
ابتداءً من اليوم: إهانة موظف رسمي أو شرطي في السويد ستؤدي للسجن أو الغرامة
بدءاً من اليوم..
مع بداية شهر يوليو 2025، تدخل تعديلات قانونية جديدة حيز التنفيذ في السويد، من شأنها إعادة ضبط حدود التعامل بين المواطنين والموظفين العموميين، وعلى رأسهم أفراد الشرطة. هذا التغيير يعكس تحوّلاً واضحاً في موقف الدولة تجاه السلوكيات التي كانت تُعتبر سابقاً مجرد تجاوزات لفظية عابرة، لتُصبح الآن أفعالاً قد تجرّ وراءها غرامات مالية أو حتى السجن.
فالقانون الجديد ينص صراحة على تجريم أي إساءة لفظية أو سلوك مهين يُوجّه إلى موظف رسمي أثناء تأدية مهامه، بعقوبة قد تصل إلى 6 أشهر حبساً. والهدف، بحسب ما صرحت به الحكومة، هو توفير حماية أكبر للموظفين العموميين الذين يواجهون في السنوات الأخيرة تزايداً في المضايقات والتهديدات، ليس فقط من قبل مجرمين، بل أحياناً من أفراد في المجتمع باتوا يفتقرون إلى الحد الأدنى من الاحترام تجاه سلطات الدولة.
ولعل اللافت في هذا التعديل هو أنه لا يخص فقط المواطنين، بل يشمل أيضاً الموظفين أنفسهم، إذ يُلزم أفراد الشرطة والسلطات العامة بعدم التجاوز اللفظي أو استخدام نبرة مهينة ضد أي مواطن. في جوهره، يسعى القانون إلى تحقيق معادلة عادلة تقوم على الاحترام المتبادل: لا يجوز للمواطن أن يهين رجل الشرطة، ولا يُسمح للشرطي أن يُهين المواطن.
المجتمع تغيّر.. والقانون يواكب
هذه الخطوة التشريعية جاءت بعد أن لاحظت الحكومة وجود تغيرات في طريقة تفاعل بعض الفئات داخل المجتمع مع السلطات. لم تعد الصورة القديمة للمجتمع السويدي، الذي كان يُعرف بقدرته العالية على احترام القانون وممثلي الدولة، قائمة بنفس الحدة. بل ظهرت سلوكيات عدائية لفظية، وأحياناً مستفزة، من قبل بعض الأفراد تجاه الشرطة وموظفي الدولة، ما دفع الحكومة إلى التحرك لإعادة ترسيم الحدود.
خلفية قانونية وتاريخية
ما يجدر ذكره هو أن السويد كانت قد ألغت في عام 1975 قانوناً مشابهاً، كانت تُجرّم فيه إهانة الموظفين الرسميين، معتبرة آنذاك أن قوانين التهديد والتشهير كافية لحماية العاملين في الدولة. إلا أن الواقع الجديد فرض إعادة التفكير، لتعود الحكومة وتقدّم في ربيع 2025 مشروع قانون يُعيد تجريم الإهانة، لكن بصياغة حديثة تضمن توازناً بين الحماية واحترام حرية التعبير.
حرية التعبير في الميزان
رغم نوايا القانون الحمائية، لم تخلُ الساحة من الانتقادات. فقد عبّر بعض المختصين، مثل نيلز فونكي، الخبير في قضايا حرية التعبير، عن قلقهم من أن يؤدي هذا القانون إلى خلق نوع من الرقابة الذاتية لدى المواطنين، خصوصاً أن مفهوم “الإهانة” يمكن أن يختلف من شخص لآخر. فونكي قال صراحة إن “عدم وضوح حدود الإهانة قد يُدخل السويد في منطقة رمادية تشبه ثقافة الصمت”.
وقد أثير مثال شهير على ذلك، وهو العبارة الساخرة “شرطي، شرطي، خنزير البطاطا” (Polis, polis, potatisgris)، والتي يمكن أن تُعد إهانة يعاقب عليها القانون في بعض الظروف، بينما قد تمر مرور الكرام في سياقات أخرى.