
تستمر قضية زهراء وزوجها، وهما لاجئان مهددان بالترحيل من السويد مع أبنائهما خلال أسبوع، في إثارة الجدل في السويد، حيث نظّم زملاء زهراء في المستشفى، اليوم الإثنين، وقفة تضامنية دعمًا للعائلة. وقالت: «أرى فقط المحبة واللطف من حولي. هذا ما يساعدني أنا وعائلتي على الوقوف والثبات. أشعر أننا لسنا وحدنا».
ومنذ عام 2016، بنت زهراء كاظميبور (50 عامًا) وزوجها أفشاد (56 عامًا) حياة كاملة في السويد. عملا، اندمجا، وربّيا طفليهما، وكانا جزءًا من المنظومة الصحية في أحد أكبر مستشفيات ستوكهولم، مستشفى سودرشوخوسيت (Södersjukhuset). لكن مع بداية العام الجديد 2026، يُطلب منهما مغادرة السويد قسرًا، نتيجة تعديل قانوني غيّر مصيرهما بالكامل. زهراء، التي لم تتمالك دموعها عند الحديث لوسائل الإعلام السويدية، قالت إن الصدمة ما زالت تسيطر عليها: “لا أستوعب ما يحدث… لا نملك أي خطة”.
من إيران إلى السويد: الهروب من الخطر!
قرار مغادرة إيران لم يكن سهلًا. أفشاد كان متهم أنه معارضًا للنظام الإيراني، وتعرض للسجن بسبب مواقفه السياسية. وبعد الإفراج عنه، أدركت العائلة أن البقاء لم يعد ممكنًا. و تروي زهرة كيف جمعوا حياتهم في ثلاث حقائب فقط، وغادروا إيران مرورًا بفرنسا وصولًا إلى السويد، برفقة ابنهم الذي كان في السادسة من عمره آنذاك. وتقول زهراء ، لم نعرب من إيران بسبب الفقر والعوز ، كنا في إيران نعمل في مناصب رفيعة في القطاع الصحي:
- زهرا كانت رئيسة تمريض
- أفشاد طبيب قلب
صور من الوقفة التضامنية

أما في السويد، فبداء الزوجين من الصفر، وعملا كمساعدَين صحيَين في مستشفى سودرشوخوسيت، حيث سرعان ما اكتسبا احترام زملائهما. حيث تقدمت العائلة بطلب لجوء عام 2016، لكن القرار بالرفض صدر عام 2020. استمرت الطعون القانونية لعامين إضافيين، دون نتيجة.
لاحقًا، وبناءً على نصيحة من مصلحة الهجرة السويدية (Migrationsverket)، قدّم الزوجان طلبًا لما يُعرف بـ “تغيير المسار” (Spårbyte)، أي التحول من مسار اللجوء إلى تصريح عمل داخل السويد، طالما أن الشخص يعمل بشكل قانوني.
تمت الموافقة على الطلب، واستقرت العائلة. ووُلدت ابنتهما في السويد، والتحق ابنهما بالمدرسة، وأصبحا جزءًا من المجتمع السويدي العامل ودافعي الضرائب. وخلال جائحة كورونا عام 2020، كان الزوجان من العاملين في الصفوف الأمامية، يشاركان يوميًا في إنقاذ الأرواح داخل المستشفى. ولكن في ربيع هذا العام 2025، شددت الحكومة السويدية سياستها المتعلقة بالهجرة، وألغت فعليًا إمكانية “تغيير المسار” من داخل السويد. وبموجب التعديل الجديد، لا يمكن التقدم بطلب تصريح عمل إلا من خارج البلاد.
رغم أن مستشفى سودرشوخوسيت قدّم طلب تمديد تصاريح العمل قبل انتهاء صلاحيتها، إلا أن مصلحة الهجرة لم تُصدر قرارها قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ في 1 أبريل.
النتيجة: تطبيق القانون بأثر رجعي على العائلة. في نهاية نوفمبر، وصل القرار: الترحيل في 8 يناير 2026

أفشاد عبّر عن استغرابه من القرار، قائلًا إنهما لم يخالفا القانون يومًا، ويعملان ويدفعان الضرائب ولديهما طفلان. وأضاف أن العودة إلى إيران ليست خيارًا مطروحًا، لأنها تعني خطرًا حقيقيًا على حياتهما. أما السؤال الأصعب، فلا يملكان له جوابًا: إلى أين سيذهبان؟
الحكومة: القرار له أسبابه
وزير الهجرة السويدي يوهان فورسيل (M) رفض التعليق على الحالة الفردية، لكنه دافع عن إلغاء نظام “تغيير المسار”، مشيرًا إلى تقارير رسمية تحدثت عن:
- مخاطر الاحتيال
- عقود عمل وهمية
- استغلال العمال الأجانب
وأكد أن الحكومة تدرك وجود أشخاص “قاموا بكل شيء بشكل صحيح” وتضرروا من التعديل، لكنه لا يرى مبررًا لإعادة العمل بالنظام السابق، معتبرًا أن التقديم كعمالة أجنبية ما زال ممكنًا من الخارج.
غضب في المستشفى ودعم شعبي!
قرار الترحيل أثار موجة غضب واسعة بين زملاء الزوجين. ونُظمت وقفة احتجاجية أمام المستشفى، شارك فيها عشرات الموظفين، حاملين الشموع واللافتات. والبعض بكى، والبعض عبّر عن غضبه علنًا.
إحدى الزميلات قالت:
“هذا ظلم. عندما يقوم أشخاص بكل شيء بشكل صحيح، ويكونون ضروريين للنظام الصحي، يتم ترحيلهم بدل دعمهم”.
“السويد كانت عائلتنا”
رغم الألم، عبّرت زهرا عن امتنانها العميق للدعم الذي تلقته من السويديين، قائلة إن هذا التضامن هو ما يجعل الرحيل أصعب: “أشعر وكأنني أترك عائلتي مرة أخرى”.
قصة زهرا وزوجها أفشاد تحولت من قصة اندماج وعمل إلى مثال صارخ على التصادم بين السياسات الصارمة والواقع الإنساني، وتطرح سؤالًا مفتوحًا في السويد:
هل يكفي الالتزام والعمل والاندماج للبقاء؟ أم أن السياسات، مهما كانت نتائجها، هو صاحبة الكلمة الأخيرة؟









