قضايا وتحقيقات

انتقادات أوروبية غير معتادة لسياسات السويد تجاه المهاجرين “تمييز ، تهميش، عدم تسامح..”

 في مشهد غير معتاد،  تم وضع السويد – التي لطالما ارتبط اسمها بدعم حقوق الإنسان واستقبال اللاجئين – تحت مجهر الانتقاد الأوروبي، ليس بسبب تقصيرها في الاستجابة لأزمات خارجية، بل بفعل سياساتها الداخلية المتشددة تجاه المهاجرين، وخاصة في إطار التعاون الحكومي مع حزب “ديمقراطيو السويد” اليميني.




فقد أبدت لجنة مكافحة العنصرية وعدم التسامح التابعة لمجلس أوروبا قلقاً واضحاً من المسار الذي تسلكه السويد حالياً، محذرة من أن بعض بنود “اتفاق تيدو” بين الحكومة والحزب اليميني قد تضعف مسار الاندماج، وتغذي التمييز والتهميش.



من النقد النموذجي لرومانيا والمجر… إلى السويد؟

عادةً ما توجه تقارير هذه اللجنة انتقادات إلى دول مثل المجر وبلغاريا ورومانيا، حيث تُسجَّل حالات تمييز صارخة بحق اللاجئين والأقليات. لكن إدراج السويد – الدولة التي كانت تُعتبر لفترة طويلة مرجعًا أخلاقيًا في مجال الهجرة – في نفس قائمة الملاحظات، يعكس قلقاً متزايداً من التحول الذي تشهده السياسات السويدية في الأعوام الأخيرة.



مخاوف من التمييز والتنميط العنصري

تقرير اللجنة أشار بشكل خاص إلى خطة الحكومة لإنشاء “مناطق أمنية”، وهي مبادرة تُتيح للشرطة إجراء عمليات تفتيش موسعة في مناطق معينة. التقرير أعرب عن مخاوفه من أن تتحول هذه الإجراءات إلى ساحة لتكريس التنميط العنصري، لا سيما إذا استُخدمت ملامح الأشخاص العرقية أو خلفياتهم كمعايير للاشتباه.




اللجنة أوصت بمراجعة سياسات الشرطة وتعديل التعليمات الخاصة بعمليات التفتيش في هذه المناطق، حتى لا يتم استهداف المهاجرين والأقليات بناءً على مظهرهم أو أصولهم.

دعوات لمواقف علنية ضد العنصرية وخطاب الكراهية

إلى جانب الملاحظات القانونية والتنظيمية، شددت اللجنة على ضرورة أن تتخذ الحكومة والمسؤولون السياسيون مواقف واضحة ومعلنة ضد كل أشكال التمييز، بما فيها العنصرية ورهاب المثليين، مشيرة إلى أهمية أن تُسمع هذه المواقف بوضوح في المجال العام، وليس فقط في الغرف المغلقة أو عبر تصريحات عامة مقتضبة.



مبادرات إيجابية تسجل لصالح السويد

رغم الانتقادات، لم يغفل التقرير عن ذكر بعض المبادرات السويدية الإيجابية في مكافحة التمييز، مثل إنشاء متحف الهولوكوست، وتحديث آليات التحقيق في جرائم الكراهية، بالإضافة إلى جهود زيادة تسجيل الأطفال من خلفيات مهاجرة في رياض الأطفال، ما يعكس التزاماً مستمراً في بعض المجالات الاجتماعية.



هل السويد تغير جلدها؟

صدور هذا النوع من الانتقادات بحق السويد يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الهوية السياسية والإنسانية للبلاد. فهل تعني هذه التوجهات أن السويد تسير نحو نموذج أوروبي محافظ يتراجع فيه البعد الإنساني لصالح اعتبارات أمنية وانتخابية؟ أم أن هذه مرحلة مؤقتة ضمن سياق أوسع لإعادة ضبط سياسات الهجرة والاندماج؟




من المؤكد أن السويد، الدولة التي احتضنت مئات الآلاف من اللاجئين في السنوات الماضية، تواجه الآن ضغطًا متزايدًا داخليًا وأوروبيًا، ما قد يدفعها إلى مراجعة شاملة لتوازنها بين المبادئ الإنسانية والواقع السياسي المتغير.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى