
ارتفاع الأسعار لتذاكر السفر والكلفة المالية تنهي أحلام السفر الصيفي للمهاجرين في السويد
كثير من المهاجرين في السويد لطالما رددوا: “ننتظر الحصول على الجواز السويدي كي نتمكن من السفر”، غير أن الواقع يُثبت أن الجواز وحده لا يكفي. فالحلم بالسفر لا يتحقق بالوثائق فحسب، بل بالقدرة المالية أيضاً.
ومع بدء موسم الصيف، تتجه الأنظار كالعادة نحو خطط العطلة الصيفية، سواء للاستجمام أو لزيارة الأقارب في البلدان الأصلية للمهاجر. لكن بالنسبة لعدد كبير من العائلات المهاجرة، تبقى هذه الخطط مؤجلة أو معلقة، فارتفاع التكاليف وقلة المال بات يشكّل عائقاً أكبر من أي حاجز إداري أو قانوني.
ووفقاً لتقرير راديو السويد فإن الواقع في السويد هذا العام 2025 يبدو مختلفاً. فالتضخم الذي بدأ تأثيره بالظهور منذ سنوات، وضعف الدخل وتراجع الكرون مقابل الدولار لا يزال يلقي بظلاله الثقيلة على حياة الناس خصوصا مهاجرين السويد، ومع أن ذروة ارتفاع الأسعار فأن الأثر النفسي والمادي ما زال حاضراً بقوة، فالمهاجرين الذين كانوا ينتظرون الحصول على الجنسية والجواز السويدي لكي يسافروا شرقاً وغرباً بدون مشاكل .. يشعرون بالعزلة والاحتجاز القسري في منازلهم في السويد كما تظهر شهادات عديدة من الشارع السويدي.
شيرين: السفر هذا العام “حلم مستحيل”
شيرين، وهي أم لطفلين، تحدثت بصراحة عن معاناتها في ظل التكاليف الباهظة. تقول إن تكلفة السفر لعائلة من أربعة أشخاص – بين تذاكر الطيران والإقامة – أصبحت عبئاً لا يمكن تحمله. تضيف بأسى: فنحتاج بين 20 الف كرون تذاكر وضعفها (49 الف كرون) لمصاريف السفر ..!
“ابنتي ترغب في السفر مثل صديقاتها، لكن الحقيقة أننا لا نستطيع توفير المبلغ. بات من الصعب حتى التفكير بعطلة حقيقية.”
شنده: نعمل في الصيف بدلاً من الاستجمام
أما شنده، وهي أم لطفل، فوجدت نفسها مجبرة على البحث عن بدائل للسفر خارج السويد، بل وحتى داخلياً.
“حاولت أن أخطط لعطلة داخل السويد، لكن فوجئت بالأسعار. إقامة قصيرة لثلاثة أيام قد تكلف ما يتجاوز اثني عشر ألف كرون. لذلك قررت أن أعمل خلال الصيف بدلاً من السفر، علّني أوفر شيئاً للمستقبل.”
أرقام صادمة من هيئة الإحصاء
وفقاً لهيئة الإحصاء السويدية، فإن أسعار الإقامة الفندقية ارتفعت بنسبة 11% في يناير ألفين 2024، وتبعها ارتفاع جديد في مايو 2025 بنسبة تزيد على13%. أما الرحلات الجوية، فقد شهدت في بعض الأشهر زيادات وصلت إلى 20% بالمئة، فيما استمر الارتفاع في ربيع هذا العام بنسبة تقارب 5% إضافية.
يوسف شارو: “تكاليف غير مسبوقة”
يوسف شارو، صاحب مكتب سفر، أكّد هذا الواقع المتغيّر، قائلاً إن الإقبال على السفر الخارجي قد تراجع بشكل ملحوظ.
“الناس لا تزال تسافر، لكن الأعداد انخفضت كثيراً مقارنة بالسنوات الماضية. العائلات التي كانت تحجز بكل أريحية أصبحت الآن تُجبر على التفكير مرتين قبل اتخاذ القرار، خاصة عندما يتعلق الأمر برحلات مكلفة إلى لبنان أو سوريا، حيث قد تتجاوز التكاليف عشرين ألف كرون لعائلة صغيرة.”
السياحة الداخلية ليست خياراً مريحاً للجميع
حتى السياحة داخل السويد لم تعد ملاذاً آمناً من الغلاء، كما يوضح يوسف:
“أسعار الفنادق داخل البلاد أصبحت مرتفعة جداً، الليلة الواحدة قد تكلف ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف كرون. وهذا دون احتساب تكاليف النقل والطعام. بعض العائلات تحاول التوجه إلى دول مجاورة مثل الدنمارك أو ألمانيا، لكن الأسعار هناك أيضاً ليست أقل كثيراً.”
الواقع أقسى من الطموحات
ما بين أرقام الإحصاءات والقصص الشخصية، يبدو أن التضخم لم يضرب فقط القدرة الشرائية، بل امتد ليقيد أحلام الناس وحريتهم في أبسط الأمور – كالسفر والاستجمام.
هكذا يتحول الصيف، من موسم للراحة والتجديد، إلى تحدٍ مالي ومعنوي لعدد كبير من العائلات. وبين من يضطر للعمل بدلاً من الإجازة، ومن يُطفئ رغبة أطفاله بالسفر، تتضح الصورة القاسية لوضع اقتصادي بات يؤثر حتى على تفاصيل الحياة اليومية.