المعلقين العرب يرحبون “بضرب إيران وقصفها” لمـــاذا ؟

يقول الصحفي السويدي  Isak Pettersson ، في مقال حول الصراع المندلع بين إيران وإسرائيل ، أنه وفي ظل اشتعال المواجهة بين إيران وإسرائيل، برز مشهد إقليمي معقد يعكس حالة انقسام عميقة داخل الشارع العربي، لا سيما بين المعلقين السنة، الذين بدوا في جزء كبير منهم وكأنهم يصطفّون – عن وعي أو دون وعي – إلى جانب إسرائيل ضد إيران، في مفارقة حادة مع التاريخ السياسي والديني للصراع العربي–الإسرائيلي.




فعلى الرغم من أن إسرائيل تُعد العدو الكلاسيكي للعرب منذ عقود، خصوصاً في ضوء الجرائم المستمرة التي ترتكبها في غزة والضفة الغربية، فإن جزءاً واسعاً من الرأي العام السني، خصوصاً من دول مثل العراق ومصر وسوريا والخليج، بات يُعبّر عن ارتياحه لضرب إيران، أو يتمنى انهيارها، حتى إن كان الثمن تعزيز القوة الإسرائيلية في المنطقة.




هذا التحول لا يمكن فهمه إلا من خلال عدسة الخلاف الطائفي المتجذر، حيث طغى العداء المذهبي لإيران الشيعية على أي شعور بالتضامن الديني أو القومي تجاه الفلسطينيين، رغم أن طهران هي واحدة من الدول القليلة التي دعمت المقاومة الفلسطينية علناً، وبشكل مستمر، سواء في غزة أو عبر حلفائها في لبنان واليمن والعراق.




الغريب أن المعلقين العرب من السنة، الذين يتهمون إيران بالتدخل في شؤون العراق وسوريا، يتجاهلون أن هذا التدخل تم في الغالب بطلب رسمي من حكومات تلك الدول ومواطنين هذه الدول مثل شيعة العراق الذين عملو واستدعوا اإيران لداخل العراقوكذلك نظام سوريا واعوانه هم سوريون استدعوا إيران، لذلك إيران جاءت بدعوة شعبية وحكومية بتلك الدول لا غزواً أو احتلالاً كما فعلت إسرائيل في فلسطين. ومع ذلك، يتم تصوير إيران كخطر “وجودي” يفوق في نظر البعض الخطر الإسرائيلي بالنسبة للعرب . فهل بالفعل العرب المعادين لإيران يجدون إسرائيل بلداً حليف صديق يمكن التعامل معه أفضل من  إيران؟.




في المقابل، وقفت معظم الدول العربية الإسلامية موقف المتفرّج، مكتفية بإصدار بيانات إدانة شكلية، أو الصمت، تاركة إيران وحيدة في مواجهة غير متكافئة مع إسرائيل المدعومة مالياً وتسليحياً من الولايات المتحدة وعدد من القوى الغربية. هذا الصمت يعكس أيضاً خشية بعض الأنظمة من امتداد النفوذ الإيراني داخل مجتمعاتها الهشة طائفياً، وربما حسابات أبعد تتعلق بعلاقتها بالغرب.

آراء الغربيين وخبراء السياسة

  • محللو غرب وإسرائيل يراهنون على هذا العداء السني–الشيعي كفرصة لتأييد حركي ضد إيران .

  • رغم انتقاد إيران من قبل بعض السنة، فإنها تظل الداعم الوحيد لغزة والمقاومة السنية في وجه الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ ثلاث سنوات





الواقع أن ما نشهده اليوم ليس فقط تصعيداً عسكرياً بين قوتين إقليميتين، بل صراعاً على هوية المنطقة: هل يُعاد تعريف العدو والصديق بناءً على الطائفة؟ هل أصبح العداء لإيران أهم من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي؟ وهل من المنطقي أن تتحول حسابات الغضب الشعبي إلى أدوات تخدم مَن يقصف غزة، لا من يدعمها؟



لماذا يميل قطّاع من العرب السنة لدعم ضرب إيران رغم العداء الطويل مع إسرائيل؟

  • الخلاف المذهبي: التوتر السني–الشيعي أعاد ترتيب أولويات بعض الجمهور العربي، الذي يرى إيران كتهديد للمنطقة من زاوية مذهبية ووطنياً (سوريا، العراق، مصر).

  • تدخلات إيران السابقة: كثيرون يشيرون إلى دورها في دعم جماعات في سوريا والعراق حولت تدخلاتها من دعوة حكومية إلى نفوذ ميداني، رغم أنها جاءت بدعوة من حكومات محلية.

  • العداء لإسرائيل مؤقت: يبدو أن قطاعًا من السنة يعتبر إسرائيل “العدو التقليدي” أقل خطورة مقارنة بما يرونه تهديدًا داخليًا من إيران.





في نهاية المطاف، يبدو أن الشرق الأوسط قد دخل مرحلة جديدة من التجاذبات، حيث تتقاطع السياسة بالطائفية الوطنية والقومية … وتغيب البوصلة ، ويتحوّل العدو التاريخي إلى حليف ظرفي في معادلة يختلط فيها المذهب بالسياسة بالدين بالمصلحة المثقوبة.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى