
تقارير داخلية تكشف انتهاكات داخل مراكز احتجاز المهاجرين في السويد
كشّفت معلومات خطيرة عن أوضاع مراكز احتجاز المهاجرين التابعة لمصلحة الهجرة السويدية، بعدما حصلت وسائل أعلام سويدية على وثائق داخلية تتضمن شكاوى متعددة حول طريقة التعامل مع المحتجزين والظروف التي يعيشونها. وتشير هذه الوثائق إلى انتهاكات محتملة في المعاملة، إلى جانب أزمات للموظفين، ما يعكس بيئة مضطربة . أحد أبرز الأحداث التي وثقتها التقارير وقع في مركز احتجاز “فلين”، حيث احتجت مجموعة من المحتجزين بسبب سوء جودة الطعام. ونقل التقرير أن أحدهم هدد بإحراق المطبخ إن استمر تقديم الطعام “الرديء”، بينما هتف آخرون مؤكدين استعدادهم للدخول في مواجهة جماعية.
وهذه ليست الحادثة الأولى من نوعها؛ فالتقارير الممتدة حتى عام 2025 تشير إلى أن الاعتراضات على نوعية الطعام باتت ظاهرة متكررة في عدة مراكز، منها يافله ومولندال وأوستورب ويونغبيهيد. ووصف محتجزون الطعام بأنه “فاسد” أو “مليء بالزيوت” أو “غير كافٍ”، بينما أشار آخرون إلى أن حصص الطعام تبدو وكأنها تقل مع مرور الوقت.
كما كشفت الوثائق عن ضعف واضح في الخدمات الصحية، خاصة الدعم النفسي، حيث يجد المحتجزون صعوبة في الوصول إلى متخصصين نفسيين. وأكد تقرير ديوان المحاسبة الوطني أن مصلحة الهجرة لم تنجح في توفير الحد الأدنى من التشغيل الملائم لهذه المراكز، وهو ما تسبب – حسب وصف التقرير – في “معاناة لا داعي لها”.

القانون السويدي يفرض أن يعامل كل محتجز باحترام وبما يحفظ الكرامة الإنسانية، مع عدم فرض قيود على الحقوق إلا في أضيق الحدود، لكن ما ورد في الوثائق يشير إلى فجوات كبيرة بين النصوص القانونية والواقع داخل بعض المراكز.
توتر داخلي وخلافات حادة بين الموظفين!
لم تتوقف الإشكالات عند سوء معاملة المحتجزين، بل امتدت إلى العلاقات بين العاملين أنفسهم. فبعض الوثائق تشير إلى وقوع اشتباكات لفظية وجسدية داخل الفرق. في مركز فلين، أفاد أحد الموظفين بأنه تعرّض للدفع والصراخ من زميله، في حين تضمن تقرير آخر رسالة تهديدية من مدير لأحد موظفيه جاء فيها: “سأذبحك”.
وفي واقعة أخرى، أطلق أحد المشاركين في دورة تدريبية عبارة صادمة بحق إدارة المصلحة، قائلاً إنها “يجب أن تُرمى في حفرة ويُطلق عليها النار”. كما تحدثت موظفة في مارشتا عن تعرضها لمعاملة تمييزية واضحة بسبب جنسها، إذ قال مديرها إنه لا يثق بالنساء في أداء مهام معينة.
اتهامات بالعنصرية وإساءة المعاملة
الوثائق تضمنت أيضًا شكاوى تتعلق بتصرفات عنصرية أو مهينة صدرت من بعض موظفي المراكز. ففي مركز مارشتا، تحدث موظف جديد عن سماعه عبارات تنطوي على ازدراء بحق محتجزين عرب وإيرانيين وأفغان، من قبيل أوصاف تتعلق بالشكل أو النظافة، بما في ذلك قول أحد الموظفين عن أحد المحتجزين: “لا يستحق الطعام، اتركوه يجوع”.
وفي حادثة أخرى في مركز أوستورب، وثقت التقارير واقعة صراخ وسباب من حارس تجاه محتجز، بالإضافة إلى تصوير محتجز خلسة ونشر المقطع عبر منصة “سناب شات”، في انتهاك صريح لحقوق الخصوصية.

حتى الموظفون أنفسهم لم يسلموا من العنصرية؛ أحد العاملين من أصحاب البشرة السمراء أبلغ عن تعرضه لوصف مهين، وعندما حاول أن يُسجّل الواقعة رسميًا، رفض مديره ذلك بحجة أنها “ليست خطيرة”.
ضغط نفسي حاد داخل بيئة العمل
علق جورجيو غروسي، الخبير النفسي من شبكة Stressmottagningen، بأن التعرض المتكرر لسلوكيات عنصرية أو وضعيات تتعارض مع القيم الأخلاقية يسبب ما يُعرف بـ”الضغط الأخلاقي”. وأوضح أن هذا النوع من الضغط يدفع بعض العاملين إلى التبلّد العاطفي أو اللجوء إلى السخرية كأسلوب دفاعي، ما يؤدي مع الوقت إلى انهيار التعاطف وتدهور العلاقات بين الموظفين والمحتجزين على حدّ سواء.
وأضاف أن تصاعد التوتر داخل بيئة العمل قد يجعل أبسط المواقف قابلة للتحول إلى صدام مباشر، خصوصًا في أماكن حساسة مثل مراكز الاحتجاز.









