
تستعد مصلحة الهجرة السويدية للبدء بتنفيذ أحد أكثر التعديلات الإدارية حساسية في ملف الجنسية، والمتمثل في إلزام المتقدمين بالحضور الشخصي للتحقق من هوياتهم قبل إصدار القرار النهائي بشأن طلب التجنيس.
وبحسب ما أكدته مصادر داخل المصلحة، فإن جميع التحضيرات التقنية واللوجستية باتت جاهزة، لكن التنفيذ لا يزال معلّقًا بانتظار توقيع قانوني رسمي من المدير العام، وهو الإجراء النهائي الضروري قانونيًا لإطلاق العملية. ومن المتوقع أن يتم ذلك خلال أيام.
ما الذي سيتغيّر فعليًا؟
بموجب التعليمات الجديدة، لن يُكتفى بالمستندات والأوراق المرسلة إلكترونيًا أو بالبريد، بل سيُلزم المتقدم بالحضور شخصيًا إلى مكاتب الهجرة، حيث سيخضع لجلسة تحقق تشمل طرح مجموعة من الأسئلة المفصلة حول خلفيته الشخصية، بما في ذلك تفاصيل إقامته، وأوضاعه العائلية، وسلوكه القانوني، وربما علاقاته الاجتماعية.
ورغم أن الشروط القانونية للحصول على الجنسية لم تتغير، إلا أن آلية التدقيق باتت أعمق وأكثر تفصيلًا، ما يزيد العبء الإداري على مقدمي الطلبات ويطيل من مدة انتظار القرار.
الوعود الحكومية… والتطبيق المختلف
في وقت سابق من هذا العام، وتحديدًا في يناير، حاول وزير الهجرة يوهان فورشيل تهدئة المخاوف المتعلقة بهذه الإجراءات، مؤكدًا أن الفئات التي تملك تصاريح عمل أو التي تنتمي إلى “دول آمنة ومستقرة” لن تتأثر.
وبرّر الوزير تلك الإجراءات بأنها تستهدف فقط من يُحتمل أن يشكلوا تهديدًا أمنيًا، مشيرًا تحديدًا إلى طالبي اللجوء من مناطق النزاع مثل سوريا، إريتريا، الصومال، العراق، أو الأشخاص عديمي الجنسية.
لكن المعطيات الحالية كشفت عن واقع مختلف تمامًا، إذ لم تُفعّل أي استثناءات حتى الآن، وتأثرت جميع الجنسيات بالإجراءات الجديدة دون تمييز، وهو ما يتناقض مع الخطاب الرسمي الذي سبق بدء التنفيذ.
عقبة بيومترية… وإعفاء مؤجل
كان من المفترض أن يُعفى حاملو جوازات السفر البيومترية من الحضور الشخصي، عبر اعتماد نظام رقمي للتحقق الآلي من الهوية، إلا أن هذه التقنية لم يتم تفعيلها بعد، ما جعل هذا الاستثناء مجرد نظرية مؤجلة التنفيذ حتى إشعار آخر.
ما يبدو على أن هذه التقواعد الجديدة تحمل في طيّاته بُعدًا سياسيًا واضحًا، مرتبطًا بتشديد الرقابة على المهاجرين في سياق متغيرات داخلية متسارعة.
فالعملية برمتها تُشير إلى تحوّل تدريجي في سياسات الاندماج والجنسية، من منطق الحقوق، إلى منطق المراقبة والتحقيق، حيث لم يعد يكفي أن تستوفي الشروط القانونية، بل يجب أن تخضع شخصيًا للاختبار والتمحيص.
وفي انتظار التوقيع النهائي على بدء تنفيذ هذه الخطوة، يعيش آلاف المتقدمين حالة من اللايقين، فيما تتراكم الملفات في مكاتب مصلحة الهجرة دون قدرة على الحسم. هل ستكون الأيام القادمة بداية لتسريع الإجراءات، أم أنها ستفتح الباب لمزيد من التأخير والضغط على طالبي الجنسية؟
الجواب، كما يبدو، سيحدده “توقيع خطاب إداري واحد”.