قصص المهاجرين واللاجئين

بسبب توصية من الخارجية السويدية.. مواطن سويدي يتم سجنه بالعراق ولا أمل لإخراجه!

انتهت محاولة المواطن السويدي كامران غازي لعبور الحدود من إقليم كردستان إلى تركيا بلا وثائق سفر سارية إلى اعتقاله ووضعه في أحد سجون الإقليم، بعد أن أوقفته قوات الأمن الكردية “الآسايش” بتاريخ 26 أكتوبر. وجاءت هذه المحاولة استجابة لتوجيه من وزارة الخارجية السويدية طالَبته بمغادرة العراق والتوجه إلى أقرب سفارة سويدية خارج البلاد للحصول على جواز جديد، بعد أن أصبح تجديد وثائقه مستحيلاً داخل العراق منذ إغلاق السفارة السويدية في بغداد.



وتعود بداية المشكلة حين غادر كامران غازي، وهو سويدي من أصول كردية إيرانية، مع شقيقته هلالة إلى إقليم كردستان لزيارة أقارب من إيران. خلال إقامته هناك فقد جوازه ثم انتهت صلاحية جواز سفره، ومع مرور عثر غلى جواز سفره ولكن الوقت أصبح تجديد الوثيقة غير ممكن بعد تعرض السفارة السويدية في بغداد لهجمات عقب موجة الاحتجاجات ضد حوادث إحراق المصاحف، ما أدى إلى إغلاقها الكامل في 2023.




ومع اختفاء أي إمكانية قانونية لتجديد الجواز داخل العراق، لجأ كامران إلى الخارجية السويدية طلباً للحل. وجاء الرد بأن عليه مغادرة البلاد إلى دولة يتواجد فيها تمثيل دبلوماسي سويدي، مثل الأردن أو تركيا. إلا أن هذه النصيحة كانت غير قابلة للتطبيق عملياً، لأنه لا يمتلك أي وثيقة صالحة تسمح له بمغادرة الحدود أصلاً.

وبالرغم من علم الخارجية بوضعه، حاول كامران تنفيذ التعليمات، واتجه نحو الحدود التركية مستخدماً جوازاً منتهياً. لكن قوات “الآسايش” أوقفته فوراً واقتادته إلى السجن، حيث لا يزال محتجزاً دون تمكينه من مقابلة أحد أو الحصول على زيارات، بحسب ما أكدته أسرته  .



غضب عائلي واتهامات بالإهمال

هلالة، شقيقته المقيمة في ستوكهولم وتعمل ممرضة، أعربت عن خيبة أمل كبيرة من طريقة تعامل وزارة الخارجية مع القضية. وقالت إنها تشعر بأن المواطنين السويديين “ليسوا جميعاً متساوين في القيمة”، مؤكدة أن الوزارة لم تقدم حلاً عملياً رغم معرفتها باستحالة انتقال شقيقها إلى سفارة أخرى دون وثيقة سفر.

الصورة/ هلالة شقيقة كمران

وأظهرت مراسلات بينها وبين السفارة السويدية في أنقرة أن الجانب السويدي كان مدركاً تماماً أن كامران لا يملك جوازاً سارياً، ورغم ذلك جرى تحديد موعد له لإصدار جواز مؤقت. وبعد اعتقاله، اكتفت السفارة بالقول إنها غير مسؤولة عن شروط دخول تركيا ولا عن القضايا القنصلية خارج نطاقها الجغرافي.



وتعليقاً على القضية، قالت الأمينة العامة لمنظمة “السويديون في العالم”، سيسيليا بوريلين، إن السويديين في الخارج يواجهون عقبات كبيرة عند فقدان جوازاتهم أو انتهاء صلاحيتها، لأن القانون يشترط الحضور الشخصي في كل مراحل التقديم والاستلام. وأكدت أن المشكلة تصبح شبه مستحيلة في البلدان التي لا يوجد فيها تمثيل دبلوماسي سويدي.




وذكّرت بأن السويد قلّصت عدد سفاراتها خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في عهد حكومة أولف كريسترسون، حيث أغلقت سفارات في مالي وبوركينا فاسو عام 2024، ثم لحقت بها قرارات بإغلاق بعثات في بوليفيا وليبيريا وزيمبابوي، ما ضاعف من شكاوى المواطنين السويديين العالقين في دول لا تتوفر فيها خدمات قنصلية.



انتقادات قانونية للخطوة الحكومية

خبير في قانون إعادة المواطنين إلى الوطن ـ فضّل عدم ذكر اسمه ـ اعتبر أن طلب الخارجية من كامران مغادرة العراق رغم عدم امتلاكه وثائق سارية، يُعدّ توجيهاً فعلياً إلى ارتكاب مخالفة قانونية. ووصف هذا الإجراء بأنه يتناقض مع أسس سيادة القانون ومع الالتزامات الدولية التي تُلزم الدول بتقديم الرعاية والحماية لمواطنيها خارج حدودها.

وأشار إلى خلل كبير في الأنظمة السويدية التي تمنع إصدار جواز جديد عبر سفارات دول أوروبية صديقة، حتى عندما يكون جواز المواطن منتهي الصلاحية، وهو ما يضع العديد من السويديين في مواقف مشابهة.



أمل وحيد… الترحيل إلى السويد

في ظل غياب أي مواعيد للمحاكمة وبقاء مستقبل كامران مجهولاً، تأمل أسرته اليوم أن يتم ترحيله إلى السويد باعتبار أنه يعيش في العراق منذ فترة طويلة دون وثائق رسمية. الترحيل في هذه الحالة قد يمنحه فرصة الحصول على وثائق سفر مؤقتة عند وصوله.

وتقول شقيقته بأسى: “لقد فقد تقريباً كل شيء في السويد… لا يملك عملاً هناك، وأنا من يتكفل بمصاريفه منذ سنوات”. وتختم بمرارة: “في بعض الأحيان أشعر أن الإنسان يُعامل وكأنه لا قيمة له، مجرد نقطة في بحر… من السهل جداً أن يتم نسيانه”.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى