قضايا وتحقيقات

بسبب ضعف مهارات اللغة السويدية.. عبدالله وعائلته صدر قرار بترحيلهم من السويد

في السويد، كثير من المهاجرين أو المقيمين الجدد يصطدمون بعقبات قانونية قد تُطيح بكل ما بنوه، وتضع استقرارهم، وأحياناً وجودهم بالكامل، على المحك. قصة “عبدالله” التي تدور في بلدة Rörvik التابعة لبلدية Sävsjö، تقدم نموذجاً حياً لهذا الواقع الصعب.



عبدالله مأمون، يدير المتجر الوحيد في البلدة، متجر بقالة بسيط لكنه يلعب دوراً محورياً في حياة السكان. المتجر ليس فقط مكاناً لشراء الحاجيات اليومية، بل أيضاً نقطة لقاء اجتماعية اعتاد عليها السكان، وخصوصاً كبار السن.



جاء عبدالله إلى السويد قبل عدة سنوات بهدف الدراسة، ونال إقامة مؤقتة. لاحقاً، قرر تغيير مسار حياته، فاشترى مع زوجته متجر بقالة صغير، مستفيداً من خبرته في التجارة والعمل المصرفي ببلده الأصلي. هذا المشروع منح العائلة شعوراً بالاستقرار والانتماء، لكن هذا لم يدم طويلاً.





مصلحة الهجرة السويدية رفضت تجديد إقامته، رغم أن الشروط الجديدة تسمح بتغيير الإقامة الدراسية إلى إقامة عمل إذا توفرت الشروط المطلوبة، مثل الدخل الكافي والعمل الفعلي. إلا أن المصلحة رأت أن مستواه في اللغة السويدية لا يلبي المطلوب، وأنه لا يملك المؤهلات الكافية لإدارة عمل تجاري، بل وامتد القرار ليشمل زوجته وطفليه، ما يهدد بترحيل العائلة بأكملها.



رد فعل المجتمع المحلي كان واضحاً. أهالي البلدة أبدوا تضامنهم الكامل مع عبدالله، وأطلقوا حملة توقيعات دعم وصلت إلى مصلحة الهجرة، مطالبين بإلغاء قرار الترحيل. وعبّر السكان عن تقديرهم لسلوك عبدالله ومساهمته في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلدة، واعتبر كثير منهم أن متجره بات جزءاً من هوية البلدة، وليس مجرد محل تجاري.



لكن مصلحة الهجرة أكدت في تقييمها أن المشكلة لا تتوقف عند اللغة، بل تشمل ما وصفته بـ”نواقص في الوثائق والسيرة الذاتية”. رغم أن هذه التفاصيل تبدو إدارية، إلا أنها كانت كافية لرفض طلبه، في تجاهل لما حققه من اندماج عملي وفعلي في المجتمع.



حالياً، قرر عبدالله الطعن في القرار قانونياً، مستفيداً من الدعم المحلي والحقوقي، لكن نتيجة الاستئناف لا تزال مجهولة. بالنسبة للعائلة، العودة إلى الوطن لم تعد خياراً واقعياً، لا نفسياً ولا عملياً، حيث يرون أن إعادة بناء الحياة من الصفر في مكان آخر بات أمراً شبه مستحيل.



قضية عبدالله ليست استثناءً، بل تعكس وضعاً يعيشه كثيرون من المهاجرين في السويد. فحتى أولئك الذين يعملون ويقدمون خدمات واضحة للمجتمع، ويعيشون حياة مستقرة، قد تُهدد مصائرهم نتيجة تقييم إداري، أو نقص بسيط في ملف الإقامة.



وفي ظل القوانين الجديدة الصارمة التي تحكم إقامات العمل، والدخل، والمعرفة اللغوية، تزداد صعوبة الطريق. المهاجرون اليوم مطالبون بالالتزام بأعلى درجات الدقة في كل تفصيلة صغيرة، وإلا يكون الثمن باهظاً: خسارة الاستقرار، والعمل، والبيت… وربما البلد بأكمله.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى