
من هو الشيخ الدرزي حكمت الهجري الذي يقود مواجهات مع قوات دمشق؟ ومن هم الدروز!
في ظل التصعيد الخطير في سوريا والقصف الإسرائيلي لسوريا تحت مبرر حماية إسرائيل للدروز .. ظهر اسم “حكمت الهجري” وهو واحد من 3 شيوخ يمثلون المرجعية الروحية لدروز سوريا ، وهو ليس مجرد زعيم ديني للدروز ، بل يُعد أبرز مرجع روحي للطائفة الدرزية في سوريا، ويقود اليوم أحد أكثر المواجهات تحديًا وهجوماً في المشهد السوري المعقّد، بعد أن تحوّل من صوت معتدل إلى أحد أبرز المنتقدين للنظام السوري لأحمد الشرع.
لكن قبل الخوض في تفاصيل التصعيد الأخير، من المهم التوقف عند من هم الدروز؟
الطائفة الدرزية – أو كما يُطلقون على أنفسهم الموحدون المسلمون – هي طائفة دينية تأسست في بدايات القرن الحادي عشر، ولها جذور في الإسلام الشيعي الإسماعيلي، لكنها تطوّرت لتصبح مذهبًا مستقلًا بروح باطنية وتوحيدية عميقة.
ورغم انتمائهم التاريخي للإسلام، فإن الدروز لا يُصنّفون فقهياً كطائفة إسلامية وفق المعايير التقليدية فهم خارجين عن الدين الإسلامي كعقدية وفقه حسب تصنيف معظم المذاهب السنية بينما المذهب الشيعي لم يحدد موقف موحد منهم ، وهو ما جعلهم في كثير من الأحيان عرضة لسوء الفهم ، ومحط جدل ديني بإنهم غير مسلمين . أما في سوريا، فيمثّلون أقلية دينية كبيرة، تتركّز بشكل أساسي في محافظة السويداء جنوب البلاد.
ولدى دروز سوريا مشيخة العقل للمسلمين الموحدين (كما يسمون انفسهم) وتُعرف بأنها قيادة دينية عليا تتكوّن من ثلاثة مشايخ يُمثّلون المرجعية الدينية للطائفة، وليس شيخًا واحدًا فقط. وهذه الصيغة تعود إلى العرف الديني والاجتماعي للطائفة في سوريا، وهي غير موحدة بالكامل، بل تختلف مواقف أعضائها أحيانًا.
من هم مشايخ العقل الثلاثة في سوريا؟
الشيخ حكمت الهجري
يُعتبر الأوسع نفوذًا وقوة وعلاقات خارجية بين أبناء الطائفة، خاصة في محافظة السويداء. يتخذ مواقف أكثر حدة وعداء تجاه النظام السوري في السنوات الأخيرة. ويُنظر إليه كشخصية قوية تُعبّر عن تطلعات شريحة واسعة من الشباب والقيادات المحلية.
الشيخ حمود الحناوي
يُعرف بميله إلى الهدوء والتواصل مع السلطات الرسمية. يُمثّل التوجه التقليدي المحافظ في الطائفة. ويتمتع بدعم من بعض الوجهاء والأعيان في الجنوب السوري. وهو كبير السن ويميل للعزلة
الشيخ يوسف جربوع
شخصيّة تُحاول دائمًا الوساطة والاعتدال بين الموقفين الآخرين. شارك إلى جانب الحناوي في بيانات تدعو للوحدة الوطنية ورفض الفتنة. ومؤيد لحكومة أحمد الشرع في دمشق
حكمت الهجري تمرد علني: “بيان مذل فُرض علينا”
وفي تحول لافت، خرج الشيخ حكمت الهجري عن صمته ليرفض علنًا بيانًا نُشر باسمه مؤخرًا، في يوليو 2025 ، يتضمن إشادة بتدخل الحكومة السورية في السويداء. ووصف البيان بأنه “مُذل ومُهين” ومفروض عليه بالقوة، نافيًا أي علاقة له به، ومتهمًا النظام السوري بخيانة العهود واستهداف المدنيين العزل بالقصف العشوائي ومعلناً بإنه سوف يستمر بمواجهة قوات نظام دمشق لأحمد الشرع حتى تحرير تراب السويداء.
