
السويد دفعت ملايين الكرونات لوظائف “وهمية” في الصومال مقابل ترحيل المهاجرين
كشفت صحيفة داغنس نيهيتر عن ثغرة خطيرة في واحد من أكثر ملفات التعاون بين السويد والصومال حساسية، بعد أن تبيّن أن السويد تموّل رواتب بملايين الكرونات لثلاثة موظفين يُفترض أنهم يعملون في مكتب رئيس الوزراء الصومالي، بينما لا تملك أي جهة سويدية معلومة واحدة عن هوياتهم أو طبيعة عملهم.
القصة بدأت حين أبرمت وزارة العدل اتفاقاً مع الصومال لإرسال دعم مالي مقابل تسهيل التعرف على الصوماليين الصادر بحقهم قرارات ترحيل. وبموجب هذا الاتفاق، تُدفع رواتب ثلاثة أشخاص قيل إنهم يعملون داخل مكتب رئيس الوزراء في مقديشو. لكن المفاجأة كانت حين أكدت مصلحة الهجرة والشرطة ومصلحة السجون وحتى وزارة العدل نفسها أنها لا تعرف أسماء هؤلاء الأشخاص ولا مواقعهم الوظيفية ولا وسيلة للتواصل معهم أصلاً. مسؤول في مصلحة الهجرة لخّص الموقف بكلمة واحدة: “لا… وبحرف كبير. لا نملك أي معلومة عنهم.”
التحقيق الصحفي أعاد فتح ملف المساعدات السويدية المثيرة للجدل، حيث جرى سابقاً تحويل ما يقرب من 100 مليون كرونة لدعم مشاريع حكومية في الصومال. ويُعتقد أن جزءاً من هذه المبالغ انتهى لدى شخصيات نافذة مقربة من الدائرة المحيطة برئيس الوزراء.
مصادر مطلعة في مقديشو أوضحت أن الرواتب التي تُصرف لهؤلاء الثلاثة أعلى بكثير من الرواتب المخصصة لمستشاري منظمة سيدا السويدية، وأن المستفيدين الحقيقيين هم ثلاثة مسؤولين كبار تربطهم علاقات مباشرة برئيس الوزراء، سبق اتهامهم بالفساد في عدة ملفات.
ووفق التحقيق، فإن ظاهرة “الوظائف الوهمية” منتشرة في المؤسسات الحكومية الصومالية، حيث تُسجل مناصب باسم أشخاص لا يمارسون عملاً فعلياً، وهو أمر سبق للرئيس الصومالي نفسه الاعتراف بوجوده.
وفق المعلومات المنشورة، فإن رواتب الوظائف الثلاث تُدفع عبر منظمة الهجرة الدولية (IOM)، وتصل إلى أكثر من 100 ألف كرونة سويدية شهرياً للفرد الواحد، وهو مستوى غير مسبوق في الوظائف الحكومية الصومالية.
ورغم أن هذه الرواتب دُفعت بهدف تسهيل ترحيل الصوماليين المدانين في السويد، إلا أن الجهات السويدية التي تتعامل مع ملفات الترحيل لم تتواصل مع أي من الموظفين الممولين، بل لا تعرف إن كانوا يعملون بالفعل.
الحكومة السويدية تقلل من المخاوف… ومنظمة الهجرة تتحفظ
وزير الهجرة يوهان فورشيل أكد أن التواصل يتم فقط عبر السفارة الصومالية في ستوكهولم، وأنه لم تظهر “أي مؤشرات على فساد”، قائلاً إن التقارير الواردة إليه تشير إلى أن الأمور تسير كما هو مخطط لها. لكنه لم يقدم توضيحاً حول غياب أي معلومات عن الأشخاص الذين تتدفع لهم السويد تلك الرواتب.
من جهتها، أكدت منظمة الهجرة الدولية أنها لا تشارك في تنفيذ عمليات الترحيل القسري، وأنها لم تُجرِ تقييماً شاملاً للمشروع خلال العام الأول، لكنها تقول إن الموظفين الذين يعملون معها يقدمون “عملاً مهنياً”.
إلغاء عملية ترحيل جماعية… ومصير مجهول للمشروع
كانت السلطات السويدية تخطط لتنفيذ عملية ترحيل واسعة في أكتوبر الماضي، حيث خُصصت طائرة لنقل 20 صومالياً. لكن الرحلة ألغيت بشكل مفاجئ بسبب “عوائق تقنية مؤقتة”، دون توضيح ماهية تلك العوائق. أما تمويل الوظائف الثلاث، فمن المقرر أن ينتهي مع نهاية العام، وسط غموض تام حول نية وزارة العدل الاستمرار في المشروع أو إنهاءه.









