متحف سويدي يعرض لزائريه لغز غرق تيتانيك السويد
عندما تدخل المتحف سوف تجده مخصص لعرض سفينة حربية ملكية تدعى “فاسا” تيمنا باسم الملك السويدي غوستاف فاسا الذي أمر ببنائها العام 1626، ويمكن وصفها بـ”تيتانيك” عصرها.
وتعد اليوم السفينة الوحيدة في العالم المتبقية من القرن السابع عشر، كما أنها أكبر أحجية لسفينة غارقة تم انتشالها من أعماق البحر بعد أكثر من 333 عاما ثم إعادة تركيب قطعها البالغة أكثر من 14 ألف قطعة خشبية مزخرفة ومذهبة حتى استعادة السفينة وضعها الأصلي.
واستغرقت إعادة بناء السفينة عامين، وكان يعمل في المشروع حوالي 400 رجل وامرأة تمكنوا من بناء سفينة عملاقة تحمل 3 صواري كبيرة قادرة على حمل 10 أشرعة.
ويصل ارتفاع السفينة إلى 52 مترا، وطولها 69 مترا، أما وزنها فحوالي 1200 طن، وتحوي 64 مدفعا. وعند بنائها لأول مرة كان الهدف أن تصبح من أهم السفن في الأسطول البحري السويدي، غير أن الرياح لم تجر بما تشتهي فاسا.
أبحرت السفينة العملاقة من أمام قصر التيجان الثلاثة في ستوكهولم في 19 أغسطس 1628 م، وعلى متنها 150 بحارا. غير أنها جنحت بعد فترة قصيرة للغاية من إبحارها نتيجة هبوب رياح متوسطة، ففقدت فاسا توازنها بعد دخول المياه إليها من مرابض المدافع التي كانت مفتوحة، وغرقت مبتلعة 30 بحارا من بين 150.
وبحسب الباحثين، يعود السبب في غرقها إلى أنه في القرن السابع عشر لم تكن هنالك معرفة بالحسابات النظرية المتعلقة بتوازن السفن، فكانت تبنى على أساس الخبرات السابقة دون إجراء تجارب بناء مسبقة، حيث تم وضع مدفعية ثقيلة على طابقين من السفينة دون مراعاة للوزن الذي أثقل قاع السفينة فوق مستوى الماء، ما أدى إلى فقدان قدرتها على استعادة توازنها بسبب الرياح، وانتهى الأمر بالغرق.
وقام العالم الأثري أندرس فرانزين بين عامي 1954 و1956 بالبحث عن حطام السفينة فاسا في قاع أرخبيل ستوكهولم.
واستند إلى وثائق من القرن السابع عشر لتحديد موقع الحطام، واستخدم جرافات تم سحبها في قاع البحر من خلال قوارب ذات محركات مستعينا بغواصين أيضا.
وفي 25 أغسطس وخلال عمليات البحث اصطدمت الجرافة بهيكل كبير من خشب البلوط وبذلك اكتشف موقع السفينة. وتم الشروع بسحبها خريف العام 1957 عن طريق قيام غواصين بفتح ممرات تحت موضع السفينة لكي يتم وضع الحبال لرفعها.
وفي 24 أبريل 1961 طفت السفينة من جديد على سطح المياه بعد أكثر من ثلاثة قرون في الأعماق، وتم انتشال ما يزيد على 14 ألف قطعة خشبية ومنحوتات مع السفينة.
وجرى حفظ أجزاء السفينة بشكل منفصل حتى تم تجميعها سويا في هيكل السفينة، التي تعد أكبر عملية ترميم في العالم لسفينة تم انتشالها من قاع البحر. ولا تزال الأبحاث جارية عن محتويات وأجزاء السفينة ومقتنيات البحارة من الخشب والأقمشة والمعدات وأدوات المعيشة والأسلحة والمدافع وغيرها من القطع.
ويضم المتحف مختبرات خاصة يقوم عليها علماء وباحثون في الآثار من أجل حفظها وترميمها ودراستها.
وبين الحين والآخر يعلن الكشف عن نتائج أبحاث جديدة، واكتشاف أسرار أخرى لهذه التحفة الفنية المهمة من خلال مؤتمرات صحافية.
وتعد فاسا اليوم، والمحفوظة في هذا المتحف الكبير، من أهم الرموز الوطنية للبلاد.
ويفتح المتحف أبوابه يوميا أمام الآلاف من الزوار من مختلف الجنسيات. ومن الجيد أن كنت بالسويد أن تشاهد هذه التحفة التاريخية المميزة .