
شهد سعر صرف الكرون السويدي تحسناً ملحوظاً أمام العملات الرئيسية، حيث بلغ الدولار الأمريكي 9.3 كرون، واليورو 10.89 كرون. هذه القفزة في قيمة العملة الوطنية تُعد إيجابية ، لكنها لا تعني بالضرورة تحسناً في حياة المواطن العادي، خاصة أصحاب الدخل المتوسط الذين تتراوح رواتبهم بعد الضرائب حول 20 ألف كرون.
فعلى الرغم من أن قوة الكرون تسهم نظرياً في خفض تكاليف الاستيراد والسفر، إلا أن أثرها لا يصل إلى المستهلك بشكل مباشر، أو على الأقل ليس بالسرعة ولا بالحجم الذي يعوّض عن أعباء المعيشة المتزايدة التي تلاحق العائلات السويدية يوماً بعد يوم بسبب زيادة الأسعار.
الواقع المعاكس في الأسواق

الزيادات الطفيفة التي قد تطرأ على الراتب أو الإعانات ـ إن وُجدت ـ لا تكاد تُذكر أمام قفزات الإيجار التي تجاوزت آلاف الكرونات في بعض المناطق خلال السنوات الثلاث الأخيرة، والأسعار التي ارتفعت بلا هوادة، خاصة في قطاعات الغذاء والطاقة. والمفارقة أن الكثير من الأسر بدأت تغيّر من نمط استهلاكها لتستطيع البقاء ضمن حدود الميزانية، حيث تُستبدل الأطعمة ذات الجودة العالية ببدائل أرخص، وتُستبعد بعض السلع من قائمة التسوق بالكامل.
الصيف الذي يفترض أن يكون فترة راحة وترفيه للأطفال، تحوّل إلى تحدٍ للعائلات محدودة الدخل. ارتفاع تكاليف الأنشطة الصيفية والمستلزمات الغذائية يجعل من الصعب توفير أدنى مقومات الاستمتاع، وهو ما يترك أثراً نفسياً واقتصادياً على الأطفال والأهالي معاً.
أرقام رسمية: تضخم الغذاء يتباطأ… ولكن!
وفقاً لأحدث بيانات هيئة الإحصاء السويدية (SCB)، تباطأت وتيرة ارتفاع أسعار الغذاء في مايو الماضي، حيث سجلت زيادة بنسبة 0.2% مقارنة بشهر أبريل، بينما بلغ معدل التضخم السنوي للأغذية والمشروبات 5.2%، منخفضاً من 5.5% في الشهر السابق ولكنه مستمر بالارتفاع 5 بالمائة !!.
لكن هذه الأرقام، تشير لاستمرار الزيادة في الأسعار ولو بوتير أقل، ولا تعكس معاناة الأسر فعلياً، إذ أن أسعار منتجات رئيسية لا تزال مرتفعة بنسبة كبيرة مقارنة بالعام الماضي. على سبيل المثال، القهوة سجلت ارتفاعاً بنسبة 47% خلال عام واحد، بينما شهدت أسعار منتجات مثل الشوكولاتة والألبان زيادات مستمرة.
في المقابل، هناك تراجع بأسعار بعض الخضروات مثل القرنبيط (–27%) والجزر (–20%)، لكن هذه السلع ليست هي المحرك الرئيسي لتكاليف المعيشة.
الخبراء: الفائدة ستنخفض… لكن ذلك لا يكفي
التقارير الاقتصادية تشير إلى أن الأرقام الحالية قد تُمهّد لخفض سعر الفائدة من قِبل البنك المركزي السويدي، بهدف دعم اقتصاد يعاني من تباطؤ طويل الأمد. ورغم أن تخفيف الفائدة قد يسهم في تخفيض تكاليف القروض والإيجارات مستقبلاً، إلا أن الأثر لن يكون فوريًا ولا مضموناً.
كما أشار خبراء اقتصاديون إلى أن التراجع المحدود في التضخم لا يعني بالضرورة تحسناً في مستوى المعيشة، بل قد يكون مؤقتاً أو ناتجاً عن تذبذب في أسعار بعض السلع الموسمية، وليس عن استقرار حقيقي في السوق.
فجوة بين الأرقام والواقع
في النهاية، رغم المكاسب التي تُسجَّل على الورق، لا تزال فجوة واضحة بين التحسن المالي الظاهري وبين شعور الناس على الأرض. الكرون أقوى، لكن المائدة أضعف. الأسواق تشير إلى انخفاض التضخم، لكن عربات التسوق باتت أخف وزناً وأكثر تكلفة. الأرقام تبتسم، لكن الوجوه متعبة.