وفي تصريحاته التي نقلتها وسائل إعلام محلية وعالمية، اتّهم الهجري الدولة السورية بأنها تشن “حرب إبادة” ضد أبناء طائفته، معتبرًا ما يحدث في السويداء وريف دمشق ليس مجرد اضطرابات، بل صراع وجودي مُنظم. وجاءت تصريحات الهجري في ظل اشتباكات خطيرة بين مقاتلين دروز وقوات موالية للنظام، في أرياف السويداء ودمشق، أسفرت خلال أيام قليلة عن سقوط نحو 100 شخص، في تصعيد غير مسبوق منذ سنوات.
الشيخ حكمت الهاجري الذي بدأ مسيرته بخطاب متحفظ تجاه السلطة، بات اليوم يطالب علنًا بـتدخل دولي لحماية أبناء الطائفة، ويحمّل النظام مسؤولية كل ما يحدث وكل الضحايا الذين سقطوا ، بل ويدعو إلى إعادة صياغة الدستور على أسس فيدرالية ديمقراطية، تكفل حقوق جميع المكونات واستقلال السويداء .
من المعارضة إلى مشروع وطني جديد
الهجري، المولود عام 1965 في فنزويلا، تلقّى تعليمه في السويداء ثم بجامعة دمشق حيث درس الحقوق “القانون” ، وتولّى منصب مشيخة العقل عام 2012 بعد وفاة شقيقه في حادث غامض. وقد تدرّج موقفه من الحياد الحذر إلى معارضة علنية إثر حادثة في 2021، عندما تلقّى اتصالًا من ضابط أمني في نظام بشار تضمن تهديدًا لفظيًا مهينًا، ما أثار موجة احتجاجات شعبية في السويداء.
وفي مقابلة مع الـBBC مطلع هذا العام 2025 ، أبدى انفتاحًا تجاه سوريا ما بعد الأسد، داعيًا إلى تغيير سياسي سلمي وهيكلة جديدة للجيش، لكنه اليوم يرى أن المشروع الوطني بات مستحيلًا في ظل استمرار القمع والقتل الجماعي وليس واضح ما هو مشروعه ولكن حسب خبراء فالرجل أصبح مدعوماً من إسرائيل ويميل لحكم فيدرالي مثل حكم ذاتي مستقل للسويداء تحت راية الدروز.
موقف غير مسبوق من إسرائيل
من التصريحات اللافتة التي أثارت الجدل، ما قاله حكمت الهجري لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، حين أعلن صراحة أن “إسرائيل ليست العدو ولم تكن كذلك”،وعلى مدار أكثر من 40 عاماً كان يتم الترويج أن إسرائيل عدواً ..وهذا غير صحيح . معتبرًا أن أولوية السوريين اليوم هي إصلاح الداخل، لا الدخول في صراعات إقليمية باسم قضايا لا تخدم مصالحهم.
بين المطالب الدولية والانقسامات الداخلية
أثارت دعوته لتدويل القضية الدرزية ردود فعل متفاوتة؛ فبينما اعتبرها البعض صرخة مشروعة لإنقاذ ما تبقى، رآها آخرون موقفًا غير مدروس قد يُستغل لتفتيت البلاد. في ظل استقواء الرجل بغسرائيل والغرب كما أنه صرح قائلاً ما يحدث لللدروز في سوريا بالسويداء حاليا مثل ما حدث لإسرائيل في 7 أكتوبر من (حماس) في تشبيه غريب يجمع الدروز وإسرائيل ويتجاهل ما تفعله إسرائيل في غزة
مشيخة عقل ثانية: الوحدة لا الانفصال
وفي مقابل خطاب الهجري التصعيدي، صدر بيان مشترك من الشيخين حمود الحناوي ويوسف الجربوع باسم “مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز”، شدد على ضرورة التمسك بوحدة التراب السوري ونبذ الفتنة والانفصال، معتبرًا أن أي حل يجب أن يمر عبر الحوار الوطني لا التدويل.
مصير العلاقة بين السويداء ودمشق.. إلى أين؟
ما يحدث في السويداء لم يعد مجرد مطالب حقوقية أو اشتباكات محلية، بل بات يعكس صراعًا أعمق ، وطائفة تبحث عن دور ومكان وشراكة حقيقية. وبين دعوات التهدئة وتنامي الغضب الشعبي، يبقى مستقبل العلاقة بين الدروز والنظام السوري مفتوحًا على جميع الاحتمالات، من الفيدرالية إلى المواجهة، ومن الحوار إلى الانفصال الرمزي، ما لم تُبادر الدولة إلى تصحيح المسار واستعادة الثقة.