
ترحيل ممرضة وزوجها من السويد بموجب قانون جديد يرفض منحهم إقامة عمل بعد اللجوء
في واقعة أثارت موجة من الغضب والاستياء داخل قطاع الرعاية الصحية السويدي، تم ترحيل ممرض متخصص في الرعاية المنزلية من مدينة لوند، وزوجته التي تعمل ممرضة في مستشفى مالمو، رغم قضائهما ست سنوات من العمل والمعيشة في البلاد، وذلك بعد تطبيق قانون جديد أقرّته الحكومة يمنع البقاء في السويد على أساس العمل لمن رُفضت طلبات لجوئهم.
جاء القرار كجزء من التشديدات الأخيرة التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل، والتي تُلغي نهائيًا ما كان يُعرف سابقًا بـ”تغيير المسار”، وهو الإجراء الذي كان يسمح لطالبي اللجوء المرفوضين بتحويل وضعهم القانوني إلى إقامة عمل من داخل السويد. لكن هذا المسار أُغلق الآن، ومعه توقفت الفرصة أمام الآلاف لتسوية أوضاعهم، بما في ذلك من يعملون بالفعل في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم.
الممرض المرحّل كان يشرف على رعاية نحو عشرين مريضًا من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة في بلدية لوند، وجاء ترحيله المفاجئ كصفعة للفريق الطبي الذي كان يعمل فيه. فقد ترك غيابه فجوة فورية في طاقم العمل، وأربك روتين الرعاية اليومية الذي يعتمد بشكل كبير على الاستمرارية والمعرفة الشخصية بحالة المرضى.
زميلته في الفريق، سارة هولمستروم، عبّرت عن استيائها قائلة: “نفقد من نحتاجهم بشدة، في وقت لا نجد فيه من يسد هذا النقص”. أما الممرضة آنا إكلوند، فتساءلت بمرارة: “كيف يمكن ترحيل شخصين يخدمان المجتمع، وانتزاع طفلين من بيئتهما المستقرة؟”
إلى جانب التأثير العملي، كان للقرار تبعات نفسية واضحة. حيث أشارت الممرضة أريزو بيغديلي إلى أن بعض المرضى عبّروا عن شعورهم بعدم الأمان بعد غياب زميلهم، وقالت: “حتى لا نُشعرهم بالقلق، نخبرهم بأنه في إجازة فقط”. وأكدت أن زميلها المرحل وزوجته لم يتلقيا أي مساعدات مالية من الدولة، بل تعلما اللغة على نفقتهما الخاصة، وعملا وساهما في المجتمع بكل مسؤولية.
القانون الجديد لا يراعي – بحسب العاملين في الرعاية – حاجة النظام الصحي لكفاءات مدربة. فرغم أن الحكومة تقول إنها تهدف من خلال التشريع إلى تشجيع “الهجرة النظامية المنظمة”، يرى منتقدو القرار أنه يطرد أشخاصًا مندَمجين بالفعل ومطلوبين في سوق العمل، دون تقديم بدائل حقيقية أو حلول تراعي الواقع.
آنا-كارين نيلسون، إحدى زميلات الممرض المرحل، أشارت إلى أن غيابه ترك الفريق في موقف صعب، موضحة: “كان يعتمد عليه بشكل كبير، وكان يملك معرفة دقيقة بحالة المرضى، لكنه أُجبر على المغادرة دون حتى فرصة لتسليم المهام”.
من جانبها، ردّت الحكومة على الانتقادات بأن النظام السابق كان يفتقر إلى الرقابة الكافية، وأنه تعرّض للاستغلال، وهو ما أكد عليه وزير الهجرة يوهان فورشيل، الذي قال إن “التحول من لجوء مرفوض إلى تصريح عمل شابته ثغرات استُغلّت من قبل البعض”، مؤكداً أن القواعد الجديدة تضع حدًا لذلك.
وبموجب التغييرات، لا يمكن لأي شخص رُفض طلب لجوئه التقدم بطلب تصريح عمل وهو داخل السويد، بل يجب أن يغادر ويتقدم من الخارج. وحتى الحاصلين سابقًا على إقامة عبر تغيير المسار لن يتمكنوا من تجديدها بعد انتهائها.
ورغم أن القانون الجديد يهدف – وفق الحكومة – إلى خلق نظام أكثر صرامة وتنظيمًا للهجرة، فإن الواقع على الأرض يشير إلى آثار جانبية واضحة، لا سيما في قطاعات حساسة مثل الصحة، حيث الحاجة ماسة إلى كل يد عاملة مدربة ومؤهلة. وبينما تغلق الأبواب أمام ممرضَين يملكان الخبرة واللغة والتجربة، يبقى السؤال مفتوحًا: هل توازن هذه القوانين بين الحزم والاحتياج؟ أم أنها تعاقب من اختار الاندماج والمساهمة؟